قوات الاحتلال: رفع حالة الجاهزية حول غزة
دخل اتفاق وقف إطلاق النار ،في غزة، أمس، يومه الـ25، فيما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بـ"فتح أبواب الجحيم" إذا لم يتم إطلاق سراح المحتجزين الاسرائيليين من القطاع.
وفي لقاء مع الصحافيين في البيت الأبيض اقترح ترامب أن "تلغي" إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار الساري في قطاع غزة منذ 19 يناير الماضي إذا لم تطلق حماس سراح جميع الرهائن بحلول ظهر السبت المقبل.
عاد ترامب إلى التأكيد على جدية مقترحه، ملمحا إلى إمكان أن تقطع إدارته المعونات عن مصر والأردن إذا لم يقبلا استقبال فلسطينيي غزة الذين يعتزم ترحيلهم من القطاع، وهو أمر يرفضه هذان البلدان.
وأتى هذا الوعيد من جانب الرئيس الأميركي بعد أن هددت حماس بتأجيل أيّ عمليات مبادلة رهائن إسرائيليين بمعتقلين فلسطينيين "حتى إشعار آخر"، وذلك ردّا على عدم التزام إسرائيل ببنود اتفاق وقف إطلاق النار.
وقالت اللجان الشعبية، إن الاحتلال لم يلتزم ببنود الاتفاق، وعليه سيتم تأجيل تسليم الأسرى الإسرائيليين المقرر الإفراج عنهم السبت المقبل حتى إشعار آخر.
وأكدت حماس التزامها ببنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بشرط التزام الاحتلال الإسرائيلي بها.
وقالت في بيان إنها نفذت كل ما عليها من التزامات بدقة وبالمواعيد المحددة، ولم يلتزم الاحتلال ببنود الاتفاق، وسجل العديد من الخروقات.
وردت إسرائيل على تهديد حماس بالقول إنها أوعزت لجيشها بـ"الاستعداد لكل السيناريوهات المحتملة". وزعم مكتب رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل تصر على الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار كما هو مكتوب، وتنظر إلى أي انتهاك بجدية.
وأصدر الجيش الإسرائيلي بيانا أعلن فيه أنه قرر "رفع حالة الجاهزية" حول غزة و"دفع تعزيزات كبيرة للقوات في المهام الدفاعية في المنطقة".
في هذه الأثناء تمتنع إسرائيل عن إجراء مفاوضات حول المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، التي كان يجب أن تبدأ يوم الإثنين الماضي،وكان توجه إلى قطر، أمس الاول، وفد إسرائيلي متدني المستوى، وأوعز رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، للوفد بألا تتطرق محادثات الوفد في الدوحة إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.
ووفقا للاتفاق، فإنه يتعين على الجيش الإسرائيلي أن يبدأ بسحب قواته في محور فيلادلفيا، في اليوم الـ42 لبدء سريان الاتفاق، الذي يصادف مطلع مارس المقبل، وأن يستمر ذلك ثمانية أيام، وأن يتم الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، ما يعني وقف الحرب على غزة.
ويتخوف نتنياهو من أن وقف الحرب سيدفع رئيس حزب الصهيونية الدينية ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إلى الانسحاب من الحكومة بسبب معارضته لوقف الحرب، ما يعني أن الحكومة لن تكون مدعومة بأغلبية في الكنيست، بعد انسحاب حزب "عوتسما يهوديت"، برئاسة إيتمار بن غفير، وتزايد احتمالات سقوطها بشكل كبير.
ومن أجل المناورة بين استمرار تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، من دون أن يوافق نتنياهو على الإعلان عن إنهاء الحرب، تجري مداولات في إسرائيل بمشاركة مسؤولين أمنيين حول "اتفاق مرحلي"، بدلا من الانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية، وأن يتم في "المرحلة المرحلية" استمرار تبادل الأسرى من دون الإعلان عن نهاية الحرب، بادعاء استعادة إسرائيل أكثر ما يمكن من أسراها، قبل تفجر الاتفاق والمفاوضات بشأن استمرارها، حسبما ذكرت صحيفة "معاريف" والقناة 12 العبرية.
وأشارت القناة 12 إلى أنه في ظل رفض نتنياهو الانتقال إلى المرحلة الثانية والانسحاب من محور فيلادلفيا، فإنه قد لا تكون مصلحة لدى حماس باستكمال المرحلة الأولى.
وبحسب التقريرين، فإن أجهزة الأمن الإسرائيلية تعتبر أن حلول شهر رمضان المقبل سيؤدي إلى تفجر الأوضاع، من دون انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وفي حال توقف تبادل الأسرى، وأن اتفاقا مرحليا يمكن أن يؤجل انفجار الأوضاع، وتطلق أجهزة الأمن على اتفاق مرحلي كهذا تسمية "دُفعة رمضان".
