دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يومها الـ464، في وقت تتوالى الأنباء عن تقدم في المفاوضات الجارية بالعاصمة القطرية الدوحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وأعلن مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إرسال وفد برئاسة رئيس الموساد دافيد برنياع، ورئيس "الشاباك"، رونين بار إلى العاصمة القطريّة الدوحة، لمواصلة المفاوضات بشأن الصفقة ووقف إطلاق النار.

وعلى وقع القصف والمعارك والاشتباكات، تتواصل مفاوضات صفقة التبادل بمشاركة كافة الأطراف والوسطاء، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن التقدم في المفاوضات جاء بسبب إبداء إسرائيل استعدادها للتفاوض خلال المرحلة الأولى للاتفاق المحتمل، بشأن المرحلة الثانية التي قد تشمل إنهاء الحرب.

يأتي ذلك، في وقت واصل الجيش الإسرائيلي هجماته على مناطق متفرقة في القطاع، وشملت الهجمات قصف الزوارق الحربية مناطق شرق النصيرات ومخيم البريج، والمناطق الغربية لدير البلح، بينما استهدفت المدفعية الإسرائيلية مدينة رفح، ما أوقع عشرات الشهداء والجرحى.

مفاوضات (الصفقة).. "تنسيق إسرائيلي - أميركي مكثف"

إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الليلة الماضية، مقتل 4 ضباط وجنود إسرائيليين في المعارك في بيت حانون، كما أصيب 8 جنود بينهم 3 في حالة خطرة جراء انفجار عبوة ناسفة في مبنى بجباليا على ما أفادت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية.

وخلال الساعات الـ48 الماضية، بثت تقارير اعلامية إسرائيلية حالة من التفاؤل الإسرائيلي الأميركي بما في ذلك في أروقة الإدارتين، المنتهية ولايتها برئاسة جو بايدن، والمنتخبة برئاسة دونالد ترامب، وسط أنباء عن تفاهمات بشأن مرحلتين لصفقة محتملة.

وفي هذه الأثناء، تواصل تل أبيب تشديد موقفها الرسمي، إذ طلبت رئاسة الحكومة من الوزراء التشديد خلال تصريحاتهم لوسائل الإعلام على أن "الحرب ستستمر حتى تحقيق أهدافها، والتي تشمل: إعادة جميع الرهائن، القضاء على القدرات العسكرية والحكومية لحماس، إزالة تهديد الإرهاب من قطاع غزة، وضمان عودة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان".

في المقابل، أعرب مسؤولون في إدارة بايدن،عن تفاؤل حذر بشأن المحادثات حول صفقة الرهائن، بعد أن أبدوا في الأيام الأخيرة شكوكًا بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق. وأكد المسؤولون أن هناك تقدمًا في المحادثات، مع وصول المبعوث الأميركي بريت ماكغورك إلى الدوحة. ووفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن المفاوضين يهدفون التوصل إلى اتفاق قبل تنصيب ترامب بعد ثمانية أيام فقط.

*زيارة مفاجئة

كما أشار المبعوث الخاص لترمب، ستيف ويتكوف، الذي قام بزيارة مفاجئة إلى إسرائيل بعد أن أجرى محادثات في الدوحة، إلى نفس الجدول الزمني المتوقع للصفقة. واعتبرت الصحيفة أن الرسائل الصادرة عن إدارة بايدن وإدارة ترامب توضح لحماس أن هناك تنسيقًا في الموقف الأميركي.

ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول رفيع أن الصفقة المطروحة تناقش الإفراج عن 33 محتجزا إسرائيليا في قطاع غزة، لكن عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم في المقابل لم يُعرف بعد. وأضاف "سنعرف ذلك فقط عندما نعلم عدد الرهائن الأحياء والأموات"، ووصف ذلك بأنه "يوم مهم".

في الأيام الأخيرة، أبدى فريق الرئيس بايدن شكوكًا حول إمكانية التوصل إلى صفقة قريبة، لكن الوضع تغيّر بعض الشيء. وقد وجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مساء أمس، رئيس الموساد دافيد برنياع، ورئيس الشاباك رونين بار، وممثل الجيش نيتسان ألون، والمستشار السياسي أوفير فلك، بالتوجه إلى الدوحة "للمضي قدمًا في الدفع نحو صفقة تبادل".

