تعتبر الأحساء إحدى مناطق المملكة ويطلق عليها المنطقة الشرقية وكانت قبل ذلك التاريخ قاعدة البحرين، أما اليوم فيطلق لفظ الأحساء على المنطقة الممتدة على الساحل الغربي من خليجنا العربي أي من جنوب الكويت حتى حدود قطر وعمان وصحراء الجافورة ومن الغرب يحدها الصمان. والأحساء الآن يطلق عليها المقاطعة الشرقية ويحدها غرباً عقبة الفروق كصبور، وشمالاً القطيف وجودة، وشرقاً رمال العقير، وجنوباً رمال يبرين وقاعدتها في الوقت الحاضر الهفوف.

الأحساء مدينة بالبحرين معروفة أول من بناها وحصنها وجعلها عاصمة هجر أبو طاهر سليمان بن أبي الجنابي القرمطي سنة 317هـ، والأحساء هو الماء الذي تنشفه الأرض من الرمل، فإذا صار إلى صلابة أمسكته فتحفر العرب عنه الرمل فتستخرجه، وقد أطلق اسم الأحساء على هذه المنطقة لكثرة الأحساء فيها وهي مشهورة بكثرة مياهها وينابيعها الوفيرة التي تسمت باسمها.

الرسائل تظهر الجوانب الإنسانية والوطنية في شخصية الملك المؤسس

الأحساء إطلالة تاريخية

والأحساء في تلك الحقبة مراسٍ أو موانئ مهمة وهي: القطيف، والعقير وهو أقرب المراسي للأحساء أو للهفوف التي هي مركز الحكم، وهو جرعاء القديمة، أحد أسواق الجزيرة العربية المهمة ومركز تجاري على الخليج منذ ما قبل الفتح الإسلامي، وكانت ملتقى المنتجات الهندية ومنه تصعد إلى دجله ثم سورية كما يتفرع من ميناء العقير طرق تصلها باليمن في الجنوب، وأيضاً بتيماء ثم البتراء .. في الشمال ثم ساحل القطيف الذي كان يسمى الخط، نسبة إلى الرماح الخطية التي كانت تحمل إليه من بلاد الهند، ثم تصنع فيها وتباع في البلاد الأخرى.

كانت البحرين تسمى باسم أوال والأحساء باسم هجر. والأحساء مدينة عظيمة من أعظم المدن ذات أشجار وأنهار لم يشاهد مثلها، أنهار تتفجر من بطنها ونخيلها وفواكهها قيل إنها أحسن في صفتها وذاتها وهوائها من البصرة المشهورة، اسمها الأول البحرين ولكن الأحساء غلب عليها.

وهذه المنطقة مشهورة بمياهها وينابيعها وعيونها المتعددة منها المعدنية والفوارة الدافئة والحارة، مما جعلها تمتاز بخصوبة أرضها القابلة للزراعة والأحساء فيه النخيل والبساتين العظيمة والحدائق الملتفة في كل أنحائها، وقد ساعدت كثرة هذه العيون على زراعة الأرز والحنطة والشعير وغير ذلك من الحبوب.

والثروة الحيوانية في الأحساء تتمثل في أحسن الخيول العربية الأصيلة، كما يوجد في مياه المنطقة ثروة كبرى من الأسماك حتى إنهم يطعمون البقر بأنواع من الأسماك الصغيرة لوفرتها، كما يعلفون بعض الحيوانات من التمر القديم، والذي عليه الحول، وهذه دلالة على الفائض السنوي الذي كان يزيد على حاجة سكان البلاد.

