استمر معدل التضخم السنوي في المملكة على وضع متدنٍ ومستقر خلال الأشهر الماضية وبلغ معدل التضخم السنوي 1.6 % خلال شهر أغسطس من عام 2024م، مقارنة بشهر أغسطس 2023م، مستقرا نسبياً على أساس سنوي، نتيجة لارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 8.9 % وأسعار قسم الأغذية والمشروبات بنسبة 0.9 % مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 3.4 %، وأكد عدد من المختصين أن هذه النسب التي تعد متدنية قياسا بنسب التضخم المرتفع التي تسجلها غالبية اقتصادات دول العالم، بما فيها دول متقدمة لأسباب متعددة منها التوترات الجيوسياسية والأزمات في سلاسل الإمداد، تعكس قوة ومتانة الاقتصاد السعودي وقدرته على مواجهة مختلف التحديات والمتغيرات، كما أنها دليل على جدوى السياسة الاقتصادية والقرارات التي باشرت المملكة العمل بها في وقت مبكر لمواجهة موجة التضخم العالمي وارتفاع الأسعار.

وأكدت البيانات التي تضمنتها تقارير الهيئة العامة للإحصاء، ارتفاع الإيجارات الفعلية للمساكن بنسبة 10.7 % في شهر أغسطس 2024م، متأثرة بالزيادة في أسعار إيجارات الشقق بنسبة 10.8 %، مبينة أن ارتفاع هذه المجموعة كان له أثٌر كبيٌر في استمرار وتيرة التضخم السنوي لشهر أغسطس 2024م نظًرا للوزن الذي تشكله هذه المجموعة 21.0 %، كما أن أسعار قسم الأغذية والمشروبات ارتفعت بنسبة 0.9 %؛ متأثرة بارتفاع أسعار الخضار بنسبة 4.6 %، كما سجل قسم المطاعم والفنادق ارتفاًعا نسبته 1.5 %؛ متأثًرا بارتفاع أسعار خدمات تقديم الطعام بنسبة 1.6 %، وسجل قسم التعليم ارتفاًعا بـنسبة 1.6 %؛ متأثًرا بارتفاع أسعار رسوم التعليم المتوسط والثانوي بنسبة 3.8 %.

وأظهرت بيانات الهيئة انخفاض أسعار قسم تأثيث وتجهيزات المنزل بنسبة 3.5 %، بدعم من انخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 6.2 %، وتراجع أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 3.2 %؛ بدعم من انخفاض أسعار الملابس الجاهزة بنسبة 5.6 %، كما تراجعت أسعار قسم النقل بنسبة 3.4 %؛ متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 4.9 %.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلك في شهر أغسطس 2024م بنسبة 0.1 %، مقارنةً بشهر يوليو 2024م، وتأثر مؤشر التضخم الشهري بارتفاع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 0.4 % والذي تأثر بدوره بارتفاع أسعار الإيجارات الفعلية للمساكن بنسبة 0.5 %.

وشهد المؤشر زيادة بقسم الأغذية والمشروبات بنسبة 0.4 % جراء ارتفاع أسعار الخضار بنسبة 1.8 %، وشهد المؤشر انخفاضا في أسعار قسم المطاعم والفنادق بنسبة 0.2 %، وقسم النقل بنسبة 0.2 %، وقسم الملابس والأحذية بنسبة 0.6 %، وقسم تأثيث وتجهيزات المنزل بنسبة 0.4 %، وقسم الترفيه والثقافة بنسبة 0.1 %، في حين لم تسجل أسعار خدمات: التعليم، والسلع والخدمات الشخصية المتنوعة والصحة والاتصالات ومنتجات التبغ تغير نسبي يذكر في شهر أغسطس 2024م.

وأكد الاقتصادي الدكتور عبدالله صادق دحلان "أن تدني معدل التضخم في المملكة قياسا بالنسب التي تسجلها غالبية دول العام يعكس جدوى السياسات الحكيمة التي باشرتها المملكة في وقت مبكر لمواجهة موجة التضخم العالمي وارتفاع الأسعار والتي تضمنت العديد من الإجراءات من بينها زيادة أو خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو والتحكم في تدفق الأموال إضافة إلى نجاحها في تنظيم الأمور النقدية عبر زيادة أو خفض كمية النقد المتداولة إمعانا في استقرار الأسعار، وكذلك المراقبة الصارمة للأسواق لضمان ضبط الأسعار وعدم السماح بارتفاعها بشكل سريع ومبالغ فيه، وأيضا وهو الأهم المسارعة إلى دعم الشرائح الهشة في المجتمع ودعم الإنتاج المحلي وتشجيع الإنفاق محليا والتقليل من الاعتماد على الواردات عبر تفضيل المنتج المحلي، وتقديم التسهيلات للمستثمرين وتبسيط الإجراءات وتحسين بيئة الاستثمار التي تدعم جلب المزيد من الاستثمارات.

بدوه قال المستشار القانوني المحامي الدكتور أنور علي بخرجي "إن التضخم مشكلة عالمية تعاني منها كثر من الدول والبلدان بما فيها دول متقدمة، ولكننا في المملكة تمكنا بفضل الله ثم بفضل حنكة وحكمة قيادتنا الرشيدة من تحجيمه وخفضه إلى نسب ومستويات متدنية، ودون النسب التي كانت متوقعه، حيث باشرت المملكة اتخاذ ما يلزم من التدابير الاستباقية والسياسات لاحتواء ارتفاع الأسعار، ووضعت سقف لأسعار البنزين، كما رفعت مستوى المخزون الغذائي وعملت بشكل فعال على دعم برامج الحماية الاجتماعية عبر العديد من البرامج والمبادرات الموجهة لمختلف شرائح المجتمع وطوائفه وخصوصا الطبقات المتوسطة والأقل دخلا".

يُذكر أن مؤشر أسعار المستهلك (CPI) يعكس التغيرات في الأسعار التي يدفعها المستهلكون مقابل سلة ثابتة من السلع والخدمات تتكون من 490 بنداً، وقد تم اختيار هذه السلة بناءً على نتائج مسح إنفاق ودخل الأسرة الذي أُجري في عام 2018م، ويتم جمع الأسعار المعنية من خلال الزيارات الميدانية لنقاط البيع، وتُنشر إحصاءات مؤشر أسعار المستهلك في المملكة على أساس شهري.

عبدالله دحلان
الدكتور أنور بخرجي