وذكرت هيئة البث العام الإسرائيلية ("كان 11") أن الوفد الإسرائيلي غادر بالفعل إلى قطر، وسبقه المبعوث الخاص لترامب، وأفادت بأن "الطائرة الخاصة للمبعوث الخاص للرئيس ترامب هبطت في الدوحة؛ فيما غادر الوفد الإسرائيلي بالفعل إلى العاصمة القطرية".

ويأتي ذلك بعد تأجيل مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى قطر عدة مرات، وذكرت "يديعوت أحرونوت" أن قرار إرسال الوفد جاء في أعقاب محادثات شملت نتنياهو وويتكوف وماكغورك. وأضافت أنه "بعد إقامة قصيرة في إسرائيل واجتماعه مع نتنياهو، عاد مبعوث ترامب إلى الدوحة، حيث من المتوقع أن يصل الوفد الإسرائيلي".

وقال مصدر إسرائيلي رفيع المستوى "هناك تفاؤل هذه المرة، ويبدو أن الأمور أقرب من أي وقت مضى"، لكنه حذر قائلاً: "لقد كنا في هذا الوضع سابقًا". في غضون ذلك، أشار وزراء في الكابينيت الإسرائيلي إلى أنهم معزولون تمامًا عن تفاصيل المحادثات بشأن الصفقة المحتملة.

وأشاد مقر عائلات الأسرى الإسرائيليين بقرار إرسال الوفد المفاوض إلى قطر، ودعا إلى عدم "تفويت الفرصة". وتوجّه المقر إلى أعضاء البعثة قائلاً: "اعملوا حتى يخرج الدخان الأبيض، وعُودوا إلى مع النبأ المنشود – اتفاق يضمن إعادة جميع الرهائن؛ الأحياء للتعافي، والجثث للدفن اللائق".

ونقلت "يديعوت أحرونوت" عن مسؤول رفيع قوله، مساء أمس، إن "هناك تقدمًا تدريجيًا في المفاوضات بدأ منذ عدة أسابيع. وفي ظل التطورات، وبعد يوم طويل من المشاورات، ومحادثة مطوّلة ومفصّلة (أجراها نتنياهو) مع ويتكوف، شارك فيها وزير الأمن ورؤساء الأجهزة الأمنية وبريت ماكغورك".

وأضاف أنه "في هذه المكالمة، تم التعمق في التفاصيل وتوضيح المواقف الإسرائيلية، وأصدر رئيس الحكومة توجيهاته بإرسال الوفد إلى الدوحة. الآن، تتصاعد الجهود من مستوى العمل إلى المستوى الأعلى للمفاوضين، الذين سيكونون على اتصال مباشر" مع قيادة الحكومة الإسرائيلية.

واعتبر المسؤول الإسرائيلي أن "النجاح يعتمد على حماس. اليوم تعاملنا مع جميع مكونات الصفقة، وهي صفقة معقدة تتكون من العديد من التفاصيل. من أجل التوقيع عليها وتنفيذها، يجب التوصل إلى اتفاق على جميع مكوناتها. نأمل أن نقترب من إتمام الصفقة، لكن من المهم أن نوضح أننا لم نصل بعد. مرحلة التوقيع تعتمد بشكل رئيسي على حماس. جميع المكونات موجودة على الطاولة، وعليهم الآن اتخاذ الخطوة التالية".

وقال إن المناقشات تشمل إطلاق سراح 33 محتجزا إسرائيليا، "نتفاوض على قائمة تضم 33 رهينة، يجب أن يعودوا جميعًا - الأحياء والجثث. هذا هو الجزء الأول من الصفقة. المفاوضات تتناول الجميع، سواء الأحياء أو الأموات، وتشمل كيفية الانتقال من مرحلة إلى أخرى، مع الأخذ في الاعتبار أننا بحاجة إلى استعادة 98 رهينة في نهاية الأمر. اليوم أُجْرِيَت مناقشة حول المعايير، لأنها جزء من مكونات الصفقة".

