أعلنت وزارة المالية السعودية عن تفاصيل الأداء الفعلي للميزانية العامة للدولة لعام 2024، وذلك عبر التقرير الربعي الرابع، الذي يوضح الإيرادات والمصروفات والتمويل والدين العام حتى نهاية العام. تكشف هذه البيانات عن استمرار الحكومة في تنفيذ خططها الاقتصادية، رغم التحديات التي واجهت الأسواق العالمية، خصوصًا في قطاع الطاقة، وتغيرات الإيرادات غير النفطية.
بلغ إجمالي المصروفات الفعلية للميزانية خلال عام 2024 حوالي 1.374 تريليون ريال، فيما سجلت الإيرادات 1.259 تريليون ريال، ما أدى إلى تسجيل عجز مالي قدره 115.6 مليار ريال. هذا العجز يُعد انعكاسًا لعدة عوامل، منها تذبذب أسعار النفط، والزيادة في بعض المصروفات الحكومية.
وفي مقارنة مع ميزانية عام 2023، نجد أن المصروفات ارتفعت بنسبة 6%، حيث بلغت العام الماضي 1.293 تريليون ريال، بينما زادت الإيرادات بنسبة 4% مقارنة بـ 1.212 تريليون ريال في 2023. وعلى الرغم من هذا التحسن الطفيف في الإيرادات، فإن الإنفاق الحكومي تجاوز الدخل، مما أدى إلى تسجيل العجز المذكور.
خلال الربع الأخير من العام، شهدت الميزانية تسجيل إيرادات بقيمة 302.8 مليار ريال، في مقابل مصروفات بلغت 360.5 مليار ريال، ما أدى إلى عجز مالي قدره 57.6 مليار ريال. وعلى الرغم من استمرار العجز في هذا الربع، فإن الإيرادات غير النفطية واصلت نموها، مما يشير إلى نجاح الحكومة في تعزيز مصادر الدخل غير المعتمدة على النفط.
شكلت الإيرادات النفطية النسبة الأكبر من الدخل، حيث بلغت 756.6 مليار ريال خلال عام 2024، إلا أنها سجلت انخفاضًا طفيفًا مقارنة بالعام السابق بنسبة 0.3%. أما في الربع الرابع تحديدًا، فقد سجلت الإيرادات النفطية 170.8 مليار ريال، بانخفاض حاد بلغ 31% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ما يعكس تأثرها بتقلبات أسعار النفط العالمية.
وفي المقابل، سجلت الإيرادات غير النفطية نموًا بنسبة 10%، لتصل إلى 502.4 مليار ريال بنهاية 2024. وارتفعت الضرائب على السلع والخدمات بنسبة 10% لتصل إلى 288.8 مليار ريال، كما زادت الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية بنسبة 11%، ما يعكس تحسن النشاط الاقتصادي وتعزيز الكفاءة الضريبية. أما الإيرادات الأخرى، فقد ارتفعت بنسبة 21% لتصل إلى 121.9 مليار ريال، مما يدل على جهود الحكومة في تعزيز مصادر الدخل المتنوعة.
شهدت المصروفات الحكومية خلال عام 2024 زيادة في عدة قطاعات رئيسية، حيث تصدرت تعويضات العاملين قائمة الإنفاق، وبلغت 562.2 مليار ريال، بارتفاع 5% عن العام السابق. كما سجل الإنفاق على السلع والخدمات حوالي 313 مليار ريال، بينما بلغت نفقات التمويل 44.5 مليار ريال، بزيادة 18% مقارنة بعام 2023.
أما الإعانات، فقد ارتفعت بشكل ملحوظ بنسبة 63% لتصل إلى 34 مليار ريال، فيما تراجعت المنح بنسبة 38% مقارنة بالعام السابق. كذلك، زادت المصروفات الأخرى بنسبة 20%، ما يشير إلى استثمارات إضافية في قطاعات غير مدرجة بشكل مباشر ضمن التصنيفات التقليدية.
وفي قطاع المشاريع الرأسمالية، بلغت المصروفات على الأصول غير المالية (المشروعات التنموية والاستثمارات في البنية التحتية) حوالي 190.6 مليار ريال، بارتفاع طفيف عن العام السابق بنسبة 2%، مما يعكس استمرار الحكومة في تنفيذ مشاريع التنمية الكبرى رغم التحديات المالية.
نظرًا للعجز المسجل البالغ 115.6 مليار ريال، لجأت الحكومة إلى تمويله بالكامل عبر الاقتراض، دون اللجوء إلى الاحتياطي العام للدولة. وتم تغطية العجز عن طريق إصدار أدوات دين بقيمة 115.6 مليار ريال خلال العام، مما يعكس استراتيجية الحكومة في إدارة ديونها بفعالية دون المساس بالاحتياطيات السيادية.
بالرغم من تسجيل العجز، حافظت المملكة على مستويات جيدة من الاحتياطيات المالية، حيث بلغ رصيد الاحتياطي العام للدولة 390 مليار ريال بنهاية 2024، بينما سجل الحساب الجاري 43 مليار ريال، مما يدل على استقرار مالي نسبي، وقدرة الحكومة على إدارة النقد بفعالية.
ارتفع الدين العام للمملكة ليصل إلى 1.215 تريليون ريال بنهاية 2024، مقارنة بـ 1.050 تريليون ريال في بداية العام، حيث تم إصدار ديون جديدة بقيمة 167.6 مليار ريال، مقابل سداد ديون بقيمة 73.8 مليار ريال. ويشمل الدين العام 738.2 مليار ريال كديون خارجية، و477.6 مليار ريال كديون داخلية، مما يعكس اعتماد المملكة على مزيج متوازن من التمويل المحلي والدولي.
تنوعت المصروفات عبر مختلف القطاعات الحكومية، حيث استحوذ قطاع التعليم على أكبر حصة من الإنفاق، بقيمة 209.9 مليار ريال، يليه قطاع الصحة والتنمية الاجتماعية الذي شهد إنفاقًا بقيمة 255.9 مليار ريال، بارتفاع 7% عن العام السابق. أما القطاع العسكري، فقد بلغ إنفاقه 254.4 مليار ريال، مسجلًا انخفاضًا طفيفًا بنسبة 7% مقارنة بعام 2023.
وفي المقابل، شهدت الخدمات البلدية زيادة كبيرة في الإنفاق بنسبة 51%، لتصل إلى 76.9 مليار ريال، مما يعكس تركيز الحكومة على تحسين البنية التحتية والخدمات العامة. كما ارتفع الإنفاق على التجهيزات الأساسية والنقل بنسبة 9%، ليصل إلى 40.4 مليار ريال.