تُعد مدينة وعد الشمال ذات أهمية عالية على صعيد تنويع الاقتصاد، وإيجاد فرص جديدة للاستثمار، وذات بعد تنموي واقتصادي واجتماعي لمناطق شمال المملكة، وقد أشارت تقارير هيئة المساحة الجيولوجية السعودية أن العديد من الدراسات أجريت لتحديد العديد من المكامن والثروات في منطقة الحدود الشمالية، وكشفت عن رواسب غنية بالخامات المعدنية المتنوعة، ومخزون كبير من المعادن في باطن الأرض كالفوسفات.

مدينة وعد الشمال شمال شرق محافظة طريف بمنطقة الحدود الشمالية شهدت سلسلة من التطورات منذ إنشائها، وذلك بهدف أن تكون ثاني أكبر منتج للفوسفات في العالم مع حلول عام 2040م، ففي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لمنطقة الحدود الشمالية في شهر نوفمبر من عام 2018م، والتي شهدت تدشين المرحلة الأولى من منظومة مشروعات مدينة وعد الشمال الصناعية، ووضع حجر الأساس لمشروعات ومرافق المرحلة الثانية للمدينة، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- والتي بلغت استثمارات المملكة فيها 55 مليار ريال، لتتواصل الإنجازات في هذه المدينة العملاقة في عهد الملك سلمان، وتؤكد عزم قيادة الوطن على تنفيذ رؤية ثاقبة، وتجسيد بيئة خصبة لتحقيق طموحات المواطن في العيش برفاهية، وزيادة المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، بما يحمله ذلك من توليد للوظائف المباشرة وغير المباشرة، وتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، إلى جانب ما تحمله المدينة من أبعاد الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، التي تنعكس على حياة الفرد بشكل ملموس، وكذلك لتعزز دعم قطاعات التعدين والصناعة والطاقة والخدمات اللوجيستية، وهي القطاعات الأربعة الرئيسية في برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجيستية، من خلال المشروعات الاقتصادية التنموية المتكاملة، والإنفاق التنموي المتوازن، مما يجسد حرص القيادة الرشيدة على المواطن، الذي يعد محور التنمية، من خلال ركيزة أساسية تؤكد من خلاله مدينة وعد الشمال متانة الاقتصاد الوطني بما يضمن تحقيق الأهداف التنموية المرجوة.

لتزخر اليوم مدينة وعد الشمال في منطقة الحدود الشمالية في المملكة، بموارد تعدينية تزيد قيمتها على 4.669 تريليونات ريال، وهي جزء من ثروة معدنية كامنة في الأراضي السعودية، تسعى المملكة لاستكشافها واستغلالها؛ ليشكّل التعدين مصدرًا مهمًّا من مصادر تنويع الدخل للاقتصاد الوطني، وفقًا لمستهدفات "رؤية 2030".

وتعد المنطقة موطنًا رئيسيًا لمعدن الفوسفات بالمملكة، والذي يشكّل عنصرًا مهمًا في تحقيق الأمن الغذائي المحلي والعالمي، لأهميته في صناعة الأسمدة الزراعية، وتضع مشروعات إنتاج الفوسفات بمدينة وعد الشمال؛ السعوديةَ في مصاف أكبر الدول المُـنتجة والمُصدِّرة للفوسفات حول العالم.

وأوضح المتحدث الرسمي لوزارة الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ جراح بن محمد الجراح، أن منطقة الحدود الشمالية غنية بخامات معدنية نوعية، تشمل الفوسفات، والفحم، والدولوميت، والحجر الجيري، ورمل السيليكا، مبينًا أن القيمة التقديرية للموارد التعدينية في المنطقة تبلغ 4.6 تريليونات ريال.

وذكر الجرّاح أن المنطقة تضم 5 مواقع لاحتياطي خام الفوسفات و29 رخصة تعدينية سارية، تشمل 15 رخصة لمشاريع محاجر مواد البناء و14 رخصة استغلال.

وفيما يتعلق بالقطاع الصناعي في منطقة الحدود الشمالية، أشار المتحدث الرسمي للوزارة إلى أن المنطقة تمتلك قاعدة صناعية متنوّعة، إذ يبلغ عدد المصانع فيها 61 مصنعًا، وتتركّز المنشآت الصناعية في ثلاث مدن رئيسة بالمنطقة، وهي عرعر وطريف ورفحاء، مبينًا أن أبرز القطاعات الصناعية فيها تشمل صناعة منتجات مواد البناء، وصناعة المنتجات الغذائية، وصناعة المنتجات الكيميائية.

من جانبه، قال م. خالد بن صالح المديفر نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون التعدين: إنه منذ 11 عامًا، وفي مثل هذه الأيام، عشت لحظة فارقة حين كنت رئيسًا تنفيذيًا لشركة معادن وشاركت في توقيع العقود الإنشائية للمشاريع الصناعية والبنية التحتية والرئيسية ومبادرات التنمية المحلية لمدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية، والتي كانت لشركة معادن دور قيادي في إنشائها. وكان هذا الحدث بمثابة انطلاقة لرؤية طموحة رسمت ملامح مدينة تعدينية متكاملة، باستثمارات تجاوزت 36 مليار ريال، لتكون مركزًا عالميًا لصناعة الفوسفات. وبعد سنوات من البناء والعمل، جاءت لحظة تتويج هذا الجهد، حين تفضل مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسيدي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- في عام 2018 بتدشين مدينة وعد الشمال، لتتحول إلى إنجاز ملموس، يقوده أبناء هذه المنطقة، ليصبح إنتاج المملكة من الأسمدة الفوسفاتية يعادل 6 ملايين طن سنويًا، ستنمو -بإذن الله- إلى 9 ملايين طن سنويًا بعد اكتمال مشروع الفوسفات الثالث، مما يعزز مكانة المملكة كثاني أكبر مصدر للأسمدة الفوسفاتية عالميًا، ويجعل من وعد الشمال ركيزة أساسية في تحقيق الأمن الغذائي العالمي، ودليلاً على التزام المملكة بترسيخ موقعها كمركز عالمي للصناعات التعدينية. كما أن هذا الإنجاز يجسد مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي جعلت قطاع التعدين ركيزة أساسية لتنويع الاقتصاد الوطني، والصناعات السعودية واستثمار الثروات الطبيعية لتحقيق التنمية المستدامة.

إلى ذلك أكد صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة الحدود الشمالية في وقت سابق أن مدينة وعد الشمال ترجمة لرؤية 2030، التي تسعى للاستفادة المثلى من الموارد المعدنية غير المستغلة بالمملكة، مؤكدًا حرصه على تقديم كل ما يمكن من دعم ومساندة لدفع عجلة التنمية والاستثمار، وتوسع الأعمال في المنطقة.

يُذكر أن مدينة وعد الشمال تشهد اليوم الاثنين حفلاً برعاية صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن سلطان أمير منطقة الحدود الشمالية بحضور وزير الصناعة والثروة المعدنية الأستاذ بندر بن إبراهيم الخريّف، والذي يزور منطقة الحدود الشمالية للاطلاع على المشاريع الصناعية والتنموية التي تعزز مكانة المنطقة ومدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية كمركز رائد في صناعة التعدين بالمملكة، وذلك في إطار جهود الوزارة لتحفيز الاستثمارات المحلية والدولية في هذا القطاع وتعزيز دوره كمحرك أساسي لتنويع الاقتصاد الوطني بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.