وفي ما يتعلق بالمعتقلين الذين سيتم الإفراج عنهم، قال المصدر: "نحن نعمل على مفاتيح (للتبادل) للإفراج عن عدد معين مقابل الجنود، المدنيين غير الجنود، كبار السن والمصابين. سنعرف عدد المعتقلين الذين سيتم الإفراج عنهم فقط عندما نعرف عدد الرهائن الأحياء، وهو ما رفضت حماس توضيحه حتى الآن".

وتابع "مع بدء وقف إطلاق النار، تتوقع إسرائيل إطلاق سراح الرهائن فورًا. وسيلتقي منسق شؤون الأسرى والمفقودين، غال هيرش، برئيسة الصليب الأحمر التي ستزور إسرائيل هذا الأسبوع، لمناقشة تفاصيل إطلاق سراح الرهائن وإمكانية مشاركة الصليب الأحمر في تنفيذ الصفقة".

وأضاف المصدر أن "الأيام القادمة ستكون حاسمة، حيث سيعمل الفريق الإسرائيلي رفيع المستوى مع ويتكوف وماكغورك. نحن نعمل بشكل ممتاز مع كل من الإدارتين الأميركية الحالية والمقبلة، مما يضمن استمرارية التفاهم. كلا الإدارتين تتفقان معنا بالكامل".

وقال إن "هناك إجراءات قانونية مطلوبة قبل تنفيذ الصفقة – موافقة الكابينيت والحكومة، وبعد ذلك عملية الالتماسات أمام المحكمة العليا. تحتاج الصفقة إلى بضعة أيام للإعداد، وكل شيء يعتمد على قرار حماس. مكننا تنفيذ الصفقة في غضون أيام، ولكن أولاً يجب أن نرى كيف تتطور الأمور في الأيام المقبلة. نحن نريد أن نرى أن حماس مستعدة للتوقيع"،وفق تعبيره.

الإفراج عن 33 محتجزاً إسرائيلياً في المرحلة الأولى

 

يواصل الأطفال في قطاع غزة دفع أثمان باهظة للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل للشهر 16 على التوالي، حيث يعيش المرضى منهم في محافظتي غزة والشمال تحت تهديد نقص الأكسجين.

هؤلاء الأطفال يتواجدون في قسمي العناية المركزة والحضانة في مستشفى "أصدقاء المريض الخيري" بمدينة غزة، حيث يعتمدون بشكل كبير للبقاء على قيد الحياة على جهاز التنفس الصناعي.

ويعد هذا المستشفى الوحيد الذي يستقبل حالات الحضانة والعناية المركزة من الأطفال المرضى من محافظتي غزة والشمال، أو من المناطق الواقعة شمال وادي غزة، وفق التقسيم الإسرائيلي الجديد لجغرافية القطاع.

وفي 29 ديسمبر 2024، أطلق مستشفى "أصدقاء المريض" نداء استغاثة لحاجته الماسة لكمية هائلة من الأكسجين.

وقال المدير الطبي للمستشفى سعيد صلاح، في بيان آنذاك "لا يوجد محطة (توليد) أكسجين في المستشفى".

وأشار إلى أن المحطة الحالية تقع في مدينة غزة وتزود المستشفى بنحو 10 أسطوانات فقط من الأكسجين يوميا بما لا يكفي قسمي العناية المركزة والحضانة.

يأتي هذا النقص جراء منع إسرائيل دخول المساعدات الإغاثية منها الأدوية والمستلزمات الطبية باستثناء كميات شحيحة إلى محافظتي غزة والشمال، حيث شددت من القيود المفروضة عليهما مع بدء عمليتها البرية في القطاع في 27 أكتوبر 2023.

وتواصل إسرائيل حصارها المشدد على القطاع منذ 18 عاما، وسط إمعانها في الإبادة الجماعية التي ترتكبها للشهر 16 على التوالي.

 

وقال المدير الطبي للمستشفى، سعيد صلاح، إن "أزمة نقص الأكسجين ما زالت متواصلة"، مضيفا أن "المستشفى سبق وأعلن في نداء عاجل عن نقص الأكسجين ما يهدد حياة المرضى من الأطفال".

وأوضح أن أصدقاء المريض يضم أقسام "العناية المركزة للأطفال والحضانة وسوء التغذية والعمليات والجراحات".

