أكّد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أهمية الوثيقة العربية باعتبارها من القواعد الأصيلة التي ترتكز عليها هوية الأمم والشعوب وشاهدًا على التاريخ، وذاكرة الأجيال المقبلة، مشيرًا إلى أن الأرشيف الوثائقي يمثل جزءًا لا يتجزأ من الموروث الثقافي العربي وأحد مقومات الهوية الوطنية للأمة العربية.

جاء ذلك في كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية خلال الفعالية التي أقامتها الأمانة العامة للجامعة اليوم، احتفالًا بيوم الوثيقة العربية لعام 2024 والتي ألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد رئيس قطاع الرقابة الإدارية السفير حسين الهنداوي.

وقال أبو الغيط: إن الحفاظ على هذا الإرث وصونه ليس فقط واجبًا أصيلًا، بل مسؤولية باتت ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى، خاصة في ظل هذا المنعطف التاريخي الحاسم الذي تتعرض فيه منطقتنا العربية لتحديات غير مسبوقة تهدد أمنها واستقرارها، وتفرض علينا أن نتنبه إلى خطورة الأوضاع التي تواجه الأرشيفات العربية من محاولات طمس هويتها وتزوير مضمونها التاريخي وتشويه التراث الفكري للأمة العربية .

وأضاف " أنه في ضوء الدور المهم الذي يقوم به الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف في الحفاظ على الأرشيفات العربية وصونها، ندعوه للاهتمام بإثراء سجل ذاكرة العالم بالإسهامات الوثائقية العربية المتميزة والفريدة التي تحفظ حقوق الأمم والشعوب العربية وتسهم في إثراء الحضارة البشرية والعمل على دعم الحفاظ على المخطوطات والمحفوظات والصور والخرائط القيمة في العالم العربي بكافة الأساليب التكنولوجية الحديثة وخلق بيئة مستدامة لهذا الإرث النفيس لمواجهة المخاطر المحدقة به".

وأشار إلى أن عامًا كاملًا مضى على الحرب الدامية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة وسائر الأراضي الفلسطينية، أي عام من الإبادة والتطهير العرقي جراء مجازر الاحتلال التي تعوق أفق السلام ولعل تزامن احتفالنا اليوم مع ذكرى الاحتفال بيوم التراث الفلسطيني يُمثل فرصة سانحة لتسليط الضوء على أنه ثمة ذاكرة كاملة للشعب الفلسطيني تتعرض للتدمير الممنهج والنهب والسلب والاغتصاب، الأمر الذي يتطلب انتفاضة مجتمع الأرشيفيين والوثائقيين في شتى أنحاء العالم للحفاظ على تلك الذاكرة الحية للشعب الفلسطيني.

وذكر أن جامعة الدول العربية قدمت في عام 2016 الدعم السياسي والمعنوي اللازم لهذه القضية المهمة، حيث وضعت إستراتيجية عربية موحدة لاستعادة الأرشيفات العربية المنهوبة والمسلوبة لدى الدول الأجنبية والاستعمارية بهدف توفير الحماية اللازمة لهذه الأرشيفات من التدهور والاندثار والتهريب ووضع الأطر القانونية لمنع سوء التصرف بها، باعتبارها أحد ركائز ومقومات الهوية العربية في وقت أصبح تزوير الهوية وتفكيكها احدى أدوات السيطرة على الشعوب واستعمارها.

وأبرز أن فعالية اليوم وما تتضمنه من جلسات علمية مهمة، تعقد تحت عنوان "الأرشيف الأخضر: نحو أرشيف عربي مستدام، ليس فقط لتسليط الضوء على التكنولوجيا الحديثة واستخداماتها في قطاع الأرشيف مثل الذكاء الاصطناعي والوثائق والسجلات الرقمية، بل للتركيز أيضًا على مفهوم المعرفة المستدامة وتطوير قطاع الأرشيف محليًا وإقليميًا، وكذلك أهمية تبني ممارسات بيئية مسؤولة في قطاع الأرشيف والوثائق في ظل التغيرات المناخية التي نشهدها اليوم، والتحولات المتلاحقة في قطاع تكنولوجيا المعلومات من خلال تبادل التجارب الناجحة والخبرات المتراكمة بين قادة قطاع الأرشيف والوثائق والخبراء والأكاديميين في الوطن العربي.