«حزب الله»: لم نتلق مقترحات هدنة والعدو لم يحتل قرية
أصدرت إسرائيل إشارات متضاربة بشأن موقفها من الحرب الدائرة في لبنان، فبينما أعلنت نيتها توسيع عمليتها البرية، متراجعة عن تصريحات صدرت عن مسؤولين أمنيين بارزين أواخر الشهر الماضي مفادها أن العملية البرية في لبنان تقترب من نهايتها، تناقلت وسائل إعلام عبرية تقارير عن توافق بشأن بعض بنود للتسوية، وتم الإعلان عن مصادقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي على توسيع نطاق العملية البرية في جنوب لبنان، بهدف "تعميق إنجازات الجيش والوصول إلى مناطق جديدة ينشط بها حزب الله"، حسبما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين.
وترافق هذا الإعلان مع ما يمكن أن يطلق عليه مسودة اتفاق نشرت وسائل إعلام بعض بنوده.
وذكرت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية أن الاتفاق المقترح "قد يكون أحادي الجانب وفقط أمام الولايات المتحدة"، مشيرة إلى أن تل أبيب طلبت التزاما أميركيا يتيح لها حرية العمل ضد أي خروقات يقوم بها "حزب الله"، مع المطالبة بالحق في العمل العسكري بحرية حال عودة حزب الله لتجميع صفوفه واستعادة قدراته.
الغارات مستمرة
وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي ليل الأحد وحتى صباح أمس الاثنين غارات استهدفت عددا من البلدات الجنوبية.
وأغار الطيران الإسرائيلي ليل الاحد وحتى صباح أمس على بلدات البرغلية، والرمادية، والجميجمة، والشهابية، وباتولية، وقلاوية وبرج قلاوية، وحي عين التوتة بين بلدتي برج رحال والعباسية في جنوب لبنان، كما أغار على مدخل بلدة طيردبا، الجنوبية، بحسب ما أعلنته "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية الرسمية، وحاولت القوات الإسرائيلية التسلل إلى الأراضي اللبنانية من أكثر من موقع في القطاعين الغربي والاوسط، في جنوب لبنان. كما شنّ طيران الاحتلال صباح الاثنين، غارة استهدفت بلدة عيتا الشعب الجنوبية، كما قامت القوات الإسرائيلية منذ الصباح بتفجير عدد من المنازل عند أطراف البلدة. وعملت القوات الاسرائيلية منذ الصباح على تفخيخ وتفجير عدد من المنازل عند أطراف بلدة عيتا الشعب الجنوبية الحدودية، بحسب ما أعلنته "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية الرسمية.
دور روسي
تحدثت القناة العبرية عن أن ثمة "توافقا أميركيا إسرائيليا على أن عمليات الجيش في جنوب لبنان حققت أهدافها وحان وقت ترجمتها لإنجاز سياسي"، وأشارت إلى انفتاح إسرائيلي على إسناد دور لروسيا في مثل هذا الاتفاق، إلا أنها نقلت عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم إن "الولايات المتحدة هي الشريك الاستراتيجي الوحيد" وإنه "يجب أن يكون لروسيا دور محدود في لبنان"، وعدم منحها المجال للتأثير هناك. وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن المدى الزمني المطروح للتوصل إلى تسوية في لبنان يتسق مع الجدول الزمني لنقل السلطة في الولايات المتحدة.
وكشفت القناة الثانية عشرة عن مرحلتين أساسيتين بموجب هذا الاتفاق، تتمثل الأولى في بقاء قوات الجيش الإسرائيلي في القرى الحدودية اللبنانية لمدة 60 يوما، على أن ينسحب منها إلى الخط الأزرق في المرحلة الثانية ويتسلم الجيش اللبناني المسؤولية هناك، في ظل تعاون بين الإدارة الأميركية وشركات روسية فاعلة في سورية لمنع نقل أسلحة لحزب الله، بعد أن ترفع واشنطن عقوبات مفروضة على تلك الشركات.
إسرائيل لم تحتل قرية
من جهته أكد مسؤول في "حزب الله" الاثنين أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن الى الآن من "احتلال قرية لبنانية واحدة" في جنوب لبنان، بعد أسابيع على تكثيف الدولة العبرية ضرباتها الجوية ضد الحزب وبدء عملية برية في 30 سبتمبر.
