أعلنت المعارضة في جنوب السودان بأن إحدى قواعدها العسكرية قرب العاصمة جوبا تعرّضت للقصف ليل الاثنين في وقت عبّرت واشنطن عن "قلقها العميق" إزاء تصاعد العنف.

تهدد المواجهات بين القوات الموالية لكل من الرئيس سلفا كير من جهة، وخصمه ونائبه الأول رياك مشار من جهة أخرى، اتفاقهما المبرم عام 2018 لتشارك السلطة وبإغراق البلاد مجددا في الحرب الأهلية.

وفي وقت متأخر الاثنين، أفاد حزب مشار "الحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة" بأن حاميته العسكرية في وناليت، على بعد نحو 15 كيلومترا عن العاصمة جوبا، تعرّضت لهجوم.

وقال متحدث في بيان إن "هذا العمل الاستفزازي يشكّل انتهاكا" لاتفاق السلام المبرم في 2018.

وفي وقت سابق، حذّر الناطق باسم الجيش الموالي لكير، لول رواي كوانغ، من أن قوات مشار في المنطقة "تكثّف تحركاتها" وأرسلت دورية باتّجاه مواقع الجيش "في تشكيلات عسكرية واضحة".

ولم يؤكد الجيش بعد الضربات الأخيرة، لكن وسائل إعلام رسمية تحدثت عن "قصف عنيف".

نال جنوب السودان، الدولة الأحدث عهدا في العالم، استقلاله عام 2011. لكنه ما لبث أن دخل في حرب أهلية استمرت خمس سنوات بين كير ومشار أودت بحياة نحو 400 ألف شخص إلى أن اتفق الطرفان على تشكيل حكومة وحدة بموجب اتفاق السلام.

وتدور المواجهات الأخيرة بمعظمها في مقاطعة ناصر في ولاية أعالي النيل.

وسيطرت مجموعة من الشباب المسلّحين تعرف باسم "الجيش الأبيض" موالية لمشار على قاعدة عسكرية في ناصر في مطلع مارس.

ورد الجيش بتنفيذ ضربات جوية على مناطق قريبة، بما في ذلك عبر استخدام قنابل تحتوي على سائل شديد الاشتعال يعمل كمسرّع لدى الانفجار، بحسب بيان صدر الاثنين عن رئيس بعثة الأمم المتحدة في دولة جنوب السودان (مينوس) نيكولاس هايسوم.

وقال هايسوم إن "هذه الهجمات العشوائية على المدنيّين تتسبّب بخسائر بشرية كبيرة، وإصابات مروّعة"، محذرا من أن "جنوب السودان على شفا حرب أهلية جديدة".

يفيد محللون بأن كير اتّخذ خطوات في الأشهر الأخيرة لتهميش مشار وترقية أعضاء جدد في الحكومة من دون التشاور معه.

وأفادت الخارجية الأميركية الاثنين بأن على كير ومشار "الانخراط في حوار مباشر للحد من تصعيد العنف". وقالت على "إكس" إن "الهجمات التي تشنها ميليشيات غير تابعة للدولة والضربات الجوية المدعومة من الحكومة وترقية مسؤولين خاضعين لعقوبات إلى مناصب رفيعة جميعها أمور مقلقة للغاية".

وجنوب السودان من أفقر بلدان العالم وأفادت اليونيسيف الاثنين بأنه يعاني من أسوأ تفش للكوليرا منذ استقلاله مع حوالي 700 حالة وفاة خلال ستة أشهر، بينهم العديد من الأطفال.

إلى ذلك اتهم ريك مشار النائب الأول لرئيس جنوب السودان أوغندا بانتهاك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة من خلال دخول جنوب السودان بوحدات مدرعة وقوات جوية وشن غارات جوية في جميع أنحاء البلاد.

وقال مشار في رسالة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيجاد) إن التدخل العسكري الأوغندي في جنوب السودان انتهك اتفاق السلام المبرم عام 2018 والذي أنهى حربا أهلية وحشية استمرت خمس سنوات.

وقالت أوغندا إنها نشرت قوات في جنوب السودان في وقت سابق من هذا الشهر بناء على طلب الحكومة هناك، في أعقاب انهيار العلاقة المتوترة بين مشار والرئيس سلفا كير.

وفي أوائل مارس، اعتقلت قوات الأمن العديد من كبار حلفاء مشار في أعقاب اشتباكات بشمال شرق البلاد بين الجيش وميليشيا الجيش الأبيض العرقية، التي تتهم الحكومة مشار بدعمها.

وعلى الرغم من أنهم قاتلوا معا ضد قوات كير خلال الصراع الذي دار من 2013 إلى 2018، إلا أن حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان-المعارضة بزعامة مشار ينفي أي صلات مستمرة مع الجيش الأبيض.

وتحذر الأمم المتحدة من أن تصاعد خطاب الكراهية قد يعيد البلاد إلى الحرب ذات الأسس العرقية.

وتخشى أوغندا أن يؤدي اندلاع صراع شامل في جارتها الشمالية المنتجة للنفط إلى إرسال موجات من اللاجئين عبر الحدود وربما يؤدي إلى عدم الاستقرار.

وقال مشار في الرسالة التي تحمل تاريخ 23 مارس إن "القوات الأوغندية تشارك حاليا في غارات جوية ضد المدنيين"، وحث على الضغط على أوغندا لسحب قواتها.

وتحقق متحدث باسم مكتب مشار من صحة الرسالة التي اطَلعت عليها رويترز.

ولم يرد متحدثون عسكريون في أوغندا وجنوب السودان على الفور على طلبات للتعليق على الانتهاك المحتمل للحظر المطبق منذ يوليو تموز 2018.

وقال المتحدث العسكري باسم حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان-المعارضة لام بول جابرييل إن جيش جنوب السودان هاجم قوات الحزب المتمركزة في معسكر بالقرب من العاصمة جوبا مساء الاثنين. ولم يرد وزير الإعلام في جنوب السودان على الفور على الاتهام. ووافق البرلمان الأوغندي الأسبوع الماضي بأثر رجعي على الانتشار في جنوب السودان، والذي تم الإعلان عنه لأول مرة في 11 مارس.

وقال وزير الدفاع الأوغندي جاكوب ماركسون أوبوث إن الانتشار جاء "لتجنب كارثة أمنية" في أحدث دولة في أفريقيا.

رياك مشار (رويترز)