أكدت وزيرة الخارجية الكورية الشمالية تشوي سون هوي خلال زيارتها موسكو مؤخراً أن بلادها ستقف إلى جانب روسيا حتى تحقيق "النصر" في أوكرانيا، فيما تندد دول غربية بوصول آلاف الجنود الكوريين الشماليين إلى الحدود الروسية للقتال ضد قوات كييف.
وقالت تشوي سون هوي بعد محادثات أجرتها مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف: "لا شك لدينا إطلاقاً في أن الجيش والشعب الروسيين سيحققان انتصاراً عظيماً في نضالهما للدفاع عن الحقوق السيادية وأمن دولتهما".
بدوره أشاد لافروف بالعلاقات الوطيدة بين جيشي البلدين واستخباراتهما، معرباً عن "امتنان" موسكو "للموقف المبدئي" لكوريا الشمالية.
وأضافت نظيرته الكورية الشمالية "نكرر التأكيد أننا نقف دائماً إلى جانب رفاقنا الروس حتى يوم النصر".
سعت روسيا إلى تعميق علاقاتها مع كوريا الشمالية منذ أن بدأت عمليتها العسكرية في أوكرانيا في 22 فبراير 2022 بينما يعتبر البلدان أن الولايات المتحدة عدواً وجودياً لهما.
ووقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقاً للمساعدة المتبادلة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عندما زار بيونغ يانغ خلال الصيف.
ويشتبه في أن كوريا الشمالية تزود روسيا منذ أشهر كميات كبيرة من القذائف إضافة إلى مئات الصواريخ وفي أنها ستوفر لها أيضاً آلاف الجنود للقتال.
الخطوط الأمامية
لم يأت أي من الوزيرين على ذكر تقارير غربية تحدثت عن نشر كوريا الشمالية جنوداً في روسيا للقتال ضد أوكرانيا، فيما تؤكد دول غربية أن هؤلاء على وشك الانتشار في ساحة المعركة في منطقة كورسك الروسية، حيث يسيطر الجيش الأوكراني على مئات الكيلومترات المربعة منذ أغسطس.
ويُشتبه أيضاً في أن كوريا الشمالية تطلب في مقابل نشر جنودها الحصول على تكنولوجيا من شأنها مساعدتها في تعزيز ترسانتها النووية، خصوصاً صواريخها البالستية.
وأفاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، نقلاً عن معلومات استخبارية أميركية، بأن ثمانية إلى عشرة آلاف جندي يُعتقد أنهم في روسيا قد وصلوا إلى منطقة كورسك الحدودية.
وقال: "لم نشاهد حتى الآن هذه القوات تنتشر لمقاتلة القوات الأوكرانية، لكننا نتوقع حصول ذلك في الأيام المقبلة".
وأوضح أن موسكو زودت الجنود الكوريين الشماليين الزي العسكري الروسي، ودربتهم "على المدفعية والمسيّرات وعمليات المشاة (...) ما يعني أنها تعتزم فعلاً استخدام هذه القوات في الخطوط الأمامية".
ويشكل نشر الجنود الكوريين الشماليين ضربة جديدة لأوكرانيا التي تعاني أصلاً بسبب تأخر الغرب في تسليمها مساعدات تطالب بها.
وحض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حلفاء بلاده الغربيين على السماح باستعمال صواريخ بعيدة المدى لضرب العمق الروسي.
وقال زيلينسكي: "نرى كل موقع تحشد فيه روسيا هؤلاء الجنود الكوريين الشماليين على أراضيها - كل معسكراتهم. يمكننا أن نضرب بشكل وقائي، إذا كانت لدينا القدرة على الضرب لمسافة كافية"، متهماً حلفاء كييف بـ"الانتظار حتى يبدأ الجيش الكوري الشمالي في ضرب الأوكرانيين" بدلاً من توفير "القدرة البعيدة المدى الضرورية جداً".
ميدانياً، تتراجع أوكرانيا متكبّدة خسائر في نقاط عدة على الجبهة وتعاني نقصاً في المقاتلين والذخيرة.
وفي أكتوبر، تقدم الجيش الروسي نحو 500 كيلومتر مربعة في أوكرانيا، محققاً أكبر مكاسبه الميدانية خلال شهر منذ مارس 2022 والأسابيع الأولى من النزاع.
عدم تحرك
وتمنع الولايات المتحدة والدول الأوروبية أوكرانيا إلى حد كبير من استخدام الصواريخ التي سلمتها لها لضرب أهداف في الأراضي الروسية، خشية دفع الكرملين إلى التصعيد.
