تعمل لجان مُشكلة من جهات حكومية وخاصة في المنطقة الشرقية لوضع حلول لمعالجة أزمة تكدس الحاويات بميناء الملك عبدالعزيز في الدمام، وازدحام الشاحنات على الطرق الرئيسية المؤدية من وإلى الميناء، ومن هذه الحلول تحويل وصول البضائع إلى ميناء الجبيل التجاري وميناء رأس الخير بدلا من ميناء الملك عبدالعزيز، وتقليل الاعتماد على الشاحنات لتخفيف الضغط على الطرق الرئيسية المؤدية من وإلى الميناء، ونقل الحاويات من موانئ المنطقة الشرقية إلى الرياض من خلال قطار الشحن، وإخراج الحاويات من الميناء خلال الفترة الزمنية من الـ6 مساءً وحتى 6 صباحاً، وتفعيل ورديات في مستودعات المستوردين لاستقبال الحاويات.
وكشف راكان العطيشان رئيس اللجنة الوطنية اللوجستية ورئيس اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية، لـ"الرياض"، عن تنسيق مشترك بين اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية ولجنة السلامة المرورية لمعالجة ازمة تكدس الشاحنات بميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، مشيراً إلى أن التنسيق المشترك يتحرك لوضع الحلول المناسبة منها حلول سريعة وأخرى على المدى الطويل، لافتا إلى أن بعض الحلول طرحت في الفترة السابقة بيد انها لم تر النور، مؤكداً، أن ازمة تكدس الشاحنات مرتبطة بعدم تنفيذ تلك الحلول المقترحة في الفترة الماضية.
ميناء خارج النطاق العمراني
ورأى العطيشان، أن أحد الحلول الاستراتيجية لمعالجة تكدس الشاحنات يتمثل في انشاء الميناء الجاف خارج النطاق العمراني، بحيث يربط بشبكة الخطوط الحديدية، من خلال الربط المباشر بين ميناء الملك عبدالعزيز والميناء الجاف بالرياض، لافتاً إلى أن الميناء الجاف المقترح بالمنطقة الشرقية تم تحديد موقعه منذ عدة سنوات، مؤكداً، أن التطورات الحاصلة في البحر الأحمر ساهمت في زيادة تكدس الحاويات في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام نتيجة تحويل الكثير من السفن باتجاه ميناء المنطقة الشرقية.
واكد العطيشان، أن اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية بالتعاون مع لجنة السلامة المرورية بالمنطقة الشرقية وهيئة تطوير المنطقة تعمل على وضع الحلول السريعة لمعالجة أزمة تكدس الشاحنات بميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، موضحاً، أن الحلول السريعة المقترحة تتمثل في الاستفادة من الطاقة الاستيعابية لميناء الجبيل، حيث لا تتجاوز الحركة التشغيلية في الميناء 40 % من إجمالي الطاقة التشغيلية، مما يعني وجود فرصة للنمو بنسبة 60 %، مشيراً إلى أن التحول باتجاه ميناء الجبيل يسهم في تخفيف الضغط على ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، مشدداً على أهمية الاستفادة من الحلول المرورية الهندسية لطريق الدمام، حيث يتم العمل عليه.
ولفت، أن اللجنة اللوجستية بالتنسيق مع هيئة تطوير المنطقة الشرقية تتحرك للعمل على تفعيل مواقف الشاحنات التي ستسهم في تخفيف التكدس والتفويج بشكل سلس، مؤكداً، أن هيئة تطوير المنطقة الشرقية بالتعاون مع هيئة النقل العام تعمل على نظام حجز المواعيد للشاحنات لدخول المدن، حيث يجري تطبيقه بالمنطقة الشرقية في الفترة المقبلة وذلك بعد تطبيقه في الرياض، في الوقت الذي تحركت الهيئة العامة للموانئ لمعالجة ازمة تكدس الشاحنات من خلال حجز المواعيد وكذلك فتح الطرق.
وأشار العطيشان، إلى أن اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية حريصة على التنسيق مع كافة الجهات، داعياً الشركات والمؤسسات لفتح المستودعات على مدار الساعة، بحيث يتاح لشركات النقل البري العمل خلال ساعات الليل لايصال البضائع خلال ساعات الفجر مع قلة عدد السيارات في الطرقات خلال هذه الفترة.
واكد فهد العايد، مستثمر في قطاع المنقل، أن أزمة تكدس الشاحنات تتطلب جهود جماعية من جميع الجهات المختصة، داعياً في الوقت نفسه إلى التفكير في انشاء ميناء جديدة لاستيعاب حركة البضائع الكبيرة التي تتدفق على ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، مشدداً على أهمية الاستفادة من الطاقة الاستيعابية لميناء الجبيل التجاري، وميناء رأس الخير لمواجهة الضغط الكبير الذي يعاني منه ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام، من خلال تحويل البواخر الى تلك الموانئ للاستفادة من الطاقة التشغيلية لديها.