ومن أشهر ثرواتها الطبيعية في ذلك العصر اللؤلؤ الذي كان حتى عهد قريب هو أحد الموارد الاقتصادية التي تدر على البلاد الربح الكثير، وكان يأتي في المرتبة الثانية بعد الزراعة وكان اللؤلؤ يمثل ثروة كبيرة خاصة عندما يقوم تجاره بتبادله مع البضائع الأجنبية التي ترد إليهم من الهند وغيرها من البلدان الأخرى، وقد كانت حاصلات اللؤلؤ تقدر بأربعة ملايين وست مئة ألف روبية هندية من الدخل القومي للبلاد في السنة، وقد يطغى بعض الأحيان على الاشتغال بالزراعة، وكاد في أيام ازدهاره أن تهمل الزراعة لأرباحه المغرية، ولكن الدولة أصبحت لا تعتمد على البترول بل نوعت مصادرها وعادت تنمية الزراعة والصناعة التي بدأت تزيد الثروة الاقتصادية \للبلاد، بعد أن استصلحت الأراضي البور للزراعة ونشطت الصناعة بفضل ما تقدمه الدولة مصادرها الإنتاجية والصناعية التي تتقدم من يوم إلى آخر نحو مستقبل زاهر واستقرار دائم.

والصناعات التي كان يشتهر بها أهل الأحساء أهمها نسج المشالح، وما زالت حتى الآن، ولكنها ليست بالكمية السابقة في تلك الفترة إلى جانب بعض الحرف الأخرى مثل صناعة الحصر والأدوات الطينية التي تستهلك في الغالب محلياً، والحدادة الخفيفة لصناعة الأدوات الزراعية، وما شابه ذلك.

وأشهر مدن الأحساء هي القطيف، وكان قديما اسما لكورة بالبحرين غلب عليها اسم القطيف، وإليها تنسب الرماح الخطية الشهيرة والتي تسمت باسمها وصار يطلق عليها الخط وهي أحد موانئ الأحساء المهمة، وتقع على سيف البحر في آخر الزاوية الشمالية الشرقية للأحساء. وأشهر مدنها دارين، وكانت دارين مرفأ أو ميناء تجارياً مهماً في الزمن الماضي، وكانت حلقه وصل بين الهند والجزيرة العربية، تصل إليها توابل الهند وعطورها، وقد كانت من أهم موانئ صيد اللؤلؤ، وتاروت التي تسمت باسم صنم كان يعبد بها زمن الجاهلية وأيضاً الزور، وسنابس، وصفوى، وسيهات، والحبش، والجاردوية، وأم الخمام، والخويلدية، والعوامية، والقديح، وأم الساهك، وعنك. وفي هذه المنطقة عيون جارية ونخيل وأشجار الفاكهة. كما تعرف الأقسام الواقعة غربي القطيف باسم واحة الصفوي.

الهفوف تقع في الزاوية الجنوبية الغربية من رقعة الأحساء يفصلها عن جميع قرى الأحساء حزام من النخيل والحدائق

والهفوف: أو لهفوف سميت بهذا الاسم لتهافت الناس إليها لرغبتهم فيها.

فالمهاجرون إلى الأحساء من جميع الأقطار يفضلون سكنى تلك المنطقة لكونها عصمة الأحساء ومدينة التجارة والبيع والشراء، وكانت قبل ذلك تدعى هجر وفي القرن الرابع الهجري سميت بالأحساء الذي شمل أخيراً كل المنطقة والهفوف تقع في الزاوية الجنوبية الغربية من رقعة الأحساء يفصلها عن جميع قرى الأحساء حزام من النخيل والحدائق، والهفوف خمل حلل، والحلل عرفها الفيروزي آبادي وقال: هي جماعة بيوت الناس أو مئة بيت، والجمع حلل وحلال وتسمى باللغة العامية الفريق وهي: الكوت - والنعاثل - والرقعة - والصالحية - والرقيقة.

أما الكوت فهو القلعة وهي كلمة برتغالية كثير استعمالها بعد دخول البرتغال في الخليج العربي. فهي ليست عربية وسمي الكوت لأنه كان محاطاً بسور وخندق تفصله عن بقية المدينة وفيه مقر الإمارة وعلى السور أبراج عديدة بناها إبراهيم باشا لحماية البلدة، وقد كانت الكوت مقراً للحامية التركية.

أما عيون الأحساء فتنقسم لقسمين وجميعها تتصف ببرودة الماء وعذوبته، ويقع القيم الأول من العيون في الطرف الجنوبي أما القسم الثاني من العيون فيقع بالجهة الشمالية من منطقة الأحساء.