لكن كييف ترى أن غياب الحزم الغربي يشجع بوتين على تصعيد النزاع.
وندد زيلينسكي بما قال إنه عدم تحرّك حلفاء بلاده في مواجهة نشر القوات الكورية الشمالية.
وأعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم مساعدة عسكرية إضافية إلى أوكرانيا بقيمة 425 مليون دولار.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية في بيان: إن المساعدة "ستؤمن قدرات إضافية لأوكرانيا تلبي حاجاتها الأكثر إلحاحاً وتشمل: صواريخ اعتراضية للدفاع الجوي وذخائر للمنظومات الصاروخية والمدفعية وآليات مدرعة وأسلحة مضادة للدبابات".
وأوضحت أن الحزمة التي ستُسحَب من المخزونات الأميركية تشمل أيضاً ذخائر جو-أرض ومعدات طبية وقطع غيار.
كذلك، أشارت كوريا الجنوبية، وهي مصدّر رئيسي للأسلحة، إلى أنها تدرس إمكان إرسال أسلحة مباشرة إلى أوكرانيا.
وجاء لقاء لافروف وتشوي سون هوي قبل أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفي وقت تثير كوريا الشمالية توترات إثر اختبارها صاروخاً عابراً للقارات.
وقالت تشوي من موسكو: إن بلادها "لن تغيّر في أي حال مسار تعزيز ترسانتها النووية".
وفي محطة قطار بموسكو، كشف الوزيران عن لوحة تكرّم حضور كيم إيل سونغ، جد كيم جونغ أون، إلى موسكو من أجل لقاء جوزيف ستالين عام 1949، قبل أشهر قليلة من غزو قوات كوريا الشمالية جنوب شبه الجزيرة، وبدء الحرب الكورية.
وعلق لافروف قائلاً: إن بوتين وكيم "يحاولان أن يكونا في مستوى المساهمة التي قدّمها أسلافنا في صداقتنا".
ولم تنف روسيا أو تؤكد بشكل مباشر وجود قوات كوريا الشمالية على أراضيها. وقال الرئيس فلاديمير بوتين: إن الأمر متروك لروسيا لتقرر كيفية تنفيذ المعاهدة التي وقعها مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون في يونيو والتي تتضمن بنداً للدفاع المتبادل.
بيونغ يانغ تزيد التوتر
وكانت الولايات المتحدة كشفت أن ما يصل إلى ثمانية آلاف جندي كوري شمالي يستعدون للقتال في أوكرانيا، على وقع تصاعد التوتر بسبب إطلاق بيونغ يانغ صاروخاً عابراً للقارات قبل أيام من الانتخابات الأميركية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نقلاً عن أجهزة الاستخبارات الأميركية: إنه من أصل عشرة آلاف جندي كوري شمالي ذكرت واشنطن أنهم دخلوا الأراضي الروسية، فإن ما يصل إلى ثمانية آلاف "تم نشرهم في منطقة كورسك" على الحدود مع أوكرانيا.
وأضاف بلينكن خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ونظيريهما في كوريا الجنوبية: "لم نشاهد إلى الآن هذه القوات تنتشر لمقاتلة القوات الأوكرانية، لكننا نتوقع حصول ذلك في الأيام المقبلة".
وأوضح أن موسكو التي زودت الجنود الكوريين الشماليين بزي عسكري روسي، دربت هؤلاء "على المدفعية والمسيرات وعمليات المشاة (...) ما يعني أنها تعتزم فعلاً استخدام هذه القوات في الخطوط الأمامية".
وصرح أوستن "لا تخطئوا: إذا خاضت هذه القوات الكورية الشمالية عمليات قتالية أو (عمليات) دعم في المعركة ضد أوكرانيا فستصبح أهدافاً عسكرية مشروعة".
وأعلن في السياق نفسه أن الولايات المتحدة تستعد لإعلان مساعدة عسكرية جديدة لأوكرانيا "في الأيام المقبلة".
من جانبه، لفت وزير الدفاع الكوري الجنوبي كيم يونغ هيون إلى أن بيونغ يانغ زودت موسكو أكثر من "ألف صاروخ".
وفي وقت سابق، ندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في حديث مع وسائل إعلام كورية جنوبية، بما وصفه بتقاعس حلفائه في ما يتصل بكوريا الشمالية، وصرح "أعتقد أن رد الفعل على هذا لا شيء، صفر".
