قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن باريس ولندن تقترحان هدنة لمدة شهر في أوكرانيا تشمل "الجو والبحر والبنية التحتية للطاقة"، وذلك في تصريحات لصحيفة لو فيغارو عقب اجتماع لحلفاء كييف في العاصمة البريطانية.
وشدد الرئيس الفرنسي على أن ما يميّز هدنة بهذه الصيغة هو "أنّنا نعرف كيف نقيسها"، في حين أن خط الجبهة في البرّ يمتد لمسافات هائلة. وأشار ماكرون إلى أن أي قوات حفظ سلام سيتمّ نشرها في مراحل لاحقة، موضحا "لن تنتشر قوات أوروبية على الأراضي الأوكرانية في الأسابيع المقبلة". إلى ذلك، اقترح ماكرون أن تزيد الدول الأوروبية إنفاقها الدفاعي لما بين 3 و3,5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي في مواجهة تبدّل سياسات الولايات المتحدة في عهد دونالد ترمب. وأوضح "على مدى ثلاثة أعوام -منذ بدء غزو موسكو للأراضي الأوكرانية- أنفق الروس 10 بالمئة من إجمالي ناتجهم المحلي على الدفاع... لذا علينا الاستعداد لما سيأتي".
من جانبه ردّ الرئيس ترمب الأحد على الانتقادات التي يواجهها على خلفية تقاربه المتزايد مع موسكو حيال ملف أوكرانيا، قائلا إن على الولايات المتحدة تخفيف شعورها بالقلق حيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكتب ترمب على منصته "تروث سوشال" ليل الأحد "علينا تمضية وقت أقل ونحن نشعر بالقلق من بوتين وأن نمضي المزيد من الوقت في القلق من عصابات المهاجرين التي تضم مغتصبين وتجار مخدرات وقتلة وأشخاصا من مصحات عقلية يدخلون إلى بلدنا - حتى لا ينتهي الأمر بنا مثل أوروبا!". وبدا تحول ترمب الصادم حيال الحرب وروسيا جليا قبل أيام عندما قام بتأنيب الرئيس زيلينسكي أمام الصحافيين في البيت الأبيض. ودفع السجال العلني الذي وصف ترمب خلاله الرئيس الأوكراني بأنه "عديم الاحترام"، زيلينسكي إلى مغادرة البيت الأبيض من دون التوقيع الذي كان منتظرا على اتفاق بشأن حقوق تشارك المعادن الأوكرانية. وأثار تقارب ترمب مع بوتين القلق في أوروبا وفي صفوف الحزب الديموقراطي في الولايات المتحدة الذي عبّر أعضاؤه عن مخاوفهم حيال الأمن القومي.
كما قال الرئيس زيلينسكي إنه يعتقد أن بوسعه إنقاذ علاقته بنظيره الأميركي بعد اجتماعهما العاصف في المكتب البيضاوي، لكنه أوضح أن المحادثات يجب أن تستمر خلف الأبواب المغلقة. وأكد زيلينسكي أن أوكرانيا لن تتنازل عن أي أراضٍ لروسيا في إطار أي اتفاق سلام. وقال إنه لا يزال على استعداد لتوقيع اتفاق معادن مع الولايات المتحدة، ووصف المناقشة التي جرت مع زعماء أوروبيين لإرسال مسودة خطة سلام إلى الولايات المتحدة بأنها تطور مهم.
وأعلن زيلينسكي أن استبداله لن يكون "سهلا"، في وقت ترغب إدارة ترمب برحيله بسبب رفضه الرضوخ لمطالب موسكو.
وقال الذي لم يخلع ملابسه العسكرية منذ الغزو الروسي لبلاده في فبراير 2022، للصحافة في لندن "نظرا إلى ما يحدث، ونظرا إلى الدعم، فإن استبدالي ببساطة لن يكون بهذه السهولة". وأضاف زيلينسكي "لن تكون المسألة مجرد تنظيم انتخابات. بل سيتعين أيضا منعي من الترشح، وهو الأمر الذي سيكون أكثر تعقيدا بعض الشيء".
وذكّر الرئيس الأوكراني الذي يسعى إلى الحصول على ضمانات أمنية لبلاده في حال وقف إطلاق النار، بأنه سبق أن عرض استقالته في مقابل انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي. وقال مساء الأحد "إذا كان هناك حلف شمال الأطلسي وكانت هناك نهاية للحرب، فهذا يعني أنني أنجزت مهمتي".
من جهتها انتقدت مديرة الاستخبارات الوطنية الاميركية تولسي غابارد، الأحد، بشدة قيادة الرئيس زيلينسكي لبلاده، مضيفة بأنه في حين يعمل الرئيس ترمب على إنهاء الحرب الروسية، فإن "زيلينسكي لديه أهداف مختلفة في ذهنه." وقالت غابارد في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز إن "الرئيس ترمب ملتزم بالسلام والحرية"، وفقا لما ذكره الموقع الإليكتروني لصحيفة بوليتيكو الأميركية. وتابعت غابارد: "إننا نشهد هذا التباين الكبير بين موقف ترمب والتزامه بهذه القيم ومصالح الشعب الأميركي من ناحية ومصالح الرئيس زيلينسكي وهؤلاء القادة الأوروبيين من ناحية أخرى." وأوضحت غابارد أن "لدى الرئيس زيلينسكي أهداف مختلفة في ذهنه. لقد قال إنه يريد إنهاء هذه الحرب، لكنه لن يقبل إلا بنهاية تؤدي، على ما يبدو، إلى ما يراه انتصارا لأوكرانيا، حتى وإن كان ذلك يأتي بتكلفة هائلة للغاية تتمثل في احتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة أو حتى حرب نووية". هذا وألمح مسؤولون أميركيون الأحد إلى ضرورة رحيل الرئيس الأوكراني بعد المشادة الكلامية غير المسبوقة مع الرئيس الأميركي. ويبدو أن الغضب الذي خلفه الفشل الذريع للقاء الجمعة في البيت الأبيض لم يهدأ بعد. وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض مايك والتز "نحتاج إلى زعيم قادر على التعامل معنا والتعامل مع الروس في وقت ما وإنهاء هذه الحرب"، في إشارة الى الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ قبل ثلاثة أعوام. وأضاف في مقابلة مع محطة سي إن إن التلفزيونية "إذا اتضح أن الرئيس زيلينسكي لم يعد يرغب، سواء لدوافع شخصية أو سياسية، في إنهاء الحرب في بلاده، أعتقد أننا سنواجه مشكلة حقيقية". وكان الرئيس الأميركي كتب الأحد منشورا على منصته "تروث سوشال" قال فيه إنه "من الآن فصاعدا، لن يكون أمام زيلينسكي من خيار سوى التراجع وقبول الشروط التي وضعها ترمب". وأكد رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون الأحد أن "شيئا يجب أن يتغير". وقال لمحطة إن بي سي "إما أن يعود زيلينسكي إلى رشده وإلى طاولة المفاوضات مع الامتنان، أو على شخص آخر تولي رئاسة البلاد للقيام بذلك".