انخفضت أسعار الذهب مجدداً في تعاملات متقلبة أمس الاثنين حيث واجه الذهب دعما من التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي وسط مخاوف بشأن الركود في الولايات المتحدة، مما أدى إلى عمليات بيع واسعة النطاق في الأسواق المالية على مستوى العالم.

وانخفض الذهب الفوري بنسبة 0.4 % إلى 2433.74 دولار للأوقية، وانخفض الذهب بنسبة 1 % في وقت سابق من الجلسة قبل أن يرتفع بنسبة 0.7 %. وصعدت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 0.2 % إلى 2475.30 دولارا.

وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق في كيه سي إم تريد: "هناك بعض جني الأرباح يحدث بينما يحاول المتداولون قياس مدى عدوانية بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر فيما يتعلق بحجم خفض أسعار الفائدة"، وقال، إن الأسواق في حالة من التقلب بشأن التوقعات الاقتصادية الأميركية وما إذا كانت تخفيضات أسعار الفائدة ستصل بسرعة كافية من بنك الاحتياطي الفيدرالي.

وأظهرت البيانات يوم الجمعة أن نمو الوظائف في الولايات المتحدة في يوليو جاء أقل من التوقعات، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3 %، مما يشير إلى ضعف محتمل في سوق العمل وتعرض أكبر للركود.

وانخفضت أسواق الأسهم وارتفعت السندات في آسيا حيث دفعت مخاوف الركود الأميركي المستثمرين إلى التسرع في الابتعاد عن الأصول الخطرة، ويقوم المتداولون بتسعير فرصة تزيد على 70 % لقيام البنك المركزي الأميركي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، مقارنة بفرصة 11.5 % قبل أسبوع. وتعمل أسعار الفائدة المنخفضة على تقليل التكلفة البديلة للاحتفاظ بالسبائك غير العائدة.

وانخفضت الفضة الفورية بنسبة 1.2 % إلى 28.21 دولارا للأوقية، وانخفض البلاتين بنسبة 2.8 % إلى 931.05 دولارا، وانخفض البلاديوم بنحو 4 % إلى 855 دولارا، مسجلاً أدنى مستوى له منذ أغسطس 2018. كما ساعد ضعف الدولار أسواق المعادن، حيث دفعت مجموعة من القراءات الاقتصادية الأميركية الضعيفة المتداولين إلى تسعير تخفيضات أكبر في أسعار الفائدة الأميركية هذا العام.

وظل الذهب مدعوما بالطلب على الملاذ الآمن مع مستوى قياسي مرتفع في الأفق، وسجلت العقود الآجلة للذهب لفترة وجيزة مستويات قياسية مرتفعة فوق 2500 دولار للأوقية في الجلسات الأخيرة. لكن الأسعار الفورية -التي تشير إلى الطلب على الذهب في الأمد القريب- كانت تتداول على بعد حوالي 25 دولارًا بعيدًا عن أعلى مستوى قياسي بلغ 2483.78 دولارا للأوقية في يوليو.

ومن المتوقع أن يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر وقد ينهي العام بانخفاض الأسعار بمقدار 100 نقطة أساس. وينبئ مثل هذا السيناريو بالخير للذهب، نظرًا لأن انخفاض أسعار الفائدة يقلل من التكلفة البديلة للاستثمار في الأصول غير العائدة. وبقي النحاس بعيداً عن أدنى مستوياته بفضل بعض البيانات الصينية الإيجابية. ومن بين المعادن الصناعية، استفادت أسعار النحاس من انخفاضاتها الأخيرة بفضل بعض البيانات الاقتصادية الإيجابية من الصين، أكبر مستورد.

وارتفعت العقود الآجلة القياسية للنحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.6 % إلى 9,151.50 دولار للطن، في حين ارتفعت العقود الآجلة للنحاس لأجل شهر واحد بنسبة 0.3 % إلى 4.1350 دولار للرطل. وأدت المخاوف المتزايدة بشأن التباطؤ الاقتصادي في البلاد -والذي قد يؤثر سلباً على الطلب على النحاس- إلى انخفاض أسعار النحاس إلى أدنى مستوياتها في أربعة أشهر في الجلسات الأخيرة. كما أن احتمال التباطؤ الاقتصادي العالمي يبشر بالخير للمعدن الأحمر.

وهوت أسواق الأسهم يوم الاثنين وتجاوزت الأسهم اليابانية في وقت ما خسائرها التي تكبدتها في "الاثنين الأسود" عام 1987 مع هروب المستثمرين من المخاطرة بسبب المخاوف من ركود الاقتصاد الأميركي في حين راهنوا على ضرورة خفض أسعار الفائدة لإنقاذ النمو.

وأغلق مؤشر نيكي القياسي الياباني منخفضًا بنسبة 12.40 % عند 31,458.42، وهو أكبر انخفاض له في يوم واحد منذ أكتوبر 1987، في حين خسر مؤشر توبكس الأوسع نطاقًا 12.48 % إلى 2,220.91.

وانخفضت الأسهم الأوروبية بنسبة 1.8 % مع انخفاض مؤشر كاك 40 الفرنسي بنسبة 2.1 %، ومؤشر إيبكس الإسباني بنسبة 2.8 %، ومؤشر فوتسي 100 البريطاني بنسبة 1.7 % وسط مخاوف من ركود عالمي بعد بيانات أميركية ضعيفة.

وكان الطلب على سندات الخزانة مرتفعًا، حيث بلغت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات 3.723 %، وهو أدنى مستوى منذ منتصف عام 2023 بعد ارتفاعها مرة أخرى إلى 3.737 %.

وشهد تقرير الرواتب الضعيف بشكل مقلق لشهر يوليو يوم الجمعة أن الأسواق تتوقع بنسبة 78 % أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي ليس فقط بخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، بل وأيضًا تخفيفها بمقدار 50 نقطة أساس كاملة. وتشير العقود الآجلة إلى تخفيضات بنسبة 122 نقطة أساس في سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية 5.25-5.5 % هذا العام، ومعدلات بنحو 3.0 % بحلول نهاية عام 2025.

وقال محللون في جولدمان ساكس في مذكرة: "لقد قمنا بزيادة احتمالات الركود لمدة 12 شهرًا بنسبة 10 نقاط مئوية إلى 25 %"، على الرغم من اعتقادهم أن الخطر محدود بسبب النطاق الهائل الذي كان لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي لتخفيف السياسة. ويتوقع جولدمان الآن خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر ونوفمبر وديسمبر.

وأضافوا: "إن فرضية توقعاتنا هي أن نمو الوظائف سوف يتعافى في أغسطس وسوف تعتبر لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس استجابة كافية لأي مخاطر هبوطية، وإذا كنا مخطئين وكان تقرير التوظيف في أغسطس ضعيفًا مثل تقرير يوليو، فمن المرجح أن يتم خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر". وكان المحللون في جي بي مورجان أكثر تشاؤمًا، حيث حددوا احتمالية بنسبة 50 % لحدوث ركود في الولايات المتحدة. وقال الخبير الاقتصادي مايكل فيرولي: "الآن بعد أن أصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي يبدو متأخرًا بشكل ملموس عن المنحنى، نتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر، يليه خفض آخر بمقدار 50 نقطة أساس في نوفمبر".