تشهد سوق الأسهم السعودية حالة من عدم الاستقرار وتراجع في قيمة التداولات اليومية، مع إغلاق يوم الخميس الماضي فقد المؤشر العام للسوق الرئيسية (تاسي) 3 % من قيمته منذ بداية العام و9 % من قمة هذا العام المسجلة في 19 مارس الماضي بعد أن كانت السوق مهيأة لاختراق حاجز 13 ألف نقطة، فماذا أثر على السوق السعودية؟ بالرجوع إلى تحليل معامل الارتباط بين السوق السعودية والنفط ومؤشرات الأسواق العالمية، وتحديداً مؤشر الداو جونز نجد أن السوق السعودية خالفت الأسواق العالمية في شهر مارس عندما ارتفعت إلى أعلى قمتها هذا العام ثم كررتها مرة أخرى في شهر مايو بعد تداول أخبار عن نية أرامكو طرح أسهمها للاكتتاب الثانوي، وهذا الطرح فعلياً هو الأكثر تأثيراً على سوق الأسهم، منذ بداية العام الحالي تم طرح 8 شركات للاكتتاب الأولي والثانوي بقيمة تجاوزت 49 مليار ريال منها 42 ملياراً للطرح الثانوي لشركة أرامكو، حيث تم تخصيص نحو 60 % من أسهم الشركة المعروضة في الطرح للمستثمرين الأجانب حسب وكالة بلمومبرج أي حوالي 25 مليار ريال، وهذا يعني أن الطروحات سحبت فعلياً من السوق حوالي 24 مليار ريال من سيولة السوق المحلية، وعلى الرغم من دخول 25 مليار ريال استثمارات أجنبية في طرح أرامكو إلا أن هذه السيولة ذهبت لصالح المساهم البائع (الحكومة السعودية) وليس لها أي تأثير على سيولة السوق، في المقابل مازالت السيولة في الاقتصاد السعودي تحقق أرقاماً قياسية منذ بداية العام حيث أظهر المعروض النقدي (ن3) بنهاية يوم 27 يونيو الماضي رقماً تاريخياً غير مسبوق وصل إلى 2,918 مليار ريال بنسبة تغير عن نهاية عام 2023 بحوالي 9 % وهذا يعني أن السوق متى ما أظهر مؤشرات إيجابية فإن بعضاً من السيولة سوف تتدفق إلى السوق من الودائع البنكية وخصوصاً الودائع الزمنية والادخارية التي نمت بحوالي 23 % خلال عام واحد بعد أن ارتفع العائد على الودائع وأصبح مغرياً لبعض المستثمرين في الودائع لأجل تحقيق عوائد جيدة مع بيئة مخاطر منخفضة، توقعات خفض الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة على الدولار ربما تفتح شهية المستثمرين للعودة إلى سوق الأسهم، أيضاً التوقعات الجيدة لنمو بعض قطاعات السوق مثل القطاع البنكي حيث أظهرت النشرة الإحصائية للبنك المركزي السعودي أن الأرباح المجمعة للبنوك السعودية نمت خلال شهري أبريل ومايو الماضيين بحوالي 16 % كما نمت القروض البنكية بنسبة 11 % بنهاية شهر مايو الماضي على أساس سنوي، وهذا يعني أن نتائج البنوك في الربع الثاني مع هبوط أسعار أسهمها قد تكون فرصة محفزة للمستثمرين لإعادة بناء مراكزهم في أسهم القطاع المصرفي، أيضاً متوقع نمو أرباح الشركات التي لها علاقة مباشرة مع المشاريع حيث زاد الإنفاق الرأسمالي في ميزانية الدولة وصندوق الاستثمارات العامة وبعض الشركات السعودية وفي مقدمتها أرامكو، حيث تحركت أسهم الشركات التي تُصنع الأنابيب بعد أن أعلنت أرامكو الأسبوع الماضي عن حجم استثمارات كبير في استكشافات جديدة في حقول النفط والغاز، القطاعات التي لها ارتباط مباشر وغير مباشر بالسياحة سوف تنتعش مع ارتفاع إنفاق السياح الأجانب في السعودية حيث أظهرت أرقام الربع الأول من العام الجاري أن الإنفاق وصل إلى 45 مليار ريال بزيادة نسبتها 23 % مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، حسب بيانات البنك المركزي السعودي، وفي حال استمرت هذه الوتيرة، فإن المملكة تتجه لتحقيق عام قياسي جديد في مستويات إنفاق السياح الأجانب الذي وصل في العام الماضي إلى 135 مليار ريال، قطاع البتروكيميائيات الذي تأثر بالتباطؤ الاقتصادي وضعف الطلب على المنتجات البتروكيميائية وتراجع أسعار المنتجات متوقع أن تتحسن نتائجه نسبياً، قطاع الرعاية الصحية وبعد إطلاق برنامج التحول الصحي شهد نمواً كبيراً في أعداد المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية الخاصة وإدراج عدد من الشركات التي تقدم الرعاية الصحية الخاصة وشركات تصنيع الأدوية في سوق الأسهم السعودية لمساعدتها لمواجهة الطلب المتزايد على الخدمات الصحية الخاصة ورفع كفاءتها التشغيلية مع دخول الشركات العالمية ونقل مقراتها الإقليمية إلى السعودية وكذلك النمو السكاني الكبير وزيادة أعداد العاملين في القطاع الخاص والذين يتمتعون بتغطية تأمينية صحية لهم ولعائلاتهم، ولهذا سوف تشهد شركات القطاع الصحي نمواً كبيراً في إيراداتها وكذلك شركات التأمين المرتبطة بالقطاع الصحي، ولذلك نتوقع خلال النصف الثاني من هذا العام عودة الإيجابية لسوق الأسهم السعودية وقد نعود لملامسة نقطة 13 ألفاً أو تجاوزها قبل نهاية العام الحالي.