دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، الأربعاء، يومها الـ377، حيث واصل الجيش الإسرائيلي شن هجماته الجوية والبرية والبحرية على مناطق متفرقة في القطاع، وسط نسف مربعات سكنية وتفجير المنازل لدفع قاطنيها على النزوح القسري.

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على القطاع المحاصر وسط عمليات الهدم والقصف المكثف لمنطقة جباليا وشمال القطاع الذي يشهد عملية عسكرية إسرائيلية لليوم الـ12 على التوالي.

ويواصل الجيش الإسرائيلي فرض حصاره على شمال غزة، وسط قصف مدفعي وجوي مكثف وإطلاق النار على كل من يتحرك ويتنقل من خلال الشوارع العامة أو الفرعية في محاولة لاستمرار تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين مازالوا ثابتين في ببيوتهم وفي مراكز الايواء.

ووجه المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع نداء استغاثة لفتح ممر آمن بشكل فوري لإنقاذ المنظومة الصحية في شمال القطاع التي تمر بوضع كارثي، والضغط على إسرائيل من أجل وقف الإبادة الجماعية والتجويع والحصار للفلسطينيين ووقف العلمية العسكرية الهادفة الى تهجير السكان وفصل شمال القطاع.

منع دخول الطعام

أكدت منظمات إغاثة عالمية أن الجيش الإسرائيلي يمنع وللأسبوع الثالث على التوالي دخول أي طعام أو أي معدات إغاثية وإنسانية إلى شمال قطاع غزة، وذلك مع استمرار العملية العسكرية وإحكام الحصار على مخيم جباليا.

وجاء في بيان مشترك، صادر الأربعاء، عن منظمة "أوكسفام" و37 وكالة إغاثة عالمية: "منذ 1 أكتوبر الحالي، لم تسمح إسرائيل بدخول أي طعام إلى شمال غزة، وتعرض المدنيين للتجويع وتقصفهم في منازلهم وخيامهم".

وقالت جمعيات الإغاثة العالمية في البيان إنه "لا يمكن للعالم أن يستمر في الوقوف مكتوف الأيدي، بينما ترتكب الحكومة الإسرائيلية الفظائع".

وأكدت أنه لا ينبغي إجبار المدنيين على الفرار لتلقي المساعدات، ويجب حماية الذين يختارون البقاء في منازلهم بموجب القانون الدولي.

كما دانت الهجمات ضد عاملين في المجال الإنساني وضد هياكل للمساعدات وقوافل إنسانية، وانتقدت الحظر اليومي لبعض المعدات المصنفة على أنها ذات استخدام مزدوج، وهي مواد تُعدُّ قابلة للاستخدام لأغراض عسكرية.

وأضافت "شمال غزة يتعرض للمحو ويجب على قادة العالم إنهاء الفظائع التي ترتكبها إسرائيل على الفور".

وأشارت المنظمة إلى أن أكياس مياه أو أدوات لتحليل المياه قد رُفِضَت في إحدى شحناتها من دون سبب، قبل أن تتم الموافقة عليها لاحقا، كما أن بعض المعدات الضرورية لعمل موظفيها، مثل معدات للاتصال أو للحماية، أو المولدات الكهربائية لتشغيل مكاتبها، تخضع أيضاً لقيود.

وقالت المنظمة إنه بسبب القيود المفروضة على وصول العاملين في المجال الإنساني، ودخول المساعدات ولا سيما في شمال قطاع غزة، دخلت 2874 شاحنة إلى المنطقة خلال شهر فبراير الماضي أو 20 في المائة فقط من المساعدات اليومية التي كانت تدخل قبل 7 أكتوبر.

وقالت إنه لا يمكن للعالم أن يستمر في الوقوف مكتوف الأيدي بينما ترتكب الحكومة الإسرائيلية الفظائع، ولا ينبغي إجبار المدنيين على الفرار لتلقي المساعدات ويجب حماية الذين يختارون البقاء في منازلهم بموجب القانون الدولي.

وأكدت المنظمة أن الظروف التي شهدتها في غزة أسوأ من كونها كارثية، في وقت بات القطاع على شفا مجاعة.

"أوقفوا السفينة"

الى ذلك أعلنت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) وشركاؤها عن نجاح حملة "أوقفوا السفينة" (#BlockTheBoat) في منع سفينة "كاثرين"، المحملة بمواد متفجّرة، من الوصول إلى إسرائيل.

وقالت الحركة إنه بفضل الضغوط المتواصلة من قبلها، منعت حكومة مالطا السفينة من دخول مياهها، فيما رفضت دول أخرى مثل ناميبيا وأنغولا السماح لها بالرسو في موانئها.

السفينة، التي ترفع علم البرتغال، كانت مُحمّلة بثماني حاويات من المواد المتفجرة المُستخدمة في تصنيع القنابل شديدة الانفجار، والتي كانت مُتجهة لإسرائيل لتعزيز عملياتها العسكرية في قطاع غزة.

استجابت الحكومة البرتغالية للضغط الشعبي والنقابي، وأجبرت السفينة على إزالة علمها.

