رفعت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، سعر خامها الرئيسي إلى آسيا بأكثر من المتوقع وسط تقلبات عالية في أسعار النفط العالمية وسط تصاعد الصراع في الشرق الأوسط.

ورفعت أرامكو السعودية في نهاية الأسبوع سعر تحميل خامها العربي الخفيف لآسيا في نوفمبر بمقدار 0.90 دولارًا للبرميل إلى علاوة قدرها 2.20 دولارًا للبرميل فوق مؤشر دبي / عمان. وأسعار دبي / عمان هي المعيار الذي يحدد المنتجون في الشرق الأوسط على أساسه أسعار إمداداتهم إلى آسيا.

وكان المصافي والتجار في آسيا يتوقعون أن يكون الارتفاع أكثر تواضعًا بنحو 0.65 دولارًا للبرميل. وبينما رفعت سعر نفطها إلى آسيا، خفضت المملكة سعر جميع درجاتها للتحميل للولايات المتحدة وأوروبا الشهر المقبل.

وكتب وارن باترسون وإيوا مانثي، استراتيجيا السلع في آي إن جي، في مذكرة يوم الاثنين، أن خفض الأسعار للأسواق خارج آسيا كان "ربما في محاولة لاستعادة حصة السوق في السوق الأوروبية".

وأضاف الاستراتيجيان: "قد تشير وجهات النظر المتباينة بشأن الأسعار في مناطق مختلفة أيضًا إلى توقعات باختلال التوازن افي تلك الاسوق النفطية".

وفي الشهر الماضي، خفضت المملكة أسعار البيع الرسمية لشهر أكتوبر إلى آسيا، وسط تدهور هوامش التكرير في الصين والمنطقة الآسيوية الأوسع وضعف أسعار دبي القياسية. وقدرت مصادر تجارية أن المملكة ستزيد إمداداتها من النفط الخام إلى الصين في أكتوبر بعد خفض الأسعار.

لكن أحدث الأسعار، التي رفعت فيها أرامكو أسعارها إلى آسيا، قد تعكس توقعات بزيادة الطلب في المنطقة. وجاء تحرك الأسعار من المملكة بعد أيام من ترك مجموعة أوبك+ لسياسة الإنتاج الحالية دون تغيير، متوقعة أن تبدأ في إضافة الإمدادات إلى السوق في ديسمبر، ويأتي التسعير الجديد أيضًا وسط ارتفاع أسعار النفط، التي ارتفعت بنحو 8% الأسبوع الماضي بسبب المواجهة بين إسرائيل وإيران.

وتحدد شركة أرامكو أسعار خامها بناءً على توصيات من العملاء وبعد حساب التغير في قيمة نفطها خلال الشهر الماضي، بناءً على العائدات وأسعار المنتجات. وحددت أسعار البيع الرسمية للخام السعودي اتجاه الأسعار الإيرانية والكويتية والعراقية، مما أثر على حوالي 9 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام المتجه إلى آسيا.

المزايا التنافسية

وتسعى شركة أرامكو السعودية، إحدى أكبر شركات الطاقة والكيميائيات المتكاملة في العالم، جاهدة لتوفير طاقة موثوقة وأكثر استدامة وبأسعار معقولة للمجتمعات في جميع أنحاء العالم، وتحقيق القيمة لمساهميها عبر دورات الأعمال من خلال المحافظة على ريادتها في إنتاج النفط والغاز ومكانتها الرائدة في مجال الكيميائيات، وبهدف تحقيق القيمة من خلال سلسلة منتجات الطاقة وتنمية محفظتها بشكل مربح.

وتتمتع أرامكو السعودية بعدد من المزايا التنافسية، منها انتاجها أحد أقل أنواع النفط الخام من حيث كثافة الانبعاثات الكربونية الصاحبة لأعمال قطاع التنقيب والإنتاج مقارنة بكبار منتجي النفط، علاوة على تمتع الشركة بحق تشغيل منفرد وطويل المدى لموجودات تنقيب وإنتاج عالية الجودة ومتمركزة في مناطق متقاربة.

وتعد الحقول البرية عمومًا مصدر خامات المملكة الأخف وزناً، بينما يركز الإنتاج البحري بشكل أساسي عن الخامات المتوسطة والثقيلة، ويعد الخام العربي الخفيف الأكثر انتاجاً، بمتوسط إنتاج في عام 2022 بلغ 5.42 مليون برميل في اليوم.

وحققت أرامكو السعودية إجمالي إنتاج من المواد الهيدروكربونية بلغ 12.3 مليون برميل مكافئ نفطي في اليوم خلال الربع الثاني 2024، مما يبرهن على استمرارية سلامة أعمالها وموثوقيتها وكفاءتها. وأسفرت أعمال الاستكشاف عن سبع اكتشافات للنفط والغاز في المنطقة الشرقية والربع الخالي في المملكة، تمثلت في حقلين للنفط غير التقليدي، ومكمن للنفط العربي الخفيف، وحقلين للغاز الطبيعي، بالإضافة إلى مكمنين للغاز الطبيعي.

