شهدت مكة المكرمة خلال فترة الحكم الأموي العديد من التغيرات السياسية التي أثرت على إدارة شؤونها وتعيين أمرائها وكانت خلافة يزيد بن الوليد بن عبدالملك واحدة من الفترات التي لم تستمر طويلًا لكنها تركت بصمتها في سياق الأحداث التي مرت بها الدولة الأموية حكم يزيد لم يدم إلا بضعة أشهر حيث تولى الخلافة عام 126هـ بعد وفاة ابن عمه الوليد بن يزيد لكنه واجه معارضة شديدة من داخل البيت الأموي ومن مختلف أقاليم الدولة وكان من أبرز التحديات التي واجهها إدارة الحجاز التي كانت تشهد اضطرابات سياسية بسبب التنافس بين مختلف القوى.

في ذلك الوقت كانت مكة تحت حكم ولاة يتم تعيينهم من قبل الخلفاء الأمويين لكن طبيعة الولاية على مكة كانت تختلف عن باقي الولايات الإسلامية نظرًا لمكانتها الدينية والروحية فلم يكن تعيين أمير لمكة مجرد منصب إداري بل كان يتطلب شخصية تتمتع بحكمة وعدل وقدرة على التعامل مع الحجاج الذين يتوافدون إلى الحرم المكي من شتى أنحاء العالم الإسلامي وكان الأمراء الذين يتم تعيينهم في هذه الفترة غالبًا من المقربين للخلافة لضمان ولائهم التام وتطبيق سياسات الدولة الأموي.

تميزت خلافة يزيد بن الوليد باضطرابات سياسية نتيجة انقسام البيت الأموي بين مؤيديه ومعارضيه مما انعكس على إدارة مكة التي كانت تتأثر دائمًا بالمتغيرات السياسية في دمشق وعلى الرغم من أن يزيد حاول تطبيق بعض الإصلاحات ومحاربة الفساد إلا أن قصر مدة خلافته لم يسمح له بتثبيت سلطته بشكل كامل مما جعل أوضاع الولايات الإسلامية ومنها مكة غير مستقرة خاصة مع بروز معارضة قوية من قبل بعض أفراد الأسرة الأموية الذين رأوا في حكمه خروجًا عن الخط الذي سار عليه أسلافه.

كان أمراء مكة في هذه الفترة يسعون للحفاظ على الأمن والاستقرار وسط هذه الأوضاع السياسية المضطربة حيث كان عليهم التعامل مع التحديات التي تواجه الحرم المكي سواء من حيث تأمين طرق الحجاج أو إدارة الموارد المحلية وكان الحفاظ على الحرم من أي اضطرابات أولوية قصوى لأن أي خلل في مكة قد يؤثر على سمعة الخلافة الأموي بين المسلمين رغم قصر خلافته إلا أن آثار حكم يزيد امتدت إلى مختلف أقاليم الدولة وكان التوتر السياسي أحد العوامل التي جعلت حكمه هشًا وساهمت في النهاية في سقوط الحكم الأموي بعد سنوات قليلة من وفاته ومع ذلك بقيت مكة في تلك الفترة مركزًا روحيًا ودينيًا مهمًا وظل أمراؤها يلعبون دورًا رئيسا في الحفاظ على استقرارها وسط التغيرات السياسية المستمرة.