وأوضح العايد، أن ميناء الملك عبدالعزيز أصبح في وسط مدينة الدمام جراء التوسع العمراني، ويقع بجوار العديد من المناطق السكنية، لافتا، ألى أنه أنشئ قبل 60 عاما تقريبا، حيث يشهد العديد من التوسعات، بيد أن الميناء يواجه ضغوطا كبيرة في الفترة الأخيرة، داعياً على التفكير في إضافة العديد من الأرصفة الجديدة لمواجهة حركة البضائع المتنامية في الأشهر الأخيرة، من أجل مضاعفة الطاقة الاستيعابية لحركة المناولة، وذكر أن شركات النقل البري تتواصل مع وكلاء الملاحة عبر القنوات الرسمية لاستلام الحاويات الفارغة، بيد أن شركات تتلقى الردود بعد أيام عديدة، مما يعطل عملية استلام الحاويات الفارغة في الوقت المناسب، داعياً لإيجاد حلول عملية لتسريع عمليات استلام الحاويات عبر وضع التشريعات.
وأبان، أن تحديد ساحات لاسترجاع الحاويات الفارغة خطوة هامة في سبيل القضاء على الطوابير الطويلة للشاحنات التي تنتظر دورها لتفريغها في الساحات المخصصة، مضيفا، أن الشاحنات تضطر للانتظار ساعات طويلة لاستكمال عملية تفريغ الحاويات في الساحات المخصصة، مشيراً إلى أن "موانئ" حرصت على تقديم كافة الخدمات لرفع كفاءة التشغيل في عمليات تفريغ الحاويات، بيد أن آلية عملية وكلاء الملاحية ما تزال دون المستوى المطلوب لرفع وتيرة العمل بما يسهم في زيادة حركة البضائع.
وكانت الهيئة العامة للموانئ أكدت في وقت سابق زيادة كميات الشـحنات المستوردة من خلال ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام بسبب الظروف الراهنة في البحر الأحمر، ونظراً لتوقف بعض عمليات مناولة السفن بسبب إشغال جميع الساحات المخصصة للتخزين نتيجة عدم التـزام بعض المستوردين بحسب شحناتهم فور وصولها، مؤكدة على حرصها على إيجاد حلول من شأنها رفع الطاقة الاستيعابية للميناء والاستغلال الأمثل لساحات المعاينة الجمركية، لافتة إلى أن الجهود المبذولة لا تكتمل إلا بدعم من جميع العملاء المستفيدين من خدمات الميناء.
وتعكس الجهود التي وصفت بـ"المهمة جدا" نجاح جهود الهيئة العامة للموانئ "موانئ" في رفع كفاءة الأداء التشغيلي بالموانئ، وتعزيز فاعلية ربط المملكة بالأسواق العالمية، بما يسهم في تعزيز الميزة التنافسية لميناء الملك عبد العزيز بالدمام، وتأكيد حضوره الدولي في قطاع النقل البحري واللوجستي، كونه يمتلك تجهيزات متطورة، قادرة على استقبال مختلف أنواع وأحجام السفن المختلفة.
فيما يشهد ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام خطة تطوير مستمرة لبنيته التحتية، وزيادة الطاقة الاستيعابية، إذ استقبل خلال العام الجاري (21) رافعة ساحلية وجسرية، وفق عقود الإسناد التجاري التي أبرمتها "موانئ" مع الشركة السعودية العالمية للموانئ، والبالغ قيمتها الاستثمارية 7 مليارات ريال، كما تم توقيع عقد بين الشركة السعودية العالمية للموانئ وشركة ساني الصينية الرائدة في تصنيع المعدات الثقيلة؛ لتزويد الميناء بـ80 شاحنة كهربائية، بما يمثل أكبر عقد منفرد عالمياً توقعه شركة "SANY" لتصنيع وتوريد الشاحنات الكهربائية، فيما يحتوي الميناء 43 رصيفاً مكتملة الخدمات والتجهيزات، بطاقة استيعابية تصل إلى 105 ملايين طن من البضائع، والحاويات.
كما يقدم الميناء خدمات تشغيلية شاملة، ويحتضن معدات مناوَلة حديثة تمكنه من مناولة مختلف أنواع البضائع، بالإضافة إلى عدد محطات المساندة للحاويات والبضائع العامة، حيث تبلغ مساحته 19 كم²ويحتوي على 3 محطات، فيما تبلغ الطاقة الاستيعابية 5 مليون طن سنويا.
يشار إلى أن ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام حقق أرقاما قياسية عدة في مناولة الحاويات، منها الرقم الذي حققه خلال شهر مايو لعام 2024م، بمناولة 292,612 حاوية قياسية، وهو يُعد الميناء الرئيس للمملكة على الخليج العربي، ويرتبط مع الميناء الجاف بالرياض بسكة حديدية، كما يعد ميناءً أساسيًا تمر منه البضائع من جميع أنحاء العالم إلى المنطقتين الشرقية والوسطى، حيث أنشئ بأمر من المؤسِّس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وجاء قرار إنشائه من خلال "أرامكو السعودية"، تلبية لمتطلبات صناعة النفط، ثم شهد بعد ذلك توسعات متلاحقة، وافتتحت التوسعة الجديدة عام 1961م، وأطلق عليه اسم (ميناء الملك عبدالعزيز).
ويضم الميناء عدد من المحطات المساندة الأخرى وهي: محطة للبضائع المبردة، ومحطتان للأسمنت، إحداهما لتصدير الأسمنت الأسود والكلنكر، والأخرى للأسمنت الأبيض، ومحطة للحبوب السائبة، ومحطة لمناولة الحديد الخام، ومنطقة تصنيع القِطَع البحرية ومنصات الغاز والبترول، كما يعمل في قلب الميناء مرفق لإصلاح السفن، يضمُّ حوضَيْن عائمين للسفن لاستيعاب السفن حتى 215م طولاً.