عانق الرئيس الأميركي جو بايدن كامالا هاريس مسلّما أيها الأمانة الاثنين مؤكداً أنه أعطى كل ما لديه في سبيل بلاده في كلمة وداعية مؤثرة في المؤتمر الوطني العام للحزب الديموقراطي. وأكد الرئيس البالغ 81 عاماً "أميركا، أميركا، أعطيتك أفضل ما لدي" مستشهداً بأغنية وطنية، خلال خطاب دام حوالى الساعة تطرق فيه إلى إنجازاته ودعا فيه الناخبين إلى دعم نائبته في الرئاسة كامالا هاريس التي تواجه دونالد ترمب في نوفمبر. وانضمت هاريس إليه على المسرح بعد انتهاء الخطاب وتعانقا فيما خص الحضور بايدن باستقبال حار مصفقاً وقوفاً له بعد أقل من شهر على قراره المباغت بالانسحاب من السباق الرئاسي. وأضفت هاريس بشكل لافت زخماً وحماسة على حملة الحزب الديموقراطي وقضت على تقدم المرشح الجمهوري في استطلاعات الرأي. وأكد بايدن أنه لا يشعر بمرارة بل قال فيما شارفت مسيرته السياسية الممتدة على خمسة عقود على نهايتها، إنه قام بما ارتآه مناسباً لضمان عدم عودة خصمه دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي. وأكد بايدن "أعشق عملي، لكني أعشق بلادي أكثر بعد. كل الكلام حول أنني أشعر بالغضب من أولئك الأشخاص الذين قالوا إن علي أن انسحب، غير صحيح". وبدا بايدن وهاريس وكأنهما يمسحان دمعة، فيما خص الحاضرون الرئيس الأميركي بتصفيق حار وقوفاً على مدى أربع دقائق عندما اعتلى المسرح بعدما قدمته زوجته جيل بايدن وابنته آشلي. وبكى كثيرون بين الحضور خلال إلقاء بايدن خطابه الوداعي.
وأطلت هاريس بشكل غير متوقع وتولت الكلام مشيدة بالرئيس فيما لا يتولى مرشحو الحزب الديموقراطي الكلام إلا في اليوم الأخير. وقالت هاريس "أود أن أطلق أعمالنا من خلال الاحتفاء برئيسنا الرائع جو بايدن". وتابعت "نحن ممتنون له إلى الأبد". في المقابل، أكد بايدن أنه سيكون "أفضل متطوع" في حملة هاريس الانتخابية، خصوصا أنه يدرك أن إرثه السياسي مرتبط إلى حد كبير بالحاقها الهزيمة بترمب. لكنه ركز أيضا على رئاسته وعلى أدائه أكثر مما قد يحمله المستقبل في ظل رئاسة هاريس. وعدد بايدن ما اعتبره انجازات لا سيما على صعيد الاقتصاد والرعاية الصحية، مشددا بصورة خاصة على إنقاذ "روح البلاد" بعد ولاية ترمب الرئاسية وبعد اقتحام انصاره للكابيتول في السادس من يناير 2021. وأكد بايدن "دونالد ترمب يقول إن أميركا أمة فاشلة.. يقول إننا نخسر ونفشل. هو الفاشل" واصفا إياه بانه "مجرم مدان" بعد إدانة المرشح الجمهوري بتهمة التلاعب بحسابات شركته لإخفاء دفع مبلغ من المال لشراء صمت ممثلة.
ورغم شعبيته المتدنية وادائه الكارثي في المناظرة مع ترمب والذي أدى إلى تنحيه، شدد بايدن مجددا على أنه أعطى كل ما لديه. وأكد "ارتكبت الكثير من الأخطاء خلال مسيرتي، لكني أعطيت أفضل ما لدي".
في الأثناء تطرّق ترمب الإثنين في بنسيلفانيا لبرنامجه الاقتصادي. وتعهّد الرئيس الجمهوري السابق تحولاً نحو الحمائية وإلغاء قيود على نطاق واسع، ووجّه انتقادات لمشاريع "شيوعية" لهاريس التي اتهمها بأنها "لا تدري ماذا تفعل"، وبأنها "انقلبت" على بايدن.
ويشيد الديموقراطيون ببايدن باعتباره المرشح الذي هزم ترمب عام 2020 ثم قاد البلاد لإخراجها من جائحة كوفيد وكذلك أيضاً من صدمة السادس من يناير 2021 حين اقتحم أنصار للرئيس السابق مقر الكونغرس.
وإذا كان بايدن قد تمسّك بالأساس بترشيحه بالرغم من أدائه الكارثي في مناظرته التلفزيونية بمواجهة ترمب في يونيو، ما أدى إلى تصاعد أصوات ديموقراطية تطالبه بالتنحي، فإن تضحيته في نهاية المطاف تقابَل بامتنان وثناء واسعين بين الديموقراطيين. ونجحت هاريس في قلب الحملة الانتخابية رأسا على عقب، فحفّزت الشباب والنساء والناخبين السود، وهي فئات فقدت اهتمامها بالانتخابات حين كان السباق يدور بين رجلين أبيضين مسنّين. في المقابل، زعزع هذا التحول في السباق حملة ترمب الذي ندد بـ"انقلاب" نفذه الديموقراطيون على بايدن.
وكان الملياردير الجمهوري يبدو قبل شهر فقط أنه متّجه نحو انتصار سهل وساحق ولا سيما بعد نجاته من محاولة اغتيال، ثم ظهوره بضمادة على أذنه في المؤتمر الوطني الديموقراطي الذي كرّسه مرشحا للبيت الأبيض في ميلووكي.
ومع تبدل السباق، يجد صعوبة في إعادة توجيه حملته لتركيزها على منافسة هاريس، فيعود باستمرار إلى شنّ هجمات وتوجيه شتائم شخصية وإلقاء خطابات طويلة وغير مترابطة رغم مناشدات كبار الجمهوريين للتركيز على المواضيع الجوهرية. وبموازاة المؤتمر الديموقراطي، سيجول ترمب على ولايات تشهد منافسة محتدمة فينظم تجمعات انتخابية طوال الأسبوع في بنسيلفانيا وميشيغن وكارولاينا الشمالية.