قصة دخول المؤسس الملك عبدالعزيز إلى الأحساء

في شهر ربيع الأول من سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة وألف هجرية غادر عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل بجيوشه بلد الرياض، عاصمة ملكه، وتوجه إلى الأحساء، ولما نزل على بعض المياه القريبة منها، جاءت النذر إلى متصرف الأحساء، فأخبرته أن عبدالعزيز قد وصل بجيوشه إلى قرب الأحساء، فأرسل المتصرف رسولا يسأل عبدالعزيز عما يريد في هذه الناحية، فأجابه أني أريد أن أغزو قوماً معادين لنا في جهة الكويت، وأريد شراء الطعام من الأحساء لتموين الجيش، وفعلاً أرسل قافلة، واشتروا كمية من التمر والأرز، وما يحتاجون إليه واستنفر من كان في جهة الأحساء من قبيلة العجمان ووعدهم ماء بعيدا في جهة الشمال، وقصد بذلك أبعادهم عن الأحساء، لأنه لا يأمن شرهم، ولما تم له ما أراد ارتحل يغذ السير، فوصل البلاد ليلة الخامسة من جمادى الأولى، سنة إحدى وثلاثين، وأحاطت جودة بالرقيقة، وسار هو مع ست مئة رجل من أهل الرياض والخرج، واتجهوا إلى الكوت من الناحية الغربية - وتسور السور وتبعه الجند، وكان حرس السور نائمين، فاستيقظ رجل من الحرس وزجرهم، فأناموه واتجهوا بعد زولهم إلى الكوت إلى الباب الشرقي، الذي يلي السوق، وقتلوا من حوله، وفتحوه والناس يغطون في نومهم، ثم أمر من كان معه أن يصعدوا إلى البروج التي في السور، وينزلوا من كان فيها من الحرس، ومن قاتلكم فاقتلوه، ففعلوا ما أمرهم، ولما ملك السور والبرج ولم يبقَ إلا الحصون، أمر منادياً ينادي بأعلى صوته:

(إن الملك لله ثم لعبدالعزيز بن عبدالرحمن آل فيصل) فاستيقظ الناس على صوت البنادق المتبادلة، بين الجند، وبين الجنود العثمانية القابعة في الحصون، واتجه عبدالعزيز إلى بيت الشيخ عبداللطيف الملا، ولما علم الناس بحقيقة الأمر سارعوا في آخر ليلهم إلى عبدالعزيز يهنئونه بالفتح، ويبايعونه على السمع والطاعة، على كتاب الله ورسوله، ولم تطلع الشمس حتى بايعه جميع سكان بلد الهفوف قاطبة، ثم أرسل إلى المتصرف فضيلة الشيخ أبي بكر الملا يقول له: إما أن يسلم ويخرج هو ومن معه من عساكر الدولة سالمين محمولين إلى العقير وإلا هاجمناهم حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فاستشار المتصرف فضيلة الشيخ، فأشار عليه بالتسليم والخروج بالسلامة لأن سكان البلاد لا يرغبون في بقائكم، فحينئذ سلموا وخرجوا من القصور إلى الخيام، حتى يتم تجهيزهم، ولم يمضِ ذلك اليوم حتى تمت البيعة من جميع سكان الأحساء، واستولى عبدالعزيز على القصور، ثم إلى البحرين، إلى غير رجعة.

ولما وصلت العساكر إلى ميناء البحرين كثر اللائمون لهم وخوفوهم عقوبة السلطان فاستأجروا سفناً ورجعوا إلى ميناء العقير، وكان فيه سرية من جيش عبدالعزيز، فنزل العسكر إلى العقير ليلاً، وهاجموا السرية، فردتهم السرية على أعقابهم، وأسرت منهم ثلاثين رجلاً، وبلغ عبدالعزيز الخبر وهو في الأحساء، فخرج إلى العقير، وفك الأسرى، وحمل بقية العسكر إلى البحرين، وكتب إلى حاكم البحرين، قاصدين البصرة ولا علم لنا بما كان منهم، ورجع عبدالعزيز إلى الأحساء وأرسل عبدالرحمن بن عبدالله بن سويلم إلى القطيف في سرية، ولم يكن فيها من عسكر الترك إلا فرقة قليلة، فسلموا وركبوا السفن قاصدين البصرة، وتسلم عبدالرحمن بن سويلم الحصن بما فيه، ومكث عبدالعزيز في الأحساء أياماً يرتب شؤونها، وجعل فيها ابن عمه الباسل المقدام عبدالله بن جلوي بن تركي أميراً، وأبقى عبدالرحمن بن سويلم أميراً في القطيف ورحل إلى الرياض بعد ما تم له ما أراد، ومكنه الله في البلاد.

