وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإثنين على أمر تنفيذي يقضي بتخليص الجيش ممّا أطلق عليها "أيديولوجيا التحوّل الجنسي"، في ما يشكّل انتكاسة كبيرة محتملة لحقوق المثليين.
وفي سلسلة من الأوامر المتعلّقة بالجيش التي قال ترمب للصحافيين إنّه وقعها على متن طائرته الرئاسية، دعا إلى بناء نسخة أميركية من نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي "القبة الحديدية".
ووقع الرئيس الجمهوري على أوامر أخرى تقضي بإعادة تعيين أفراد الخدمة الذين تمّ فصلهم لرفضهم تلقّي لقاح كوفيد، وتوسيع نطاق حملة حكومية على برامج التنوّع ضمن القوات المسلّحة.
وقال ترمب خلال مناسبة لمشرّعي الحزب الجمهوري في ميامي، "من أجل ضمان حصولنا على القوة القتالية الأكثر فتكا في العالم، سنعمل على القضاء على أيديولوجيا التحوّل الجنسي في جيشنا".
وكان ترمب قد تعهّد بفرض إعادة الحظر على الجنود المتحوّلين جنسيا، وانتقد أي اعتراف بالتنوّع الجنسي.
وفي قراره، قال ترمب إنّ القوات المسلّحة "أُصيبت بأيديولوجيا جنسية متطرّفة لاسترضاء الناشطين"، مضيفا أنّ "العديد من الحالات الصحية والعقلية والجسدية غير متوافقة مع الخدمة الفعلية".
وجاء في الأمر الصادر عنه أنّ "تبنّي هوية جنسية تتعارض مع جنس الفرد، هو أمر يتعارض مع التزام الجندي بأسلوب حياة مشرّف وصادق ومنضبط، حتى في الحياة الشخصية".
وأضاف أنّ "ادعاء الرجل أنّه امرأة، وطلبه من الآخرين احترام هذا الزيف، لا يتفق مع التواضع والإيثار المطلوبَين من عضو في الخدمة" العسكرية.
وفي قرار آخر، رأى ترمب أنّ برامج التنوّع في الجيش "تقوّض القيادة والجدارة وتماسك الوحدة، وبالتالي تؤدي إلى تآكل قدرة القوات على القتال والاستعداد".
كذلك، منع القرار وزارة الدفاع والقوات المسلّحة من الترويج لنظريات "غير أميركية" تقول إنّ الوثائق التأسيسية للولايات المتحدة عنصرية أو جنسية، أو تعزيز المناقشة بشأن "أيديولوجيا النوع الاجتماعي".
وجاءت القرارات مع بداية الأسبوع الثاني لعودة ترمب إلى البيت الأبيض، وفي اليوم نفسه الذي أُقيم فيه حفل ترحيب في البنتاغون بوزير الدفاع الجديد، العسكري السابق والشخصية المعروفة على شبكة "فوكس نيوز" بيت هيغسيث.
وفي منشور على منصة إكس، قال هيغسيث الذي تمّ التصديق على تعيينه الأسبوع الماضي رغم المخاوف بشأن قلّة خبرته وسجلّه المفترض بشأن الإفراط في شرب الكحول والعنف الأُسري، "شكرا لك على قيادتك سيدي الرئيس. سننفّذ (ما وعدت به)".
في السنوات الأخيرة، واجه الأميركيون المتحوّلون جنسيًا مجموعة متغيّرة من السياسات المتعلّقة بالخدمة العسكرية، حيث سعت الإدارات الديموقراطية إلى السماح لهم بتأدية الخدمة وفق خيارهم الجنسي علنا، بينما سعى ترمب مرارا إلى إبقائهم خارج صفوف الجيش.
ورفع الجيش الأميركي الحظر عن المتحوّلين جنسيا في العام 2016، خلال الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما.
وبناء على تلك السياسة، سُمح للمتحوّلين جنسيا الذين كانوا يؤدون الخدمة العسكرية بأن يقوموا بذلك علنا، بينما كان من المقرّر قبول المجنّدين المتحوّلين جنسيا بحلول الأول من (تموز) يوليو 2017.
غير أنّ إدارة ترمب الأولى أرجأت هذا الموعد إلى العام 2018، قبل أن تقرّر إلغاء السياسة بالكامل، ما أثار انتقادات من قبل جماعات حقوق الإنسان.
من جانبه، تحرّك الرئيس السابق الديموقراطي جو بايدن لعكس هذه القيود بعد أيام على وصوله إلى منصبه في العام 2021، مؤكدا أنّ جميع الأميركيين المؤهّلين لتأدية الخدمة العسكرية يجب أن يكونوا قادرين على القيام بذلك.
وفي حين أنّ عدد الجنود المتحوّلين جنسيا قليل إلى حدّ ما في الجيش الأميركي، بظل تقديرات تشير إلى وجود حوالى 15 ألفا من بين أكثر من مليوني عضو في الخدمة العسكرية، إلّا أنّ طردهم من شأنه أن يقلّل من حجم القوات الأميركية في وقت تواجه البلاد صعوبات في تجنيد أفراد جدد.
وأبدى لويد أوستن وزير الدفاع السابق خلال عهد بايدن، انتقادا لخطط ترمب في خطاب الوداع الذي ألقاه في وقت سابق هذا الشهر، وقال إنّ "أيّ جيش يرفض الوطنيين المؤهّلين الذين يتوقون للخدمة يجعل نفسه أصغر وأضعف".
وكانت قضايا المتحوّلين جنسيا قد أربكت المشهد السياسي الأميركي في السنوات الأخيرة، حيث تحرّكت الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون والديموقراطيون في اتجاهات متعاكسة بشأن سياسات تتراوح من العلاج الطبي إلى ما يمكن للكتب أن تتطرّق إليه بشأن هذا الموضوع، إن كان في المكتبات العامّة أو المدرسية.
وفي هذه الأثناء، تعهّد ترمب مرارا ببناء نسخة من نظام القبة الحديدية الذي تستخدمه إسرائيل لإسقاط الصواريخ التي تطلقها حركة حماس من غزة و"حزب الله" من لبنان.
ولكنه تجاهل واقع أنّ هذا النظام مبني لمواجهة التهديدات قصيرة المدى، ما يجعله غير مناسب للدفاع ضد الصواريخ العابرة للقارات التي تشكّل الخطر الرئيسي على الولايات المتحدة.
وقال ترمب في ميامي "نحن بحاجة إلى البدء فورًا في بناء درع الدفاع الصاروخي المتطوّر القبة الحديدية"، مضيفًا أنّه سيتمّ "تصنيعه هنا في الولايات المتحدة".