وقال مسؤول العلاقات الإعلامية محمد عفيف "بعد 45 يوما من القتال الدامي وخمس فرق عسكرية ولواءان، وخمس وستون ألف جندي، ما زال العدو عاجزا عن احتلال قرية لبنانية واحدة". وأتت تصريحات عفيف خلال مؤتمر صحافي الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، والتي تعرّضت لدمار واسع جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفتها على مدى الأسابيع الماضية. وأكّد عفيف أن مقاتلي الحزب تصدّوا للجنود الاسرائيليين في مناطق عدة من جنوب لبنان، منها بلدة الخيام التي تبعد نحو ستة كيلومترات عن الحدود. ونفى عفيف أن تكون الضربات الإسرائيلية المكثفة التي تعرض لها الحزب في الأسابيع الماضية، قد أضرت بالقدرات الصاروخية لحزب الله. وقال "إنّ جوابنا الفعلي هو في الميدان عندما طالت صواريخنا الأسبوع الماضي ضواحي تل أبيب وحيفا، ومراكز ومعسكرات نقصفها لأول مرة في الجولان وحيفا".
لا مقترحات لوقف النار
قال متحدث باسم "حزب الله" الاثنين إن الجماعة اللبنانية لم تتلق أي مقترحات بشأن هدنة في لبنان، في وقت قال فيه وزير الخارجية الإسرائيلي إن الجهود الدبلوماسية أحرزت "تقدما" ووسط تقارير إعلامية إسرائيلية تفيد بأن مجلس الوزراء وافق على مقترح لوقف إطلاق النار. وقال محمد عفيف إنه لم يصل إلى لبنان أو الحزب أي شيء رسمي بهذا الخصوص حتى الآن على حد علمه. وعبر عن اعتقاده بأنهم لا يزالون في مرحلة جس النبض وطرح أفكار مبدئية وإجراء مناقشات إيجابية، لكن لا يوجد شيء فعلي حتى الآن. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الاثنين إنه تم إحراز تقدم في محادثات وقف إطلاق النار في لبنان، لكن التنفيذ يظل العنصر الأهم في الموضوع. وأضاف ساعر في مؤتمر صحفي امس "هناك تقدم"، مضيفا أن "التحدي الرئيسي سيكون تطبيق ما سيتم الاتفاق عليه". وأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت، بأن إسرائيل ولبنان تبادلا مسودات عبر المبعوث الأميركي آموس هوكستين، مما يشير إلى إحراز الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق نهائي تقدما.
تفجير الأجهزة
من جهتها، ركزت شبكة (سي إن إن) الإخبارية على إعلان إسرائيل للمرة الأولى ضمنيا مسؤوليتها عن عملية تفجير أجهزة البيجر التابعة لحزب الله في أيلول الماضي، من خلال تصريحات لنتنياهو تباهى فيها بتلك العملية "والقضاء على الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، ليبرهن على صحة وجهة نظره التي قوبلت حينها بمعارضة كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي. ووصفت "سي إن إن" قرار الحكومة بإيصال تصريحات نتنياهو لوسائل الإعلام الإسرائيلية والكشف عن وقوف إسرائيل خلف تلك العملية بأنه "فصل آخر من المكائد السياسية الداخلية التي هيمنت على إسرائيل في الأسابيع الأخيرة". وأشارت الشبكة الإخبارية إلى تفسير وسائل إعلام إسرائيلية هذه العبارة على أنها انتقاد ضمني للقيادة العسكرية الإسرائيلية ومؤسسة المخابرات، وكذلك لوزير الدفاع يوآف غالانت، الذي أقاله نتنياهو الثلاثاء الماضي. ويرى مراقبون أن نتنياهو سيحاول تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب على الأرض خلال المرحلة الانتقالية الحالية في الولايات المتحدة، بما يضمن تحقيق أحد أهم أهدافه المعلنة للحرب في لبنان وهو عودة سكان الشمال إلى منازلهم، لا سيما بعد أن تلقى "حزب الله" ضربات موجعة قضت على جميع قيادات الصف الأول به تقريبا، مع تدمير قدر كبير من البنى التحتية للحزب.