رسائل الملك عبدالعزيز إلى الشيخ محمد العجاجي

تضمنت الوثائق رسائل متعددة بعثت من الملك عبدالعزيز إلى الشيخ محمد بن عبدالعزيز العجاجي -رحمهما الله-، أظهرت تقديره وثقته لشخصية الشيخ محمد العجاجي الذي يعد من زعامات الأحساء وكبارها، كما كانت تجمعه بالملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- علاقة مميزة قائمة على الاحترام المتبادل، والولاء الصادق لولاة الأمر، وكان الشيخ محمد العجاجي من داعمي الملك عبدالعزيز في جهوده لتوحيد البلاد، كما أن الملك عبدالعزيز كان يكلف الشيخ محمد بمهام كثيرة سياسية وإدارية واقتصادية.

وتتضمن هذه الرسائل بمجملها عما يريد جلالة الملك عبدالعزيز إبلاغه للشيخ محمد العجاجي فيها عن وصول رسائله، وعن أحواله وأحوال من معه، ورسالة أخرى بعثها عام 17 / رجب/ 1346، تشعره بأنهم بأتم خير، ويطمئنه عن أحوال البلاد والعباد وأنهم بفضل من الله في بالغ الصحة وأتم العافية.

وتكشف هذه الرسائل على عمق ومتانة العلاقة الإنسانية بين الملك عبدالعزيز والشيخ محمد العجاجي -رحمهما الله-، علاقة تجلت بالثقة التكاملية المسندة المتأمل فيها يجد قوامها التقدير المتبادل والتكامل الوثيق، حيث كان الملك عبدالعزيز شخصية متميزة في بعد نظره ومعرفته لمعادن الرجال يتضح ذلك من سيرته الملكية العطرة وحكمته وشخصيته القيادية الاستثنائية، والتي يظهر بعضها بوضوح في هذه الرسائل فأغلب الرسائل المدرجة في هذا التقرير يغلب عليها تعدد الموضوعات ومن يدقق النظر في رسائل الملك يجد أنها أيضاً نابعة من عقيدة إسلامية صادقة مبنية على القران الكريم والسنة النبوية .

وهذه الرسائل رغم تعدد موضوعاتها ليست إلا صورة من صورة كثيرة في عهد الملك عبدالعزيز الذي تجلت فيه أسوار التوحيد للمملكة العربية السعودية فوحدها على كلمة الحق وشهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله.

ويأتي نشر هذه الرسائل استذكاراً للجوانب الإنسانية العظيمة في حياة الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه-، باعتبارها وثائق تاريخية، ورسائل نادرة مرتبطة ارتباطاً بالتاريخ الوطني السعودي.

الدولة السعودية الأولى اتجهت شرقاً نحو الأحساء لتكون منفذاً على الخليج العربي

شخصية الشيخ محمد العبدالعزيز العجاجي

وفي إطار هذه العلاقة التكاملية نرى أنه من المناسب التطرق إلى شخصية الشيخ محمد العبدالعزيز العجاجي، الذي حظي بثقة مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز ومن قبله والده الإمام عبدالرحمن. فهو الشيخ محمد بن عبدالعزيز بن محمد آل سيف العجاجي هو أبو ناصر، محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن سيف بن علي العجاجي، ولد في التاسع عشر من ذي الحجة من عام 1293هـ في مدينة الرياض، وأمه منيرة السويلم، وآل سويلم من أهل الرياض المشهورين، وهم من العرينات من قبيلة سبيع. نشأ في كنف والديه، وكانت ترعاه والدته المتدينة بسبب كثرة أسفار والده التجارية إلى مكة المكرمة والأحساء والهند. وقد بدأ بحفظ القرآن حتى أتم حفظه كاملاً، وتعلم القراءة والكتابة عند مشايخ الرياض، ثم انتقل مع والده من الرياض إلى الأحساء، واستقر في مدينة الهفوف عام 1309هـ، ونزلا في البيت الذي اشتراه الأمير محمد بن سيف العجاجي في محلة النعائل، حيث تسكن أكثر الأسر النجدية، وكان محمد ذراع والده الأيمن في تجارته، فاكتسب خبرة تجارية جيدة في وقت مبكر ولما توفي والده عبدالعزيز عام 1334 هـ، قام برعاية إخوته من أبيه إبراهيم، وعبدالرحمن، وحسن، واهتم بهم اهتماماً بالغا، كما استعان بهم حينما بدأ بالتجارة الخارجية، حتى أصبحوا من رواد التجار الأحسائيين، وذاع صيته في بلاد الهند والخليج، وعمان والبصرة، والحجاز، وجعل أخاه إبراهيم مساعده الأول، وخاصة في إدارة شؤون المزارع في الأحساء. أما عبدالرحمن فقد صار مسؤولا عن التجارة الخارجية.

وأما أخوه حسن فقد أرسله -وكان برفقته ناصر الكبير يوسف بن الشيخ محمد- وذلك لإكمال تعليمهما بالكويت، وكان المشرف عليهما التاجر الكويتي أحمد الغانم الذي تربطه بالشيخ محمد العجاجي علاقة قوية، وأرسل معهما طباخاً وعاملا يساعدهما على التفرغ للدراسة، ثم أرسلهما إلى الهند لتعلم اللغة الإنجليزية، وبعدما عاد حسن، جعله أخوه مسؤولا عن الأعمال التجارية لشركة محمد بن عبدالعزيز الشيخ محمد العجاجي وإخوانه في البحرين. كانت له تعاملات مع الكثير من تجار المملكة في الأحساء والرياض والقصيم والحجاز، كما كانت له علاقاته التجارية الراسخة مع كثير من تجار الخليج العربي والعراق والهند وغيرها من البلدان، ومن أشهر من تعامل معهم من التجار عبدالعزيز بن محمد الغنام (بريدة)، ومقبل الذكير، والشيخ عمران آل حسين السليم، وعبدالعزيز السليمان الزامل، وفرج بن عامر بن شملان الحقباني، وعلي بن محمد بن شاهين، وحمد بن عبدالعزيز بن حجي، وإبراهيم العبدالعزيز الجميح، وعبدالعزيز وحمد العبدالله الجميح، وعبدالله الناصر بن عبيد وسليمان الناصر بن عبيد، وعبدالعزيز العبدالكريم الذي تربطه علاقة وطيدة، يعتمد عليه في الكثير من الأمور. ومن ذلك أن كلفه الإمام عبدالرحمن بترتيب مالية الأحساء، فقام الشيخ محمد بالتنظيم والترتيب وتوظيف موظفين، ثم كتب تقريراً للإمام يخبره بما عمل وبالوضع الجديد المرتب في المالية. وقد كان الشيخ ممن يعول عليه عند الملك عبدالعزيز في كثير من أمور الأحساء، فأصبح من رجالاته الذين يعتمد عليهم ويثق بهم، حيث كان يراسله باستمرار ويطلعه على المستجدات على الساحة السياسية، وعلى مستوى الدولة ككل. ومن ذلك أن كلفه الملك عبدالعزيز بالإشراف على الفريق الذي يحول السجلات المالية في الأحساء من اللغة التركية إلى العربية، كما أوكل إليه مهمة الإشراف على المجلس البلدي في الأحساء وطلب منه حث الأعضاء على العمل بما يصلح البلد، وتنمية الواردات، وكلفه بكتابة تقرير له عن سير عمل المجلس. وجميع تلك المهام موجودة في وثائق مراسلات الشيخ محمد بن عبدالعزيز مع الملك عبدالعزيز.

الأحساء مدينة بالبحرين أول من بناها وحصنها وجعلها عاصمة هجر أبو طاهر سليمان بن أبي الجنابي القرمطي سنة 317هـ.

أما الأمير عبد الله بن جلوي بن تركي آل سعود، وابنه الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي فقد كانا يقدران الشيخ محمد بن عبدالعزيز ويجلانه، ويستشيرانه في كثير من الأمور، وكان موضع ثقتهما دائماً، وعلاقته بهما أشهر من أن تذكر. وكذلك كان الملك سعود، والملك فيصل، والأمير عبدالعزيز بن مساعد، وغيرهم الكثير من أمراء الأسرة المالكة الكريمة، الذين يحترمون الشيخ محمد بن عبدالعزيز العجاجي ويقدرونه. وللشيخ محمد كذلك علاقة قوية بشيوخ البحرين (آل خليفة، وخاصة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة. كما كانت له علاقات ومراسلات مع كثير من شيوخ دول الخليج مثل الشيخ سعيد بن مكتوم آل حشر حاكم دبي، والشيخ سلطان بن صقر آل قاسم حاكم الشارقة، والشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني حاكم قطر. ومن مواقفه المشرفة دعمه لتسليح الجيش المصري عام 1955م بمبلغ 4000 روبية لدفع الخطر الصهيوني عن البلاد العربية. كما كانت تجمعه علاقة متينة بكبار العلماء مثل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ الذي كان يستشيره في قضاة وكتاب عدل الأحساء لثقته في رأي العم محمد بن عبدالعزيز، وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، وبعض مشايخ آل الشيخ مثل الشيخ محمد بن الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، وكذلك الشيخ القاضي عبدالله بن عمر بن دهيش، وله معهم الكثير من المراسلات. وفي أحيان خاصة يستخدم الشيخ محمد في مراسلاته شفرة رقمية مطولة، حيث تمتلئ الورقة بأرقام متفرقة، لا يفهمها إلا من أرسلت له لأنه يملك حلولا خاصا بها بجوار الأرقام الحروف.

كما كان للشيخ محمد علاقة طيبة بأبناء عمومته في باقي المناطق، في حريملاء وضرما والقصيم، وهناك الكثير من المواقف الدالة على ذلك، وقد كانت تجمعه بجدي لأمي سليمان بن عبدالله آل ثاقب العجاجي (الملقب بالمعنقي علاقة ودية خاصة دل على ذلك رسالة وردت منه كرد على رسالة بعثها جدي سليمان، وتعكس هذه الرسالة رقي أسلوب الشيخ محمد وكرم تعامله مع أبناء عمومته، وحرصه على شؤونهم وقضاء حوائجهم بأريحية ونبل، وهذا نص الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبدالعزيز العجاجي وإخوانه إلى جناب الأمجد الأفخم الأخ المكرم سليمان بن عبدالله العجاجي سلمه الله تعالى وأبقاه آمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على الدوام والسؤال عن أحوالكم أحوالنا من فضل الله كما تحبون وبعد سلمك الله أفادنا الأخ عبدالمحسن بن نافع من قبل الفرزة أن بلادكم مصفية ومطلوبكم فرزة إما منا أو منكم وهذي الساعة المباركة وقد أخذنا فرزة طيبة حديدها فولاد ذكر وحالا هي واصلتكم مع عبدالمحسن بن نافع وهي إن شاء الله وقف لوالدنا عبدالعزيز بن محمد العجاجي نرجو الله أن لا يحرمه أجرها وإن شاء الله ما تردون عنها أحد لا خاص ولا عام وخصوصاً الحمولة العجاجات هم أولى من غيرهم يكون معلومكم هذا منه بلغ السلام كافة الحمولة والعيال ومن لدينا العيال كافة يسلمون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ۱۸ شوال سنة 1345هـ.