ويساعد حل كهذا نتنياهو بتمديد الفترة إلى حين الإعلان عن وقف إطلاق نار دائم. والتوقعات في إسرائيل هي أن حماس ستطالب بتعويض يكون بتحرير عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين من ذوي الأحكام المؤبدة وزيادة وتسريع المساعدات الإنسانية للقطاع.
ولا تبدو احتمالات هذا السيناريو مرتفعة، بينما نتنياهو لا يزال يخشى سقوط حكومته. وحسب الصحيفة، فإن نتنياهو يعلم أن خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لتهجير الفلسطينيين "تفقد حجمها بسرعة، كلما يتضح أنها غير واقعية، وأنه ليس متوقعا أن تحدث في المستقبل المنظور".
وأضافت الصحيفة أن مسؤولين إسرائيليين عملوا سرا في الأشهر الأخيرة على وضع خطط لتهجير سكان القطاع، "لكن في إسرائيل لا يعلقون آمالا كبيرة على إمكانية حدوث ذلك، سواء بقيادة أميركية أو إسرائيلية".
قال المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان،إن "قوات الاحتلال تعيد ممارسة الإبادة الجماعية التي شهدها قطاع غزة بأشكال جديدة في الضفة الغربية".
وأضاف المرصد في بيان له، أن "الاحتلال هجّر غالبية سكان مخيم جنين البالغ عددهم أكثر من 13 ألف فلسطيني، و أكثر من 11 ألفا من سكان مخيمي طولكرم ونور شمس، شمالي الضفة الغربية"..
وأشار إلى أن "النهج الإبادي في الضفة لم يقتصر على التهجير القسري بل شمل التدمير والتفجير وحرق المنازل، وأن الاحتلال قتل في 19 يوما 35 فلسطينيا بينهم 5 أطفال وامرأتان وإصابة نحو 300 آخرين بجروح".
بدورها كشفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أن "الاحتلال الإسرائيلي هجر نحو 40 ألف لاجئ فلسطيني قسرا من شمال الضفة الغربية المحتلة".
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على مدن وبلدات شمالي الضفة الغربية، مخلّفا شهداء وجرحى، واعتقالات، ونزوح قسريا، وسط تدمير واسع للممتلكات والبنية التحتية.
*تدمير واسع في البنية التحتية
يواصل الاحتلال الاسرائيلي عدوانه على مدينة جنين ومخيمها لليوم الثاني والعشرين على التوالي مخلفا 25 شهيداً وعشرات الإصابات، ودمارا هائلا في البنية التحتية والممتلكات.
وفجر أمس، اقتحمت آليات الاحتلال الحي الشرقي في مدينة جنين، رفقة جرافات عسكرية التي شرعت في تدمير البنية التحتية والشوارع، ومركبات المواطنين وممتلكاتهم، ونشر جنود الاحتلال قناصته في البنايات العالية وعلى أسطح المنازل.
وكان مساعد محافظ جنين منصور السعدي، قال إن الاحتلال تسبب بدمار هائل في مخيم جنين وتهجير أكثر من 20 ألف مواطن قسرا.
بدوره، قال مدير الغرفة التجارية محمد كميل إن سوق المدينة مغلق بشكل كامل، منوها إلى أن المدينة شهدت إغلاقات تجاوزت 25 يوما منذ بداية العام الجاري، وأن قوات الاحتلال تعمدت تدمير البنية التحتية واقتصاد المدينة.
وأضاف، أن الاقتحامات المتكررة للاحتلال لمدينة جنين ادت لتراجع الحركة الشرائية وصعوبة تنقل وتوزيع البضائع، ووصول أصحاب المحلات التجارية لمحلاتهم، ما أدى لتأثر كافة القطاعات الاقتصادية داخل المدينة وريفها والتي بلغت قرابة 1400 محل تجارية.
ووفق رئيس بلدية جنين محمد جرار، فإن المدينة تكبدت خسائر اقتصادية تجاوزت حاجز 2 مليار دولار في البنى التحتية والمباني والمتاجر، خلال السنوات الثلاثة الماضية، إثر تعرضها لـ 104 اقتحامات متواصلة.
وأشار إلى أن هذا العدوان والإخلاء هو "الأسوأ على الإطلاق"، ويتزامن مع ظروف اقتصادية صعبة، وأن ما يحصل في جنين كارثة على كل المستويات، إنسانية تتمثل بتهجير 15 ألف مواطنا في مدينة صغيرة كجنين يترافق مع ظروف اقتصادية صعبة جدا.
ويواصل الاحتلال لليوم ال22 على التوالي في هدم وحرق منازل المواطنين في المخيم، وسط تحليق مكثف للطائرات المسيرة، كما دمر الاحتلال الشارع الواصل لمحطة التنقية في جنين وأجزاء منها، فيما ما زال يدفع بتعزيزات عسكرية مصحوبة بالجرافات إلى مدينة جنين ومحيط المخيم.