وتقدر وكالة الطاقة الدولية الطاقة الإنتاجية الفائضة لمنظمة أوبك عند مستوى تاريخي مرتفع يبلغ 5.8 مليون برميل يوميا، أي ما يقرب من 6% من استهلاك النفط، بما في ذلك 3.3 مليون برميل يوميا في المملكة، ومليون برميل يوميا في الإمارات، و600 ألف برميل يوميا في العراق.

وفيما يتعلق بإمدادات النفط العالمية، رفعت الوكالة تقديراتها للنمو من حوالي 700 ألف برميل يوميا إلى 770 ألف برميل يوميا على خلفية الإنتاج القوي من الولايات المتحدة في الربع الثاني، كما أشارت إلى ارتفاع بمقدار 150 ألف برميل يوميًا إلى 102.9 مليون برميل يوميًا في يونيو بعد أن انتعشت البرازيل وكندا وكازاخستان من صيانة حقول النفط ومع ارتفاع إنتاج الوقود الحيوي موسميًا لتعويض الانخفاض الكبير في الإنتاج من المملكة.

وتتوقع نمو الإمدادات من خارج أوبك + بمقدار 1.5 مليون برميل يوميًا هذا العام وانخفاضًا قدره 740 ألف برميل يوميًا من أوبك + بسبب تخفيضات الإنتاج. وبالنسبة لعام 2025، تتوقع نمو إمدادات النفط العالمية بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا إلى مستوى قياسي يبلغ 104.8 مليون برميل يوميًا.

وتمتلك أوبك طاقة نفطية احتياطية كافية للتعويض عن الخسارة الكاملة للإمدادات الإيرانية إذا دمرت إسرائيل منشآت تلك الدولة لكن مجموعة المنتجين ستكافح إذا ردت إيران بضرب منشآت في دول الخليج المجاورة.

وارتفعت صادرات النفط الإيرانية هذا العام إلى ما يقرب من أعلى مستوياتها في عدة سنوات عند 1.7 مليون برميل يوميًا على الرغم من العقوبات الأمريكية. وتشتري المصافي الصينية معظم إمداداتها من إيران وتقول بكين إنها لا تعترف بالعقوبات الأمريكية الأحادية الجانب.

وقالت أمريتا سين، المؤسس المشارك لشركة إنيرجي أسبكتس: "من الناحية النظرية، إذا فقدنا كل الإنتاج الإيراني -وهو ليس حالتنا الأساسية- فإن أوبك+ لديها طاقة احتياطية كافية لتعويض الصدمة".

وخفضت أوبك+، التي تضم أوبك وحلفاء مثل روسيا وكازاخستان، الإنتاج في السنوات الأخيرة لدعم الأسعار وسط ضعف الطلب العالمي. لذا فإن المجموعة تجلس على ملايين البراميل من الطاقة الاحتياطية.

وقال جيوفاني ستونوفو، المحلل في يو بي إس، إنه في حين أن أوبك لديها طاقة احتياطية كافية للتعويض عن فقدان الإمدادات الإيرانية، فإن الكثير من هذه الطاقة موجودة في منطقة الخليج في الشرق الأوسط وقد تكون عرضة للخطر في حالة تصعيد الصراع أكثر.

وقال "قد تكون الطاقة الاحتياطية المتاحة فعليًا أقل بكثير إذا حدثت هجمات متجددة على البنية التحتية للطاقة في دول المنطقة"، مضيفًا أن الغرب قد يضطر إلى استغلال الاحتياطيات الاستراتيجية إذا حدثت اضطرابات شديدة.

وتداولت أسعار النفط في نطاق ضيق يتراوح بين 70 و90 دولارًا للبرميل على مدار السنوات الماضية على الرغم من الحرب بين روسيا وأوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط.

وقال ريت بينيت، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك ماونتن، التي لديها عمليات في حوض بيرميان الأمريكي، إن ارتفاع الإنتاج الأمريكي ساعد في تخفيف علاوة الخوف في أسواق النفط. تنتج الولايات المتحدة 13% من النفط الخام العالمي ونحو 20% من إنتاج النفط السائل العالمي مقارنة بحصة أوبك البالغة 25% من إنتاج النفط الخام العالمي ونحو 40% من أوبك+.

وقال بينيت "إن هذا التحسن في الطلب على النفط الخام، إلى جانب الطاقة الاحتياطية الصحية داخل أوبك، يترجم إلى شعور السوق بالعزلة عن صدمة العرض الدرامية - بغض النظر عن الاشتعال الدائم في الشرق الأوسط".