"الأوروبي" يدعو إلى ضبط النفس.. والهند تمنح حسينة الوقت لتقرير مصيرها
حلّ الرئيس البنغلاديشي محمد شهاب الدين برلمان بلاده الثلاثاء، في تلبية لمطلب رئيسي للطلاب الذين قادوا تظاهرات أطاحت برئيسة الوزراء الشيخة حسينة، حسبما جاء في بيان، وقال المتحدث شيب الزمان في بيان "حلّ الرئيس البرلمان".
ويعقد قائد الجيش في بنغلاديش اجتماعات مع قادة الاحتجاجات الطلابية غداة سيطرة الجيش على البلاد بعدما أجبرت التظاهرات الواسعة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة على الاستقالة والفرار. وخرج الملايين إلى الشوارع على مدى الشهر الماضي لمطالبة حسينة (76 عاما) التي تولت السلطة منذ العام 2009 بالاستقالة. وقتل المئات فيما سعت قوات الأمن لإخماد الاحتجاجات، لكن اتسعت رقعة الاحتجاجات لتضطر حسينة أخيرا لمغادرة بنغلاديش على متن مروحية الاثنين مع وقوف الجيش ضدّها.
وامس أعلنت نقابة الشرطة الرئيسية في بنغلاديش أن عناصرها سيلزمون إضرابا، غداة سيطرة الجيش على البلاد بعدما أجبرت التظاهرات الواسعة التي تصدت لها الشرطة بشدة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة على الاستقالة والفرار.
وأفادت "جمعية شرطة بنغلاديش" التي تمثل آلاف الشرطيين، في بيان أنه "إلى أن يتم ضمان سلامة كل من أفراد الشرطة، نعلن الإضراب"، وأعلنت جمعية شرطة بنغلاديش في بيانها "نطلب الصفح عما قامت به قوات الشرطة للطلاب الأبرياء" بعدما استخدمت الشرطة العنف وأطلقت النار على المتظاهرين. وأكدت أن الشرطيين "ارغموا إلى إطلاق النار" ثم وصفوا بأنهم "أشرار".
وأعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان الاثنين في بث على التلفزيون الرسمي استقالة الشيخة حسينة من منصبها كرئيسة للوزراء مؤكدا أن الجيش سيشكّل حكومة تصريف أعمال. وقال بعد وقت قصير من اقتحام الحشود مقر إقامة حسينة ونهبه إن "البلد عانى كثيرا وتضرر الاقتصاد وقُتل عدد كبير من الناس، حان الوقت لوقف العنف".
والثلاثاء، أعلن الطلاب الذين نظّموا الاحتجاجات قبيل اجتماعهم مرتقب مع قائد الجيش أنهم سيضغطون من أجل تولي محمد يونس (84 عاما) الحائز على جائزة نوبل الحكومة المؤقتة. وكتب القائد في حركة "طلاب ضد التمييز" آصف محمد على فيسبوك "نثق بالدكتور يونس". وبينما لم يعلّق يونس على الدعوة، قال في مقابلة أجرتها معه صحيفة "ذي برنت" إن بنغلاديش كانت "بلدا محتلا" في عهد حسينة مضيفا "يشعر جميع سكان بنغلاديش اليوم أنه تم تحريرهم".
واجتمع الرئيس محمد شهاب الدين وقائد الجيش أيضا في وقت متأخر الاثنين، إلى جانب قادة للمعارضة، فيما أعلن فريق العلاقات العامة الخاص بالرئيس أنه تم "اتّخاذ قرار بتشكيل حكومة مؤقتة فورا". ونزل الملايين إلى شوارع دكا للاحتفال بعد إعلان وقر.
في المقابل، سادت كذلك مشاهد الفوضى والغضب إذ أعلنت الشرطة مقتل 109 أشخاص على الأقل الاثنين سقط عدد منهم عندما شنّت حشود هجمات انتقامية على حلفاء حسينة.
وكانت حصيلة القتلى الاثنين الأعلى التي تُسجّل خلال يوم واحد منذ بدء الاحتجاجات مطلع يوليو، ما يرفع إجمالي قتلى التظاهرات إلى 409، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادًا إلى بيانات صادرة عن الشرطة ومسؤولين حكوميين وأطباء في المستشفيات.