وتواصل آليات الاحتلال في حصار مستشفى جنين الحكومي بعد تجريف مدخله والشارع الرئيسي الواصل إليه.
ولليوم الواحد والعشرين على التوالي تعاني أقسام المستشفى من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب، فيما تعمل أقسام المستشفى الضرورية بالحد الأدنى من طاقتها الاستيعابية بسبب عدوان الاحتلال.
وأحرقت قوات الاحتلال الإسرائيلي بركسا زراعيا خلال اقتحامها قرية الجديدة شرق جنين.
*غرب رام الله
هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمسء، منزلا في قرية دير ابزيع غرب رام الله.
وأفاد رئيس مجلس قروي دير ابزيع عماد الطويل، إن الاحتلال هدم منزل المواطن إيهاب السعافين المكون من طابقين بذريعة البناء بدون ترخيص.
وأشار إلى أن المنزل يقطنه 16 فردا، وتبلغ مساحته 200 متر مربع.
وأفادت مصادر محلية بأن 10 آليات عسكرية اقتحمت القرية برفقة جرافتين وشرعت بتنفيذ عملية هدم لمنزل في القرية.
وأوضح تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن سلطات الاحتلال نفذت الشهر الماضي 76 عملية هدم طالت 126 منشأة، بينها 74 منزلاً مأهولاً، و4 غير مأهولة، و29 منشأة زراعية وغيرها، وتركزت في محافظات جنين بهدم 47 منشأة ثم محافظة القدس 14 منشأة وقلقيلية 11 وبيت لحم ونابلس 10 منشآت لكل منهما.
وفي سياق متصل، أصدرت سلطات الاحتلال 6 أوامر عسكرية تخصص من خلالها أراضي لصالح الاستعمار الرعوي، وأن دولة الاحتلال تمعن في تعزيز الاستعمار الزراعي والرعوي ليس فقط بتشجيع إقامة وإنشاء هذا النوع من البؤر، بل من خلال حمايتها بتخصيص مساحات تصل إلى أكثر من 16 ألف دونم من قبل المؤسسة الرسمية في دولة الاحتلال.
وهذه الأوامر تمعن في منع الرعاة الفلسطينيين من الوصول إلى هذه الأراضي وتمنح المستعمرين كامل صلاحية استخدامها، مضيفاً أن الأمر العسكري الأول الصادر يوم أمس استهدف أراضي محافظتي سلفيت ورام الله، وتحديداً قرى دير بلوط واللبن الغربي بتخصيص ما مجموعه 2600 دونم لصالح رعي المستعمرين وهي مساحات تم إعلانها سابقاً كـ"أراضي دولة"، في حين استهدف الأمر الثاني والثالث والرابع محافظة رام الله وتحديداً قرية كفر مالك بتخصيص ما مساحته 1505 دونم وأراضي دير جرير بأمرين استهدفا ما مجموعه 4900 دونماً لذات الغرض، واستهدف الأمر الخامس أراضي غور الفارعة في محافظة أريحا باستهداف ما مجموعه 426 دونماً، في حين استهدف الأمر السادس ما مجموعه 8700 دونماً من أراضي مدينة طوباس.
و هذه الخطوة، وما ينطوي عليها من مخاطر، تأتي في إطار ما تم الإعلان عنه مراراً عن نية حكومة الاحتلال العمل على تسوية أوضاع "شرعنة" 70 بؤرة استعمارية زراعية ورعوية، ضمن الاتفاقيات الائتلافية بين الأحزاب المكونة لحكومة الاحتلال، وأن خطوة تخصيص الأراضي لصالح الرعي، ستؤدي إلى تثبيت هذه البؤر بمنحها مساحات شاسعة، لتصبح مركزاً ومنطلقاً لتنفيذ المزيد من الاعتداءات الإرهابية بحق المواطنين وممتلكاتهم، مضيفا أن عدد البؤر الرعوية وصل حتى نهاية العام 2024 ما مجموعه 137 بؤرة زراعية ورعوية تمنع وصول المواطنين إلى ما مجموعه 489 ألف دونم.
وأن دولة الاحتلال ماضية في فرض وقائع على الجغرافية الفلسطينية من شأنها أن تعمل على تمزيق الأرض الفلسطينية وفرض منظومة المعازل من أجل إعدام إمكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل. أن ما تفعله دولة الاحتلال على الأرض من مخالفات جسيمة لأبسط قواعد حقوق الإنسان لا يعتدي على مقدرات الشعب الفلسطيني و حقوقه غير القابلة للتصرف وحسب، بل يمعن في اعتدائه على قرارات المجتمع الدولي ومقررات والأمم المتحدة والمواقف القانونية المعلنة بالخصوص.