وعزّزت موسكو وبيونغ يانغ تعاونهما العسكري منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن إشراك قوات كورية شمالية في القتال يشكل منعطفاً كبيراً.
وحذر نائب السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة روبرت وود من أن الجنود الكوريين الشماليين الذين سيشاركون في القتال في أوكرانيا إلى جانب روسيا "سيعودون في أكياس الجثث".
ونفت كوريا الشمالية إرسال قوات، لكن نائب وزير خارجيتها صرح لوسائل إعلام رسمية في أول تعليق أنه في حال حدوث أمر مماثل فسيكون متوافقاً مع القانون الدولي.
عمل عسكري مناسب
وجاءت المحادثات بين الأميركيين والكوريين الجنوبيين في واشنطن مؤخراً بعدما اختبرت كوريا الشمالية أحد أقوى صواريخها البالستية لتعزيز قوة ردعها النووي.
وقال الجيش الكوري الجنوبي: "في تقدير أولي قد تكون كوريا الشمالية أطلقت صاروخاً بالستياً بعيد المدى" من منطقة قريبة من بيونغ يانغ، مضيفاً أن الصاروخ اجتاز مسافة ألف كيلومتر تقريباً بعد إطلاقه على مسار مرتفع.
وأعلنت كوريا الشمالية أن زعيم البلاد كيم جونغ أون حضر اختباراً "حاسماً" لصاروخ بالستي عابر للقارات يهدف إلى تعزيز الردع النووي.
وقال كيم خلال الإطلاق: "إن هذا الاختبار هو عمل عسكري مناسب يلبي تماماً هدف إبلاغ الخصوم (...) بعزمنا على الرد المضاد"، وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية.
وأكدت طوكيو عملية الإطلاق، وقال وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني: إن الصاروخ كان عابراً للقارات، وحلق لمدة أطول من أي صاروخ آخر اختبرته كوريا الشمالية.
وقال: "هذا الصاروخ البالستي سجل أطول مدة تحليق، ونقدّر أن ارتفاعه كان أعلى ما رأيناه".
وأشارت طوكيو إلى أن الصاروخ حلق لمدة 86 دقيقة وحقق ارتفاعاً بلغ سبعة آلاف كيلومتر.
وقال بلينكن ونظيراه الياباني والكوري الجنوبي في بيان مشترك: "نطالب كوريا الشمالية بإلحاح بأن توقف فوراً سلسلة الأفعال الاستفزازية والمزعزعة للاستقرار والتي تهدد السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية وخارجها".
وأعربت الصين، الحليفة الأقرب لكوريا الشمالية، عن "قلقها" من الوضع في شبه الجزيرة الكورية، داعية إلى "تسوية سياسية" للوضع.
شأن خاص
وشددت الصين على أن "التقارب بين بيونغ يانغ وموسكو شأنه خاص بهما"، بعدما حذّرت واشنطن من أن ما يصل إلى 8000 جندي كوري شمالي وصلوا إلى منطقة الحدود الروسية وتلقوا تدريبات وباتوا مستعدين للقتال ضد أوكرانيا.
وقال الناطق باسم الخارجية الصينية لين جيان: إن "كوريا الشمالية وروسيا دولتان ذات سيادة. والكيفية التي يطوّر البلدان من خلالها علاقتهما الثنائية هو شأن خاص بهما".
وفي وقت يسعى لتحقيق تقدّم في إطار غزو أوكرانيا، استعان الرئيس فلاديمير بوتين بقوات ومعدات عسكرية من كوريا الشمالية، وهي أول مرة تستقدم روسيا قوات أجنبية إلى أراضيها منذ أكثر من قرن.
وأفاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن نقلاً عن معلومات استخباراتية أميركية بأن ثمانية إلى عشرة آلاف جندي يُعتقد أنهم في روسيا وصلوا إلى منطقة كورسك الحدودية.
وندد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بما قال إنه عدم تحرّك حلفاء بلاده حيال مسألة نشر الجنود الكوريين الشماليين بينما أشار إلى أنه متفاجئ بـ"صمت" الصين.
وردّاً على ذلك، قالت بكين: إنها "لا تعرف بالتحديد وضع التبادل الثنائي والتعاون بين كوريا الشمالية وروسيا".
وأكد لين أن "موقف الصين القائم على الأمل بأن تدعم مختلف الأطراف تخفيف حدة الوضع والعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة الأوكرانية لم يتغيّر".