حذّرت قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل) السبت من نزاع إقليمي "كارثي" مع تواصل القتال بين إسرائيل وحزب الله وحماس على جبهتي لبنان وغزة.

وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية السبت أن القصف الجوي الإسرائيلي على بلدتين قرب العاصمة بيروت أسفر عن مقتل تسعة أشخاص. وذكرت وسائل الإعلام الرسمية في وقت لاحق أن غارة إسرائيلية استهدفت سوقا في مدينة النبطية الكبيرة في جنوب البلاد.

وجاء تحذير الأمم المتحدة بعدما حضّ الجيش الإسرائيلي السبت سكان جنوب لبنان على عدم العودة إلى منازلهم "حتى إشعار آخر".

وكتب المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي على منصة إكس أن الجيش "يواصل استهداف مواقع حزب الله في قراكم أو بالقرب منها" موضحا "من أجل سلامتكم، يُمنع العودة إلى منازلكم حتى إشعار آخر".

من جهته، أعلن حزب الله السبت شنّ هجمات بالصواريخ والمسيّرات على مواقع تمتد من الشريط الحدودي إلى مدينة حيفا، وذلك في يوم الغفران، أقدس الأعياد اليهودية.

في شمال إسرائيل، دوت صفارات الإنذار، وقال الجيش إنه اعترض عددا من المقذوفات التي أطلقت من لبنان.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن حزب الله أطلق نحو 320 مقذوفا على إسرائيل خلال نهاية الأسبوع في يوم الغفران، كما أعلن أنه قصف نحو 280 "هدفا إرهابيا" في لبنان وغزة خلال الفترة نفسها.

وللمرة الثالثة منذ بدء التصعيد، أعلن الجيش خمس بلدات على طول الحدود اللبنانية "مناطق عسكرية مغلقة".

في خضم ذلك، قال المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تيننتي في مقابلة مع وكالة فرانس برس السبت إنّ النزاع بين حزب الله وإسرائيل "قد يتحول قريبا جدا إلى نزاع إقليمي له آثار كارثية على الجميع".

وأعلنت قوة حفظ السلام الأممية إصابة خمسة من عناصرها في جنوب لبنان خلال يومين فقط، وقال تيننتي إن "الكثير من الأضرار" لحقت بمواقعها.

ومن المرجح أن تتجه الأنظار مجددا، بعد عطلة يوم الغفران، إلى الرد الإسرائيلي المتوقع على إيران التي أطلقت نحو 200 صاروخ على الدولة العبرية في الأول من تشرين الأول/أكتوبر في هجوم قالت إنه رد على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله ورئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية.

في الأثناء، يواصل الجيش الإسرائيلي هجوما بريا وجويا كثيفا في شمال غزة، خصوصا في جباليا ومحيطها، وقد أعلنت وزارة الصحة التي تديرها حماس مقتل 49 شخصا في الساعات الـ24 الأخيرة في أنحاء القطاع المدمر والمحاصر.

وواجهت إسرائيل ردود فعل دبلوماسية حادة بعد أن اتهمت اليونيفيل جيشها بإطلاق النار "عمدا" على مواقع لها، ما أدى في حادثتين منفصلتين إلى إصابة أربعة جنود أمميين.

وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده تعاملوا مع "تهديد فوري" على بعد نحو 50 مترا من مقر اليونيفيل في منطقة الناقورة، وتعهد إجراء "مراجعة شاملة".

لكن رئيس أركان الجيش الإيرلندي شون كلانسي قال إن ما حدث "ليس عملا عرضيا"، وأبدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اعتقاده ان قوة حفظ السلام "استُهدفت عمدا".

والبلدان من المساهمين الرئيسيين في قوة اليونيفيل التي يناهز عديدها 10 آلاف عنصر منتشرين على الحدود بين إسرائيل ولبنان.

وأكد المتحدث باسم اليونيفيل أندريا تيننتي لفرانس برس إن القوة رفضت الانسحاب لمسافة خمسة كيلومترات شمالا داخل الأراضي اللبنانية بطلب من الجيش الإسرائيلي.

وفشلت حتى الآن جهود إنهاء القتال، لكن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي قال إن حكومته ستطلب من مجلس الأمن الدولي إصدار قرار جديد يدعو إلى "وقف تام وفوري لإطلاق النار".

وحضّ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال اتصال هاتفي برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري السبت حزب الله على أن "يوقف فورا" قصف إسرائيل، مؤكدا أنه يجب "التوصل فورا" إلى وقف لإطلاق النار في لبنان.

وقتل السبت تسعة أشخاص وأصيب 28 آخرون في غارتين إسرائيليتين استهدفت إحداهما بلدة المعيصرة في كسروان شمال بيروت والثانية بلدة برجا في منطقة الشوف جنوب بيروت، وفق ما أعلنت وزارة الصحة، ولا تعد المنطقتان من المعاقل التقليدية لحزب الله.

ومساء، قالت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية "نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي قرابة الثامنة والربع من مساء اليوم غارة استهدفت وسط السوق التجاري في مدينة النبطية" التي تبعد نحو12 كلم من الحدود مع إسرائيل، بدون أن تشير حتى الآن إلى وقوع ضحايا.

منذ بدء التصعيد عبر الحدود في تشرين الأول/أكتوبر 2023، قُتل أكثر من 2100 شخص في لبنان، بينهم نحو 1200 منذ تكثيف القصف الإسرائيلي في 23 أيلول/سبتمبر، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام رسمية.

كما أحصت الأمم المتحدة حوالى 700 ألف نازح داخل لبنان، مع فرار نحو 400 ألف شخص، معظمهم سوريون، إلى سوريا.

وفي دعم جلي لحزب الله حليف طهران، زار رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف السبت موقع الغارة الإسرائيلية الأعنف التي استهدفت قلب بيروت الخميس وأسفرت عن مقتل 22 شخصا على الأقل.

وقال مصدر مقرب من حزب الله إن الضربة استهدفت القيادي في الحزب وفيق صفا، لكن حزب الله أو إسرائيل لم يؤكدا رسميا أنه كان الهدف.

وتأتي زيارة قاليباف إلى لبنان بعد أن تعهدت إسرائيل الرد على الهجوم المباشر الثاني لإيران على أراضيها.

وتعهد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن يكون الرد "قاتلا ودقيقا ومفاجئا".

من جهتها، دعت الولايات المتحدة حليفتها إسرائيل إلى رد "متناسب" لا يدفع المنطقة إلى حرب أوسع نطاقا، وحضّ الرئيس جو بايدن على تجنب ضرب المنشآت النووية أو البنية التحتية للطاقة الإيرانية.

بدأت المواجهات بين إسرائيل وحزب الله غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 مع فتح الحزب اللبناني "جبهة إسناد" لقطاع غزة.

وخلفت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة دمارا هائلا، وأسفرت عن مقتل 42175 شخصًا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفق بيانات وزارة الصحة التي تديرها حركة حماس في القطاع.

تستمر العمليات الإسرائيلية في غزة، حيث يفرض الجيش حصارا على جباليا في الشمال، ما يتسبب في مزيد من المعاناة لمئات آلاف الفلسطينيين المحاصرين في المنطقة، وفق وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وأصدر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي السبت تحذيرا جديدا لإخلاء منطقة الشيخ رضوان جنوب مخيم جباليا.

ونشر خارطة على منصة إكس قائلا إن "المنطقة المحددة بما فيها المآوي الموجودة فيها تعتبر منطقة قتال خطيرة"، داعيا السكان إلى التوجه إلى المنطقة "الإنسانية" جنوب قطاع غزة.

لكن عددا من هؤلاء أعربوا عن عدم استعدادهم للامتثال، وأكدوا في تصريحات لوكالة فرانس برس أنه لا يوجد مكان آمن لا في جنوب ولا في شمال قطاع غزة.

وأفاد مراسل فرانس برس في غزة بوقوع قصف عنيف وإطلاق نار السبت في حي الزيتون في مدينة غزة.