كما دعت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيزي، إلى التحقيق في قضية السفينة، مؤكدة أن أي نقل للمعدات العسكرية إلى إسرائيل يعد خرقًا لاتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية.

وفي هذا السياق، دعت حركة BDS إلى تصعيد الضغوط على الحكومات لمنع التواطؤ مع النظام الاستعماري الإسرائيلي وفرض عقوبات عسكرية .

واقع مأساوي

قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، الأربعاء، وفقا لزيارة محاميها لسجن "جلبوع" قبل يومين أن الأسرى يعيشون حياة مأساوية وواقعا أليما، جراء السياسات الفاشية والعنصرية التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال في التعامل معهم.

ونوهت الهيئة إلى أنه "من بين الأساليب التي يتم التعامل بها من قبل الإدارة، الضرب والشتم والتكسير واقتحام الغرف والأقسام، والتي تحولت لروتين ثابت، كما أن الطعام الذي يقدم لهم ما زال سيئا كمًا ونوعًا".

وأضافت "هناك نقص حاد في الملابس والأغطية ولا يوجد أي مؤشرات لمراعاة الظروف الجوية مع قدوم فصل الشتاء، إلى جانب انتشار الأمراض الجلدية، وغياب لمواد التنظيف والمعقمات، واستمرار سياسة العزل عن العالم الخارجي، ووضع قيود ومعيقات على التواصل داخل الغرف والأقسام".

وأشارت الهيئة إلى أن "الأقسام لا تزال تعاني من اكتظاظ كبير والمعتقل لا يستطيع الجلوس أو التحرك إلا على مساحة الفرشة التي يمتلكها".

يذكر أن الأسرى الذين تم زيارتهم هم ناصر جمال الشاويش وعاصم جميل اشتية وأحمد راتب عويس؛ وفقا لما ورد في بيان هيئة شؤون الأسرى والمحررين.

قيود أميركية

من جهة أخرى قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بضرورة اتخاذ خطوات خلال الشهر المقبل لتحسين الوضع الإنساني في غزة وإلا فستواجه قيودا محتملة على المساعدات العسكرية الأميركية، في أقوى تحذير من نوعه منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة (حماس) قبل عام.

وقال مسؤولون أميركيون الثلاثاء إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن كتبا إلى مسؤولين إسرائيليين الأحد يطالبان باتخاذ تدابير ملموسة لمعالجة الوضع المتدهور في القطاع الفلسطيني وسط هجوم إسرائيلي جديد في شمال غزة.

وجاء في الرسالة أن عدم اتخاذ تلك الإجراءات من شأنه أن يؤثر في السياسات الأميركية. وكان للقناة 12 الإسرائيلية السبق في نشر مضمون هذه الرسالة.

وجاء في نسخة من الرسالة نشرها مراسل لموقع أكسيوس على منصة إكس للتواصل الاجتماعي "نحن قلقون بصورة خاصة من أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية مؤخرا... تساهم في تدهور متسارع للأوضاع في غزة".

وأشارت الرسالة إلى قيود تفرضها إسرائيل، منها قيود على الواردات التجارية، ومنع معظم التحركات ذات الأغراض الإنسانية بين شمال وجنوب غزة، والقيود "المرهقة والمفرطة" على البضائع التي يُسمح بإدخالها إلى القطاع.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن الرسالة "لم تكن تهدف إلى التهديد" لكنه أكد على الحاجة الملحة لزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة.

وأضاف كيربي في حديثه عن الرسالة "يبدو لنا أنهم (الإسرائيليون) يأخذون الأمر على محمل الجد"، دون أن يخوض في تفاصيل.

وقال مسؤول إسرائيلي في واشنطن إن إسرائيل تلقت الرسالة وتراجعها.

وأضاف "إسرائيل تأخذ هذه المسألة على محمل الجد وتعتزم معالجة المخاوف التي أثيرت في هذه الرسالة مع نظرائنا الأميركيين".

وهذه الرسالة هي أوضح تحذير لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذ بدء الصراع في غزة، مما يثير احتمال حدوث تحول في دعم واشنطن لإسرائيل.

وحددت الرسالة خطوات معينة يتعين على إسرائيل اتخاذها في غضون 30 يوما، منها السماح بدخول 350 شاحنة إلى قطاع غزة يوميا بحد أدنى، وفرض فترات توقف في القتال للسماح بتسليم المساعدات، وإلغاء أوامر الإخلاء للمدنيين الفلسطينيين عندما لا تكون هناك حاجة لها.

وذكرت أن "عدم إظهار التزام مستدام بتنفيذ هذه التدابير والإبقاء عليها قد يكون له آثار على السياسات الأميركية... والقوانين الأميركية ذات الصلة".

الجريح الفلسطيني أحمد شعبان الدلو الذي نجا من غارة جوية إسرائيلية على خيام للنازحين قبل يومين والتي قتلت زوجته وابنه شعبان (أ ف ب)
فلسطينيون يرفعون العلم الفلسطيني قرب سجن جلبوع الإسرائيلي (أ ف ب)
صبي فلسطيني يجمع الدقيق المنسكب من الأرض في موقع غارة جوية إسرائيلية (أ ف ب)