حمزة بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- كان أخٌ للرسول -صلى الله عليه وسلم- من الرضاعة، ونشأ معه، وكانت تربطهما علاقة من الحب والصداقة قبل الإسلام، إضافةً إلى أنه عمه، فكانت شخصيته ذات أثر خاص في نفس الرسول، وقد كان إسلامه فتحًا للمسلمين، وتوفيرًا لجانب عظيم من المنفعة لهم، يوم كانوا في مكة ضعافًا لا يجرؤون على إعلان إسلامهم، وكان حلم المشركين بقتل النبي الكريم يصطدم بكثير من الوقائع المثبطة، ولما يأسوا من عدم استطاعتهم لقتله عمدوا إلى قتل أقرب الناس إليه، وأحبهم إلى قلبه.

وفي أرض أحد نجح المشركون في قتل حمزة، وقد ابتغوا في قتله أن يؤثروا في نفسية الرسول الأمين، ولعلهم ظنوا أن ذلك يثبط من عزيمته الدعوية، ونشاطه الجهادي، كما ظنوا أن مصرع عَلم شامخ كحمزة سيحدث شرخًا في صفوف المسلمين، ولا شك أن الرسول لم ينظر إلى شيء قط كان أوجع لقلبه من منظر حمزة في أرض أحد، ولكنه كان يبني أُمة.

ولذلك أراد الرسول أن يجعل من الفداء والتضحية درسًا وتوجيهًا، وأراد أن يعلّم الناس أن منظر حمزة، وقد مثّل المشركون به يثير فيه الفخر والاعتزاز، بقدر ما يثير فيه من الإشفاق والحزن، ولذلك فقد سمّى الرسول حمزة بـ «سيد الشهداء عند الله تعالى يوم القيامة»، وكأنه أراده مثلًا أعلى لكل مسلم بعد ذلك، تصبو نفسه إلى لقاء الله شهيدًا في سبيله.

المصدر: الأول في حضارة الإسلام

المؤلف سيد الدين الكاتب