وبيّن صلاح أن تلك الأقسام تستنزف كميات هائلة من الأكسجين خاصة في ظل احتياج عدد كبير من الأطفال المرضى له.

واستكمل قائلاً "عدد كبير من الأطفال يحتاجون لجهاز التنفس الصناعي".

وأشار صلاح إلى أن قسمي الحضانة والعناية المركزة في مستشفى أصدقاء المريض هما الوحيدان اللذان يقدمان خدماتهما للأطفال بعد خروج مستشفى كمال عدوان عن الخدمة الشهر الماضي، بعد محاصرته من الجيش وإفراغه قسريا واعتقال عدد من طواقمه الطبية.

وتابع أن هذه الخدمات تقدم لأطفال غزة المرضى من مناطق "بيت حانون أقصى شمال القطاع وحتى وادي غزة".

وأكمل "كل الأطفال الذين يحتاجون لعناية مركزة وحضانة يتم استقبالهم في المستشفى"، وحذر من خطر حقيقي يداهم حياة الأطفال المرضى جراء نقص الأكسجين.

وأشار إلى أن محطة إنتاج الأكسجين الوحيدة في غزة غير قادرة على تزويد المستشفى بالكميات المطلوبة.

وناشد صلاح الجهات المعنية بـ"سرعة إدخال محطة توليد أكسجين للتغلب على المشكلة وتقديم الخدمة المطلوبة للأطفال".

وخلال الأشهر الماضية، توفي أطفال مرضى جراء نقص الأكسجين في المستشفيات القليلة العاملة في القطاع، حيث أخرجت إسرائيل على مدار 16 شهرا من الإبادة نحو 34 مستشفى و80 مركزا و162 مؤسسة صحية عن الخدمة، ودمرت نحو 136 سيارة إسعاف، وفق بيانات المكتب الإعلامي الحكومي

وحسب وزارة الصحة، فإن الإبادة والحصار تسببا بنقص شديد في قائمة الأدوية بنسبة عجز وصلت إلى 60%، مقابل 83% نقص في قائمة المستهلكات الطبية.

*ارتفاع الوفيات

وبعد بدء الإبادة الجماعية، شهد قطاع غزة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الوفيات مقارنة بما كانت عليه الأعداد قبل 7 أكتوبر 2023.

وقال مدير المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، إسماعيل الثوابتة، إن معدلات الوفيات ارتفعت لنحو 7 أضعاف ما كانت عليه قبل بدء الإبادة.

وأوضح أن أبرز أسباب ارتفاع معدلات الوفيات كانت الجوع والمرض، في ظل النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.

وفي 8 يناير الجاري، قالت المديرة التنفيذية لليونيسيف كاثرين راسل، إن العام الجديد جلب لأطفال غزة "مزيدا من الموت والمعاناة جراء الهجمات والحرمان والتعرض المتزايد للبرد".

فيما سبق وقالت المديرة الإقليمية لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أديل خُضُر، في 5 نوفمبر الماضي، إن ما لا يقل عن 4 آلاف رضيع قد انقطعوا عن خدمة رعاية الأطفال حديثي الولادة المنقذة للحياة في العام الماضي بسبب الهجمات المستمرة على المستشفيات التي تحاول بجد بقائهم على قيد الحياة.

وأشارت إلى أن قطاع غزة وقبل بدء الحرب في أكتوبر 2023، كان يضم نحو 8 وحدات للعناية المركزة لحديثي الولادة بإجمالي 178 حاضنة، لافتة إلى أن هذا العدد لم يكن كافيا أصلا لتلبية الطلب المرتفع على رعاية الأطفال الخدج.

وبينت أن الحرب تسببت بتدمير 3 من وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة كلها في الشمال، حيث انخفض عدد الحاضنات بنسبة 70 % إلى حوالي 54 واحدة في جميع أنحاء القطاع.

وأوضحت نقلا عن أطباء بغزة، أن نسبة الأطفال الذين يولدون قبل أوانهم أو يعانون من سوء التغذية أو مشاكل في النمو ومضاعفات صحية أخرى قد ارتفعت مع تأثير الحرب على نمو أجنتهم وولادتهم ورعايتهم.

تجدد القصف الإسرائيلي
مقتل أربعة جنود إسرائليين - رويترز