كما كانت للشيخ محمد بن عبدالعزيز علاقة خاصة مع جدي عبدالله بن سليمان آل إبراهيم العجاجي، فقد كان جدي عبدالله كثير التردد على الأحساء للتجارة، وفي إحدى المرات وعند نزوله الأحساء نزل في مزرعة الشيخ محمد، ومكث شهراً في الأحساء، وحينما عزم على الرحيل اشترى تمراً وقماشاً من أسواقها ليبيعها في الرياض، فأجبره عمال ابن جلوي على أن يحمل معه تمراً ليسلمه للحكومة في الرياض، وكانت إبله لا تستطيع حمل هذه التمور، فكلم العم محمد بشأنها، فدخل على الأمير وقال له : هذا ابن أخينا جاء من الرياض، وأطلب أن تعفونه من حملها، فقال الأمير "ضيفك ضيفنا يا العجاجي، أبشر بما تريد". وله أيضاً علاقة متينة جداً بثاقب بن إبراهيم العجاجي من الرياض، الذي كانت له غرفة خاصة في الدور العلوي بمنزل الشيخ محمد بن عبدالعزيز، وله أيضاً علاقة جيدة بعبدالله بن محمد العجاجي -رحمه الله -من أهل القصيم، ومحمد بن عبدالعزيز بن عبد الرحمن العجاجي -حفظه الله -من أهل الدرعية، وقد اطلعت على الكثير من المكاتيب بينهما. وكان للشيخ محمد بن عبدالعزيز مواقف مشرفة مع الكثير من أبناء

قصة فتح الأحساء وانضمامها إلى الدولة السعودية

العمومة في كل المناطق ظهرت فيها شهامته وكرمه وقبله، ومنهم محمد بن إبراهيم آل ثاقب العجاجي، وأخوه عبدالله بن إبراهيم آل ثاقب العجاجي، وناصر بن عبدالله آل سيف العجاجي، وعبدالعزيز بن عبدالله آل سيف العجاجي، وصالح بن محمد آل سيف العجاجي، ومحمد بن إبراهيم آل إبراهيم العجاجي، وعبدالرحمن بن عبدالله آل ناصر العجاجي، وغيرهم الكثير من أبناء العجاجي في كل المناطق وله أيضاً مواقف مشرفة مع بعض أبناء عمه الكثران، ومنهم محمد بن إبراهيم (بزيع) الكثيري. ولم تقتصر أفضال الشيخ محمد بن عبدالعزيز على أقاربه وأبناء عشيرته فحسب، بل وصل خيره إلى القريب والبعيد، وكان منزله في الأحساء مكان استضافة للمغتربين وعابري السبيل مهيأ بالخدم والطباخين، يجد فيه المسافر الطعام والشراب والمسكن إلى أن يتيسر أمره، وكانت إقامة بعضهم تستمر بضعة أشهر، وكذلك كانت بيوته في الخبر والبحرين أماكن استضافة للمغتربين ومن مواقفه النبيلة استضافته في بيته بالأحساء للشيخ خالد بن سليمان العدساني وأسرته لأكثر من سنة عند خروجهم من الكويت، وكذلك استضافته لخالد الفرج عندما خرج من الكويت بسبب مضايقات الإنجليز له. إن شخصية بهذا القدر والأهمية عند حكام الدولة السعودية ورجالها، وبهذه الصفات والقدرات التي قل أن تجتمع في شخص واحد لتستحق أن يفرد لها كتاب مستقل، ولعل هذا يكون في القريب العاجل بإذن الله تعالى. تزوج الشيخ محمد بن عبدالعزيز من سارة بنت إبراهيم الجريوي (من بني خالد)، وله منها: ناصر، وسعد الأول (توفي وعمره شهران)، وفهد وسليمان، وعبدالعزيز الأول (توفي وعمره 4 سنوات)، ومنيرة، وعبدالعزيز الثاني، وسعد الثاني (توفي وعمره 3 سنين، وخالد (توفي وعمره ۸ سنوات، والجوهرة، ونورة).

ثم تزوج من الجوهرة الحماد من الحراقيص من بني زيد وأنجبت مریم، زوجة عبدالرحمن بن سليمان أبا الغنيم من بني خالد). ثم تزوج نورة بنت محمد الحسين (من وائل وأنجبت منه أربعة توفوا في مهدهم. وفي آخر أيامه - رحمه الله - مرض مرضاً شديدا رقد على أثره في -مستشفى الظهران، ثم خرج من المستشفى ولم يلبث طويلا حتى انتقل إلى رحمة الله في ذي القعدة من عام ۱۳۸۷هـ الموافق 1967م في منزله الخير، ودفن في مقبرة الكوت بالهفوف بالأحساء.

المصادر :