تمتلك المملكة العربية السعودية في الغاز الطبيعي، 335.97 تريليون قدم مكعبة (9.5 تريليونات متر مكعب) من الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي بنهاية عام 2023، وفق تقديرات أويل آند غاز جورنال، المتوافقة مع بيانات منظمة أوبك، وانخفض إنتاج الغاز الطبيعي في السعودية إلى 114.1 مليار متر مكعب بنهاية 2023، مقارنة مع 116.7 مليار متر مكعب عام 2022، لكنه يمثّل ارتفاعًا حادًا عن مستويات الإنتاج عام 1970 والبالغة 1.5 مليار متر مكعب فقط، وفق أحدث بيانات معهد الطاقة.

ولا تستورد الرياض الغاز أو تصدره؛ ففي نهاية عام 2023، بلغ استهلاك الغاز الطبيعي في السعودية 114.1 مليار متر مكعب مقابل 116.7 مليار متر مكعب، إذ يأتي أغلب الطلب من صناعة البتروكيماويات الضخمة في البلاد، ويستهلك جميع الغاز الطبيعي المنتج في المملكة محليًا في محطات توليد الكهرباء وصناعة البتروكيماويات وغيرهما من القطاعات، ومحطات تحلية المياه، فضلًا عن إعادة حقن الغاز في حقول النفط.

وتنتج شركة أرامكو نحو 50 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز غير المصاحب، مع 8.8 مليارات قدم مكعبة يوميًا من الغاز المصاحب، وفقًا لتقديرات شركة بلاتس أناليتيكس أوائل عام 2020. وفي نوفمبر 2023، نجحت، في إنتاج أول غاز حبيس غير تقليدي في جنوب حقل الغوار، بقدرة معالجة وصلت إلى 300 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز، و38 ألف برميل يوميًا من المكثفات.

وتأمل السعودية في أن تصبح مُصدرة للغاز الطبيعي بحلول عام 2030، لتنويع مبيعات النفط، مع حقيقة أنها سادس أكبر دول العالم امتلاكًا للغاز الطبيعي، وفق تقديرات أوبك، وتعمل السعودية على تحقيق هذا الهدف من خلال مشروع غاز الجافورة، الذي يُعد أحد أكبر حقول الغاز غير التقليدية عالميًا، باحتياطيات ارتفعت إلى 229 تريليون قدم مكعبة قياسية (أو ما يعادل 6.48 تريليونات متر مكعب)، بالإضافة إلى 75 مليار برميل من المكثفات.

وحفرت أرامكو السعودية 150 بئرًا في حقل الجافورة للغاز الصخري بصفته جزءًا من برنامج التنقيب والتقييم الذي بدأ عام 2013. بينما حصلت أرامكو على الموافقة التنظيمية لتطوير حقل غاز الجافورة بقيمة 110 مليارات دولار في فبراير/شباط لعام 2020. وفي يونيو 2024، قررت أرامكو بدء المرحلة الثانية من مشروع تطوير غاز الجافورة من خلال ترسية 16 عقدًا تُقدّر بـ12.4 مليار دولار.

وتتضمّن المرحلة الثانية إنشاء مرافق ضغط الغاز وخطوط الأنابيب، وكذلك توسعة معمل غاز الجافورة، وبناء وحدات معالجة الغاز، ومرافق الكبريت والتصدير، وإنشاء مرافق (رياس) الجديدة لتجزئة سوائل الغاز التابعة للشركة في الجبيل.

حقل الجافورة

وتتوقع السعودية أن ينتج حقل الجافورة نحو 200 مليون قدم مكعبة يوميًا (5.7 ملايين متر مكعب يوميًا) من الغاز بحلول الربع الثالث من عام 2025، على أن يرتفع معدل الإنتاج إلى ملياري قدم مكعبة يوميًا (57 مليون متر مكعب يوميًا)، بحلول 2030، بالإضافة إلى إنتاج كميات ضخمة من الإيثان، ومن المرجح أن الحقل المملكة في المرتبة الثالثة على مستوى العالم في إنتاج الغاز الطبيعي بحلول عام 2030، بحسب وزارة الطاقة السعودية. ويهدف مشروع غاز الجافورة في المقام الأول إلى توفير الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء المحلية، ولتشغيل قطاعات متعددة، مثل صناعة الحديد والألومنيوم وتحلية المياه وإنتاج البتروكيماويات، وهو بمثابة جزء من الإستراتيجية الاقتصادية لرؤية المملكة 2030 للتنويع بعيدًا عن النفط.

وفضلًا عن ذلك، بات الغاز الطبيعي ركيزة رئيسة لتقليل الاعتماد على النفط، خاصة وسط سياسات تحوّل الطاقة، مع واقع أن الغاز أقل أنواع الوقود الأحفوري إطلاقًا للانبعاثات. وفي سبتمبر 2021، فتحت أرامكو مشروع الجافورة للاستثمار من قبل الشركات الأجنبية من أجل تمويل المشروع بقيمة 110 مليارات دولار، أملًا في تحقيق رؤيتها الطموحة بالنسبة إلى الغاز الطبيعي.

وتستهدف شركة أرامكو السعودية تعزيز مكانتها في سوق الغاز الطبيعي المسال عالميًا، وبدأت في 2024 أول استثماراتها الدولية في هذا القطاع عبر استحواذها على حصة أقلية إستراتيجية في شركة ميد أوشن إنرجي من شركة إي آي جي غلوبال إنرجي مقابل 500 مليون دولار أميركي.

وفي حقول النفط والغاز، تمتلك السعودية حقل الغوار، وهو أكبر حقل نفط بري في العالم من ناحية الاحتياطيات المؤكدة، إذ يحتوي على 58.3 مليار برميل مكافئ من النفط. وتمثّل موارد الحقل العملاق ربع إجمالي احتياطيات السعودية من النفط الخام، كما يبلغ إنتاجه أكثر من نصف إجمالي إنتاج النفط الخام في المملكة، بحسب بيانات لشركة أرامكو، ورغم اكتشاف الحقل في عام 1940، فإن الإنتاج لم يبدأ سوى عام 1951، بمعدل وصل إلى 600 ألف برميل يوميًا، قبل أن يواصل النمو حتى بلغ 5 ملايين برميل يوميًا في الوقت الحالي. وينقسم حقل الغوار إلى 6 مناطق أساسية، وهي: فزران - عين دار - شدقم - العثمانية - الحوية - حرض.

وإلى جانب الغوار، تمتلك السعودية أحد أكبر الحقول النفطية في العالم، وهو حقل منيفة البحري، الذي ينتج 900 ألف برميل يوميًا، ويوجد في المياه الإقليمية للسعودية شمال الجبيل على الخليج العربي. واكتشفت المملكة حقل منيفة عام 1957، لكنها أوقفت إنتاجه عام 1984، بسبب انخفاض الطلب على النفط الخام العربي الثقيل، قبل أن تقرر في عام 2006 البدء في وضع خطط وتصميمات لتطوير الحقل بشكل جذري، ولدى السعودية عدة حقول رئيسة، مثل خريص والسفانية وأبوسعفة والشيبة وغيرها، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة، بينما ترتبط معظم حقول الغاز الطبيعي في السعودية برواسب النفط، أو توجد في الآبار نفسها مثل النفط الخام، مع حقيقة أن معظم الإنتاج يأتي من حقول الغوار والسفانية والبري والظلوف.

ويمثّل الغاز الطبيعي المصاحب المنتج من حقل نفط الغوار وحده ما يقرب من 48 % من إجمالي الإنتاج، وفقًا لبيانات شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي. ويُعد حقل غاز كران، المُكتشف عام 2006، هو أول تطوير بحري للغاز غير المصاحب في السعودية، وبدأ تشغيل الحقل عام 2012، بطاقة إنتاجية تبلغ 1.8 مليار قدم مكعبة يوميًا من الغاز الحامض الذي يُسلم عبر خط أنابيب تحت سطح البحر بطول 68 ميلًا إلى محطة الغاز الطبيعي في الخرسانية.

كما بدأ حقل الحصبة البحري الإنتاج في مارس 2016 بسعة 1.3 مليار قدم مكعبة يوميًا. بينما يُعَدّ الجافورة أكبر حقل مكتشف في السعودية للغاز غير المصاحب وغير التقليدي، الذي من المتوقع أن يبدأ الإنتاج عام 2025.

وفي 2023، نجحت السعودية في التوصل إلى حقلين للغاز في الربع الخالي، والوصول إلى آبار جديدة في حقول مكتشفة سابقًا. وتوصلت شركة أرامكو السعودية إلى اكتشاف حقل «الحيران» للغاز الطبيعي، بمعدل تدفّق بلغ 30 مليون قدم مكعبة يوميًا، و1600 برميل من المكثفات من مكمن «حنيفة» في بئر (الحيران - 1)، كما تدفّق الغاز من مكمن «العرب - ج» في حقل الحيران، بمعدل 3.1 مليون قدم مكعبة يوميًا.

كما أعلنت عملاقة النفط السعودية اكتشاف حقل «المحاكيك» للغاز الطبيعي، بمعدل تدفّق 0.85 مليون قدم مكعبة يوميًا من بئر (المحاكيك - 2). وفي عام 2024، عثرت المملكة على حقل «الجهق» في الربع الخالي بمعدل بلغ 5.3 ملايين قدم مكعبة يوميًا (150.14 ألف متر مكعب) من مكمن «العرب-ج»، كما تدفق الغاز بمعدل 1.1 مليون قدم مكعبة يوميًا (31.16 ألف متر مكعب) من مكمن «العرب-د».

واكتشفت -أيضًا- حقل «الكتوف» في الربع الخالي بتدفق 7.6 ملايين قدم مكعبة يوميًا (215.29 ألف متر مكعب) من بئر (الكتوف-1)، بالإضافة إلى 40 برميل يوميًا من المكثفات. وتوصلت إلى مكمن «حنيفة» في حقل «عسيكرة» بالربع الخالي، بمعدل تدفق 4.9 ملايين قدم مكعبة يوميًا (138.8 ألف متر مكعب) من بئر (عسيكرة-6)، وتدفق من مكمن «الفاضلي» بنحو 0.6 مليون قدم مكعبة يوميًا (17 ألف متر مكعب)، و100 برميل يوميًا من المكثفات.

قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة

بلغ حجم توليد الكهرباء في السعودية 422.9 تيراواط/ساعة في عام 2023، مقابل 401.3 تيراواط/ساعة العام السابق له، وفق البيانات، التي اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة. وجاء توليد 265 تيراواط/ساعة عبر محطات تعمل بالغاز الطبيعي، و152.4 تيراواط/ساعة من المحطات العاملة بالنفط، وجاء الجزء المتبقي من الطاقة المتجددة (5.8 تيراواط/ساعة).

وتمتلك البلاد أكبر خطة توسعة لتوليد الكهرباء في الشرق الأوسط، مع خطط لزيادة قدرة التوليد إلى 120 غيغاواط بحلول عام 2032. وتُعَد الشركة السعودية للكهرباء أكبر مزود للكهرباء في السعودية، بإجمالي قدرة توليد متاحة تبلغ 74.3 غيغاواط. ولتلبية متطلبات ذروة الطلب، تشارك السعودية في جهود مجلس التعاون الخليجي لربط شبكات الكهرباء في الدول الأعضاء (البحرين والكويت وعمان وقطر والسعودية والإمارات). ومن ناحية أخرى، تخطط السعودية لاستعمال مصادر الطاقة المتجددة في توليد 50 % من الكهرباء بحلول عام 2030، رغم أنها تمثّل نسبة ضئيلة بنهاية 2023، وبلغت انبعاثات الكربون في المملكة من قطاع الطاقة 620.4 مليون طن في 2023، مقارنة مع 609.4 ملايين طن عام 2022. وبنهاية عام 2030، تسعى السعودية إلى التخلص من استعمال الوقود السائل في مزيج توليد الكهرباء، لينقسم ما بين 50 % للغاز و50 % للطاقة المتجددة، وتستهدف كذلك خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا، على أن تصل إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060.

وتستهدف المملكة إنتاج 58.7 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، منها 40 غيغاواط من الطاقة الشمسية و16 غيغاواط من طاقة الرياح. وتمتلك السعودية أكثر من محطة طاقة متجددة على مستوى المرافق، بالإضافة إلى محطات ضخمة تعمل على تنفيذها لتحقيق مستهدفات عام 2030.

وتعدّ محطة سكاكا للطاقة الشمسية الكهروضوئية الأولى للبلاد على مستوى المرافق، بطاقة إنتاجية 300 ميغاواط، كما تمثّل دومة الجندل أول محطة طاقة رياح في المملكة، ودخلت حيز التشغيل التجاري في 2022 بطاقة 400 ميغاواط.

وفي عام 2023، بدأت المملكة تشغيل المرحلة الأولى من محطة سدير للطاقة الشمسية بسعة 1500 ميغاواط، والتي تصنف بأنها إحدى أكبر محطات الطاقة الشمسية عالميًا، ما دفع إلى تحقيق قفزة كبيرة في قدرة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة في المملكة خلال العام الماضي.

وعلى بعد 80 كيلومترًا جنوب مدينة جدة، تنفّذ السعودية محطَّتي الشعيبة للطاقة الشمسية، وهي أكبر مشروع للطاقة الشمسية للبلاد، بتكلفة استثمارية تصل إلى 2.37 مليار دولار. ومن المقرر أن تصل الطاقة الإنتاجية لمحطتي شعيبة إلى 2.66 غيغاواط، مقسمة ما بين 600 ميغاواط للمحطة الأولى، و2.06 غيغاواط للمحطة الثانية، ومن المتوقع تشغيل المشروع على مرحلتين في عام 2025.

وبالقرب من محافظة الرس في منطقة القصيم، تنفذ السعودية محطة الرس 2 للطاقة الشمسية، بقدرة 2 غيغاواط. وكانت شركة أكوا باور السعودية نجحت خلال أغسطس/آب 2024، في التشغيل التجاري لمحطة الرس 1 للطاقة الشمسية الكهروضوئية بسعة تصل إلى 700 ميغاواط. كما تنفّذ السعودية محطة الكهفة للطاقة الشمسية بطاقة 1.42 غيغاواط، ومحطتي سعد 1 و2 بمركز سعد في الرياض، بسعة إجمالية تصل إلى 1.425 غيغاواط، ومحطة وادي الدواسر للطاقة الشمسية بقدرة 112 ميغاواط.

سوق الهيدروجين

تستعد السعودية لأن تصبح لاعبًا مهمًا بسوق الهيدروجين عالميًا، مع خطط لتصدير الأمونيا الخضراء من مشروع نيوم العملاق بحلول عام 2025. وتتمتع البلاد بإمكانات هائلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر منخفض التكلفة، كما تمتلكه موقعًا إستراتيجيًا لتصديره إلى أوروبا.

وبينما ما يزال إنتاج الهيدروجين الأزرق محتملًا على المدى القصير، فإن تركيز المملكة يتحول نحو حلول الهيدروجين الأخضر على المدى الطويل، مع استهداف تصدير 2.9 مليون طن سنويًا بحلول 2030. وفي سبتمبر 2023، فقد أعلنت السعودية توقيع اتفاقية بشأن مشروع أول ممرات خضراء عابرة للقارات مع الولايات المتحدة، لتسهيل عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف، من خلال خطوط وأنابيب، بالإضافة إلى إنشاء خطوط للسكك الحديدية، اعتمادًا على موقع المملكة الرابط بين قارتي آسيا وأوروبا.

قبل أن تُعلن السعودية انضمام كل من الهند، والإمارات، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والاتحاد الأوروبي، لهذا المشروع العملاق، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة. وشهد عام 2020 أولى خطوات المملكة التحول إلى لاعب رئيس في سوق الهيدروجين عالميًا عبر مدينة نيوم، من خلال توقيع اتفاقية شراكة بين شركة نيوم وشركتي أكوا باور السعودية وإير بروداكتس الأميركية، ما أسفر عن تأسيس شركة «نيوم للهيدروجين الأخضر»، ومن المتوقع بدء إنتاج الهيدروجين الأخضر تجاريًا من المصنع بحلول عام 2026، عبر توليد 4 غيغاواط من الطاقة الشمسية والرياح لتشغيل التحليل الكهربائي لإنتاج 1.2 مليون طن متري سنويًا من الأمونيا الخضراء؛ أي ما يعادل إنتاج 600 طن متري من الهيدروجين الأخضر يوميًا.

أرامكو تنجح في التحول من شركة هيدروكربونات لشركة طاقة متكاملة