صدر أحدث تقارير معهد المحاسبين القانونيين ICAEW للمستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط، والذي أعدته مؤسسة «أكسفورد إيكونوميكس»، ليرسم آفاقا متفائلة بحذر للمنطقة. ففي حين من المرجح أن يبلغ النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط 2.1 % في عام 2024، من المتوقع أن يتسارع بقوة إلى 3.7 % في عام 2025، مدفوعاً إلى حد كبير بعكس تخفيضات إنتاج النفط من قبل أوبك+.

النمو في دول المجلس

تستعد دول مجلس التعاون الخليجي لانتعاش هائل، إذ من المتوقع أن يتضاعف النمو إلى أكثر من 4.4 % في عام 2025 مع التخلص التدريجي من تخفيضات إنتاج النفط. ويسلط التقرير الضوء على مرونة القطاعات غير المرتبطة بالطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي من المتوقع أن تتوسع بنسبة 4.4 % في 2025. ومن المتوقع كذلك للزخم المحلي القوي، إلى جانب التخفيضات المرتقبة في أسعار الفائدة، أن يؤدي إلى تحفيز الاستهلاك والاستثمار الخاص، مما يعزز الآفاق الاقتصادية العامة للمنطقة.

النمو في 2024 يتأثر

وقد أدى تمديد خفض إنتاج النفط من قبل أوبك+ إلى مراجعة طفيفة للنمو المتوقع لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2024 إلى 2.1 % من 2.2 % قبل ثلاثة أشهر. وبينما يعكس ذلك التأثير المؤقت على قطاع الطاقة في المنطقة، فإن توقعات 2025 تظل متفائلة مع زيادة إنتاج النفط، مما يوفر دفعة قوية لاقتصادات المنطقة.

ويؤكد التقرير على مرونة القطاعات غير المرتبطة بالطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي من المتوقع أن تنمو بنسبة 4.2 % هذا العام، وبنسبة 4.4 % في 2025، وتشير القراءات الأخيرة لمؤشر مديري المشتريات إلى نشاط محلي قوي، ومن المتوقع أن تعمل تخفيضات أسعار الفائدة المرتقبة على تعزيز الاستهلاك والاستثمار الخاص، وأصبحت هذه القطاعات، بما في ذلك السياحة والتجارة والتمويل، بمثابة محركات نمو حاسمة في جهود التنويع الاقتصادي بالمنطقة.

الكويت تواجه تحديات وسط تخفيضات النفط

من المتوقع أن ينمو اقتصاد الكويت بنسبة 0.5 % فقط بسبب تخفيضات إنتاج النفط المستمرة، ولكن من المتوقع أن ينتعش إلى 2.5 % في 2025 - 2026. ومن المرجح لاكتشاف حقل النوخذة النفطي مؤخراً، والذي تقدر الاحتياطيات فيه بنحو 3.2 مليارات برميل، أن يحقق مكاسب نفطية مستقبلية أعلى، ويدعم أجندة الكويت لتوسيع إنتاجها إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2035.

ومن المتوقع أن يحقق اقتصاد عُمان معدل نمو بنسبة 1.5 % في عام 2024، بدعم من قطاع مرن غير مرتبط بالطاقة. ومن المتوقع أن يكتسب النمو المزيد من الزخم، ليصل إلى 2.3 % في عام 2025، مع تخفيف القيود المفروضة على إنتاج النفط. وتظل المالية العامة في سلطنة عُمان قوية، مع توقع فائض في الميزانية على الرغم من انخفاض عائدات الطاقة، وقد أشادت وكالة «موديز» بالتزام السلطنة بالإصلاحات المالية وجهود التنويع، حيث رفعت مؤخراً تصنيف عُمان الائتماني من Ba1 إلى إيجابي.

المخاطر الجيوسياسية لا تزال قائمة

يسلط التقرير الضوء على المخاطر الجيوسياسية المستمرة، وخاصة الصراعات الإقليمية، والتي قد تؤثر على القطاعات المرتبطة بالسياحة والتجارة، وتضيف طبقة من عدم اليقين إلى التوقعات، ومع ذلك، فإن التقدم المفاجئ والمحتمل في المحادثات النووية مع إيران يوفر بعض إمكانات الصعود لإنتاج النفط والصادرات في الأمد المتوسط.

توقعات التضخم

تم خفض توقعات التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي لعام 2024 إلى 1.7 %، ولكن من المتوقع أن يرتفع إلى 2.1 % العام المقبل. ويظل التضخم أقل من 2 % في جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء الكويت والإمارات العربية المتحدة، حيث تستمر المعدلات المرتفعة قليلاً بسبب ضغوط أسعار المساكن.

وقالت هنادي خليفة، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW: «يؤكد التقرير على أهمية المرونة في التعامل مع الصعوبات الاقتصادية العالمية والتحديات الجيوسياسية الإقليمية. ونحن على ثقة بأن مجتمع الأعمال في الشرق الأوسط، وبدعم من خبرات مهنة المحاسبة، سيستمر في إظهار قدرته على الابتكار والازدهار وسط هذه التحديات».

وقال سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW وكبير الخبراء الاقتصاديين والمدير العام في أكسفورد إيكونوميكس الشرق الأوسط: «إن الاستثمار الاستباقي والاستراتيجي لدول مجلس التعاون الخليجي في القطاعات غير النفطية، إلى جانب التعافي التدريجي لإنتاج النفط، يمهد الطريق لنمو قوي في 2025، ومن المتوقع أن يتضاعف إلى أكثر من 4.4 %. وفي بيئة عالمية من تباطؤ النمو الاقتصادي، تبرز مرونة دول مجلس التعاون الخليجي بكل وضوح. إن الأداء القوي للمنطقة في كل من القطاعات المرتبطة بالطاقة وغير المرتبطة بها -وخاصة السياحة والتجارة والتمويل- يجعلها في وضع يسمح لها بالنجاح المستدام في العام المقبل».

ورغم التحديات المستمرة، يرسم أحدث تقارير المستجدات الاقتصادية لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW، صورة إيجابية للآفاق الاقتصادية للمنطقة في 2025، مدفوعة بعكس تخفيضات إنتاج النفط، واستمرار القوة في القطاعات غير المرتبطة بالطاقة.

دول الخليج تحقق نمواً اقتصادياً في وسط حالة ركود للاقتصاد العالمي