في حوار خاص مع «الرياض» تطرق البروفيسور نوبوكاتسو كانيهارا مستشار رئيس الوزراء الياباني السابق أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دوشيشا إلى منافسة القوى العظمى وتأثيرها على الشرق الأوسط، ورأيه بالوضع الحالي في المنطقة وتأثيره على اليابان، مؤكدًا على الدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في منطقة الشرق الأوسط، وتطور العلاقات الثنائية السعودية اليابانية.

فيما سيصادف العام المقبل 2025 الذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين اليابان والمملكة العربية السعودية، وستستضيف اليابان في العام القادم معرض أوساكا كانساي العالمي، والذي من المتوقع أن يلعب دورًا في تعزيز التبادل الثقافي بين اليابان والمملكة.

وفيما يلي نص الحوار:

تطوير المنظومة الجديدة

نشهد اليوم غزو أوكرانيا من قبل روسيا وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، ما ترتب عليه الإخلال بالنظام العالمي. من جهة أخرى، تتقدم العديد من الدول الآسيوية والشرق أوسطية والأفريقية لتحقق التطور الصناعي بعد مرور 200 عام وتعود إلى مكانتها الأصلية في المستقبل القريب.

إنّ القرن الحادي والعشرين يتّسم بتعدد الأقطاب في قيادة المجتمعات الليبرالية. وفي ظل تحول دول آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا إلى دول صناعية وقومية، فيجب على اليابان والدول الغربية الأخرى أن تشارك القيادة مع دول الجنوب العالمي. هذا هو واقع القرن الحادي والعشرين.

كما يجب على اليابان أن تقنع دول الجنوب العالمي التي تطمح للقيادة الدولية بضرورة تحقيق قيادة مشتركة ضمن مجتمع ليبرالي ووفق قواعد الليبرالية.

الشرق الأوسط

تتمتع منطقة الشرق الأوسط بإمكانيات هائلة وتمثّل كنزًا دفينًا من موارد الطاقة وممرات بحرية رئيسية. وتعتمد اليابان على الشرق الأوسط في أكثر من 90% من وارداتها من النفط الخام، ما يؤكد على الأهمية القصوى للسلام واستقرار المنطقة من منظور أمن الطاقة.

من ناحية أخرى، لا يزال الوضع في الشرق الأوسط مدعاة للقلق، بما في ذلك الوضع في قطاع غزة، والوضع الإنساني القاسي في سورية واليمن وأماكن أخرى، إضافة إلى القضية النووية الإيرانية.

محرك للتنمية

وباعتبارها قائدًا رئيسيًّا للعالم العربي والإسلامي وكبرى الدول المنتجة للنفط في العالم، تلعب المملكة العربية السعودية دورًا مهمًا في بناء توافق في الآراء بين الدول العربية والإسلامية حول مختلف القضايا، وفي ضمان استقرار إمدادات الطاقة.

وفي ظل قيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، أصبحت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة أكثر نشاطاً في البحث عن حلول دبلوماسية للأزمات الدولية الكبرى، مثل اليمن وأوكرانيا والسودان وفلسطين، من خلال عقد المؤتمرات الدولية والوساطة والحوار، كما أنها الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين.

وفي هذا الصدد، يمكن للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي تنتهجها المملكة العربية السعودية في إطار رؤية السعودية 2030، وتعزيز مشاركة الشباب والمرأة في المجتمع، والاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة وتطوير الصناعة المحلية وتطوير الترفيه والسياحة والثقافة والرياضة، أن تكون نموذجًا يحتذى به في تنمية المنطقة.

نحن واثقون بأن المملكة العربية السعودية ستواصل لعب دور أكثر أهمية كركيزة أساسية للاستقرار ومحرك للتنمية في منطقة الشرق الأوسط.

آفاق جديدة

تولي حكومة اليابان أهمية كبيرة لشراكتها الاستراتيجية مع المملكة العربية السعودية، تحت مظلة "الرؤية السعودية اليابانية 2030" التي تم الإعلان عنها خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى اليابان في مارس 2017، وهي بمثابة بوصلة للتعاون الشامل بين البلدين وإطار مهم لتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في مجموعة واسعة من المجالات بما في ذلك الطاقة والاقتصاد والاستثمار والسياسة والأمن والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا وغيرها من المجالات.

على سبيل المثال، في قطاع الطاقة، هناك مجال كبير لتعزيز التعاون في مجال الطاقة النظيفة، بما في ذلك الهيدروجين والأمونيا، بما يتخطى علاقة التعاون التقليدية القائمة في مجال إمدادات النفط الخام وتخزينه. وتعد مبادرة "منار للتعاون في مجال الطاقة النظيفة" التي تم الإعلان عنها خلال زيارة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا في يوليو من العام الماضي إلى المملكة مبادرة في غاية الأهمية.

وفي المجال الاقتصادي، يمكن للتكنولوجيا اليابانية المتطورة، والغنى الثقافي الياباني الفريد والخبرة اليابانية المتميزة في مجال الضيافة أن تساهم بشكل كبير في إنجاح العديد من المشاريع العملاقة التي يجري تنفيذها حاليًا في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك المدن الذكية والسياحة والترفيه.

إنّ المملكة العربية السعودية بلد نابض بالحياة حيث يمثل الشباب حوالي 70 % من سكانه. في المقابل، تسبق اليابان دول عديدة حول العالم في التعامل مع إشكالية انخفاض معدل المواليد وشيخوخة المجتمع. لذلك، آمل أن يشكل هذا التلاقي بين التكنولوجيا والقوة الناعمة اليابانية والطاقة الشبابية السعودية فرصًا وإمكانيات جديدة للتعاون وتوسيع العلاقات الثنائية.

إن الذكرى السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين هي فرصة ممتازة ليس فقط للمؤسسات الحكومية وإنّما للمجتمع المدني والشركات والمؤسسات الأكاديمية والبحثية ولشعبيّ البلدين، ليمدّوا جسورًا للصداقة والتعاون بين البلدين من خلال مشاركتهم في فعاليات الاحتفال بهذه الذكرى المميزة، وآمل أن يتم اغتنام هذه الفرصة على أكمل وجه. كما آمل أن تتحقق زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى اليابان في أقرب فرصة ممكنة.

البروفيسور نوبوكاتسو كانيهارا