والاثنين اقتحم متظاهرون البرلمان وأحرقوا محطات تلفزيونية بينما حطّم عدد منهم تماثيل لوالد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن بطل الاستقلال. وأضرم آخرون النار في متحف مخصص للزعيم السابق لتلتهم ألسنة اللهب الصور في مشهد لم يكن من الممكن تخيله قبل ساعات فقط، عندما كانت حسينة تحظى بدعم القوات الأمنية لحكمها الاستبدادي. وأفاد شهود عيان فرانس برس بأن مكاتب رابطة عوامي، حزب حسينة، تعرضت إلى الحرق والنهب في أنحاء البلاد.
وبدأت الاضطرابات الشهر الماضي على شكل احتجاجات ضد توزيع الوظائف الحكومية بموجب نظام الحصص قبل أن تتصاعد لاحقا إلى دعوات أوسع لحسينة للاستقالة.
واتّهمت مجموعات حقوقية حكومتها بسوء استغلال مؤسسات الدولة لتعزيز قبضتها على السلطة والقضاء على أي معارضة، بما في ذلك عبر قتل ناشطي المعارضة خارج نطاق القضاء.
وأمر الرئيس البنغلاديشي الاثنين بعد لقائه مع وقر بالإفراج عن الأشخاص الذين سجنوا على خلفية الاحتجاجات وعن رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء (78 عاما). وسجنت حسينة رئيسة الوزراء السابقة التي تعاني من وضع صحي متدهور عام 2018 بتهم الفساد. وانتظرت أمّهات مئات السجناء السياسيين الذين احتجزوا سرّا في عهد حسينة خارج مبنى للاستخبارات العسكرية في دكا الثلاثاء، على أمل الحصول على أخبار عن أبنائهم.
وبدا مصير حسينة غير واضح أيضا، وقال مصدر مقرّب منها إنها فرّت من البلاد على متن مروحية. وذكرت وسائل إعلام في الهند المجاورة أن حسينة وصلت إلى قاعدة جوية عسكرية قرب نيودلهي، وأفاد مصدر عالي المستوى بأنها ستتوقف في الهند قبل استكمال رحلتها إلى لندن، لكن دعوات الحكومة البريطانية إلى فتح تحقيق تقوده الأمم المتحدة في "مستويات العنف غير المسبوقة" تثير الشكوك حيال ذلك.
وقال وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار، إن بلاده أكدت تقديمها المساعدة لرئيسة وزراء بنغلاديش السابقة الشيخة حسينة التي وصلت مساء الاثنين، ومنحتها الوقت لتقرير مصيرها، حسبما أفادت وكالة أنباء برس ترست أوف إنديا الهندية نقلا عن مصادر مطلعة، ونقلت المصادر عن جايشانكار قوله خلال اجتماع لزعماء الأحزاب السياسية، في البرلمان، إن الهند تحدثت إلى قائد جيش بنغلاديش لضمان سلامة أكثر من 10 آلاف طالب هندي في البلد المجاور. ولم يستبعد جايشانكار في رده على أسئلة مختلف الزعماء، وبينهم زعيم المعارضة راهول غاندي، تورط حكومات أجنبية في الاضطرابات التي شهدتها بنغلاديش، لكنه أكد تقلب الوضع بشكل كبير، وأن الحكومة الهندية تراقب التطورات. وتساءل غاندي خلال الاجتماع، عما إذا كان هناك دور لحكومات أجنبية في تأجيج الأزمة هناك. وقال جايشانكار إن المتظاهرين استهدفوا خلال احتجاجاتهم المساكن والممتلكات الخاصة بالأقليات. وأعرب عديد من زعماء الأحزاب وبينهم غاندي، عن تعاونهم الكامل مع الحكومة في هذه القضية.
من جهته دعا الاتحاد الأوروبي إلى سرعة استعادة الهدوء وممارسة أقصى قدر من ضبط النفس في بنغلاديش؛ في ضوء الأحداث الأخيرة واستقالة الشيخة حسينة واجد. وذكرت دائرة العمل الخارجي التابعة للاتحاد الأوروبي، في بيان صحفي أن الاتحاد الأوروبي يتابع عن كثب الأحداث الجارية في بنغلاديش. وفي أعقاب الخطاب الذي ألقاه رئيس أركان الجيش إلى الأمة، فإننا نجدد أهمية ضمان انتقال منظم وسلمي نحو حكومة منتخبة ديمقراطيًا، مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية".