أصدرت وزارة الاقتصاد والتخطيط التقرير الاقتصادي للربع الثاني من عام 2024، الذي يهدف إلى تقديم أحدث البيانات والمؤشرات الاقتصادية، مع التركيز على أداء القطاعات الحيوية مثل القطاع المالي وسوق العمل.

وأشار التقرير إلى التقدم الملحوظ الذي حققته المملكة في تعزيز قطاعها غير النفطي وتنويع اقتصادها، حيث سجلت الأنشطة غير النفطية نموًا بنسبة 4.9 % على أساس سنوي، بدعم من نمو الصناعات التحويلية بنسبة 3.4 % على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2024.

كما أشاد التقرير الصادر عن الوزارة بسعي المملكة إلى زيادة فرص التوطين، حيث تراجع معدل البطالة إلى مستوى تاريخي بلغ 7.1 %، مقتربًا من مستهدف رؤية المملكة 2030 البالغ 7 %.

وقدم التقرير الربعي الثاني لعام 2024 ملخصاً شاملاً حول الأداء الاقتصادي للمملكة والتحديات التي تواجهها في مسار تحقيق رؤية 2030، وركز التقرير على قطاعات متعددة تشمل الناتج المحلي الإجمالي، التجارة الخارجية، التضخم، وأسواق العمل، حيث يواجه الاقتصاد السعودي بعض التحديات، لا سيما في قطاع النفط، لكنه يستمر في تحقيق نمو مستدام في القطاعات غير النفطية بفضل الإصلاحات الحكومية المستمرة والمشاريع الكبرى الداعمة لتنويع الاقتصاد.

الناتج المحلي الإجمالي

وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 0.3% في الربع الثاني من عام 2024 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، هذا الانخفاض يعود بشكل رئيسي إلى تراجع نشاط قطاع النفط بنسبة 8.9%، في حين سجل قطاع غير النفط نمواً بنسبة 4.9%، وجاء النمو في القطاع غير النفطي مدفوعاً بالزيادة في الأنشطة الحكومية والصناعية، حيث حقق النشاط الحكومي نمواً بنسبة 3.6%.

القطاع الصناعي

والتجارة الخارجية

وشهد الإنتاج الصناعي في السعودية نمواً بنسبة 4% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2024، مع زيادة إنتاج الغاز الطبيعي والنفط الخام بنسبة 11.7%، ومع ذلك، تأثر قطاع الصناعات التحويلية بارتفاع الطلب على المواد الأولية.

فيما يخص التجارة الخارجية، ارتفعت الصادرات غير النفطية بنسبة 25.6% في الربع الثاني من عام 2024 لتصل إلى 18.9 مليار ريال، مدعومة بزيادة صادرات المواد الكيميائية والمعدنية. في المقابل، انخفضت واردات السلع بشكل طفيف بنسبة 0.2%.

التضخم

وارتفعت معدلات التضخم في المملكة في الربع الثاني بنسبة 1.5% مقارنة بالربع الأول، مدفوعة بزيادة أسعار الغذاء والخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية.

سوق العمل

وسجل معدل البطالة بين السعوديين في الربع الثاني انخفاضاً إلى 7.1% مقارنة بـ 8.5% في نفس الفترة من عام 2023، ويعود هذا الانخفاض إلى نجاح المبادرات الحكومية في تعزيز التوطين وخلق المزيد من فرص العمل

التوقعات المستقبلية

وتشر توقعات النمو الاقتصادي للعام 2024 إلى تحسن طفيف في القطاعات غير النفطية، فيما يستمر القطاع النفطي في مواجهة التحديات المتعلقة بتقلبات أسعار النفط، من المتوقع أن تستمر الحكومة في تقديم الدعم المالي للمشاريع الضخمة ضمن رؤية 2030.

تحديات الاقتصاد العالمي

وبحسب التقرير يواجه الاقتصاد العالمي تحديات كبيرة في سعيه لتحقيق نمو مستدام رغم ارتفاع أسعار الفائدة وتفاوت الديون بين الدول، هذه التحديات تشمل تأثير السياسات النقدية المتشددة، التي تفرضها البنوك المركزية لاحتواء التضخم، على الأسواق المالية والاقتصادات النامية، ومع ذلك، هناك مؤشرات على أن العديد من الاقتصادات الكبرى والصاعدة بدأت تتكيف مع هذه البيئة الصعبة، مما يمهد الطريق لتحقيق استقرار نسبي في النمو الاقتصادي العالمي.

تأثير أسعار الفائدة المرتفعة

ومن أبرز العوامل المؤثرة على الاقتصاد العالمي حالياً هو ارتفاع أسعار الفائدة. بعد سنوات من السياسات النقدية التيسيرية التي اتبعت لمواجهة تبعات الأزمة المالية العالمية وجائحة كورونا، بدأت البنوك المركزية، ولا سيما في الولايات المتحدة وأوروبا، في رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم المرتفع، وهذا الارتفاع أدى إلى زيادة تكلفة الاقتراض، مما أثر بشكل كبير على الشركات والأسر على حد سواء.

بالإضافة إلى ذلك، أثر ارتفاع الفائدة على استثمارات القطاع الخاص والطلب على السلع والخدمات. ففي العديد من الاقتصادات النامية، ارتفعت تكاليف خدمة الديون مما أضعف الاستثمارات في البنية التحتية والتنمية الاقتصادية، ومع ذلك، ورغم هذه التحديات، فإن العديد من الاقتصادات تمكنت من تحقيق نمو اقتصادي معتدل مدعوم بزيادة الإنفاق الحكومي وتحسن سوق العمل.

تحديات الديون العالمية

ويمثل تفاوت الديون بين الدول تحدياً كبيراً أمام تحقيق النمو المستدام، فبينما تعاني بعض الدول من ديون مرتفعة ومستويات عجز مالي كبير، تمكنت دول أخرى من الحفاظ على استقرار مالي نسبي، الدول النامية بشكل خاص تواجه صعوبات في سداد ديونها الخارجية بسبب تقلبات أسعار العملات وارتفاع أسعار الفائدة العالمية.

من ناحية أخرى، تشير التقديرات إلى أن العديد من الدول الكبرى ستتمكن من الحفاظ على قدرتها على سداد ديونها بفضل سياسات مالية أكثر مرونة وإجراءات تقشفية، ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر للدول النامية في تحقيق التوازن بين سداد الديون والحفاظ على النمو الاقتصادي، خاصة في ظل القيود المالية الكبيرة التي تواجهها.

دور التكنولوجيا والابتكار

وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية، يسهم الابتكار والتكنولوجيا بشكل كبير في دعم النمو المستدام للاقتصاد العالمي، القطاعات التكنولوجية تلعب دورًا حيويًا في تحفيز النمو من خلال تعزيز الإنتاجية وتحسين الكفاءة، وتمكنت الشركات التي تعتمد على التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي والتقنيات المالية الحديثة من تعزيز أدائها المالي رغم التحديات الاقتصادية.

علاوة على ذلك، أسهمت التحولات في قطاع الطاقة في تعزيز النمو المستدام. مع الاتجاه نحو مصادر الطاقة المتجددة، تستفيد العديد من الدول من التحول إلى الطاقة النظيفة كجزء من استراتيجياتها لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يعزز الاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة ويوفر فرص عمل جديدة.

السياسات الحكومية

ودورها في تحفيز النمو

وتلعب السياسات الحكومية دوراً مهماً في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، فيما تعتبر تدابير مثل التحفيز المالي، والاستثمار في البنية التحتية، ودعم الصناعات الرئيسية من العوامل الحاسمة في دعم الاقتصاد، على سبيل المثال، زيادة الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والخدمات العامة تساهم في تحفيز الطلب المحلي ودعم النمو.

ويمكن للحكومات في الدول النامية تعزيز النمو المستدام من خلال تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية، كما يعد تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتطوير القوانين المشجعة على الاستثمار خطوات أساسية لتحقيق استقرار اقتصادي على المدى الطويل.

آفاق الاقتصاد العالمي

ورغم التحديات الحالية، فإن الاقتصاد العالمي لا يزال يظهر علامات على التحسن التدريجي، وذلك وفقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي، ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.6% في عام 2024، مع تحسن النمو في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، ويأتي التحسن المتوقع في الاقتصاد العالمي نتيجة التكيف التدريجي مع بيئة الفائدة المرتفعة، ومرونة أسواق العمل، وتراجع حدة التضخم، ومع استمرار الابتكار التقني وتحسن الاستثمارات في الطاقة النظيفة، من المتوقع أن يكون للنمو الاقتصادي المستدام دوراً أكبر في الفترة القادمة.

وفي خضم هذه التحديات، يبقى الاقتصاد العالمي قادرًا على تحقيق نمو مستدام بفضل السياسات الاقتصادية المرنة والابتكارات التكنولوجية، على الرغم من استمرار ارتفاع أسعار الفائدة وتفاوت الديون بين الدول، فهناك آفاق إيجابية للنمو، خاصة في ظل التوجه نحو استثمارات الطاقة النظيفة وتعزيز البنية التحتية في الدول النامية، ويبقى التحدي الرئيسي في كيفية تحقيق التوازن بين النمو المستدام وإدارة الديون بطريقة فعالة لضمان استقرار اقتصادي طويل الأمد.

من أبرز النجاحات للاقتصاد السعودي انخفاض معدل البطالة بين السعوديين في الربع الثاني انخفاضاً إلى 7.1 %