بعد أسبوع مليء بالتقلبات بالنسبة لأسواق النفط، بدأت أسعار النفط في التعافي من بعض خسائرها صباح يوم الجمعة.

شهدت الأسواق الأسبوع الماضي أحداثاً مؤثرة على أسعار النفط شملت دراما الرسوم الجمركية الكندية، والمخاوف من عودة إنتاج أوبك+ إلى الأسواق، والضغوط القصوى التي يفرضها ترمب على إيران، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

انخفضت أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي، ولكنها بدأت في التعافي في وقت مبكر من صباح يوم الجمعة. وعلى النقيض من تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وكندا، أرجأ البيت الأبيض فرض الرسوم الجمركية على معظم الواردات من المكسيك حتى الثاني من أبريل في أعقاب مكالمة أجراها الرئيس ترمب مع نظيرته المكسيكية كلوديا شينباوم، مما سمح لمصافي التكرير الأميركية بمواصلة وارداتها من الخام الثقيل.

شهدت العقود الآجلة للنفط الخام استقرارًا نسبيًا خلال جلسة التداول الآسيوية، رغم احتمالات ارتفاع حدة التقلبات في سوق النفط. يعود ذلك إلى حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسة التجارية الأميركية، خاصة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، مما تسبب في سيطرة مشاعر الحذر على أداء المتداولين.

في الوقت نفسه، لا تزال المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي تشكل عاملًا رئيسا يؤثر بشكل كبير على معنويات السوق. وباعتبار الولايات المتحدة أكبر مستهلك للنفط عالميًا، فإن أي تراجع في معدل الطلب نتيجة التوترات التجارية قد ينعكس سلبًا على أسعار النفط الخام.

ورغم الارتياح الذي قد توفره التأجيلات المؤقتة للرسوم الجمركية على المدى القصير، إلا أن استمرار حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية الأميركية سوف يظل عاملًا ضاغطًا على الأسعار. ومع غياب رؤية واضحة حول المسائل التجارية، من المتوقع أن تظل توقعات أسعار النفط الخام رهن مشاعر الحذر.

وإلى جانب العرض، حيث قررت أوبك+ زيادة الإنتاج بواقع 138 ألف برميل يوميًا خلال أبريل المقبل، مما يعزز المخاوف بشأن تخمة المعروض في الأسواق، ويزيد من حدة هذه المخاوف استمرار المنتجين من خارج أوبك في توسيع نطاق الإنتاج، خاصة مع تزايد احتمالات تجاوز الإمدادات لمستويات الطلب، في حال تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي.

وقال جورج بافل مدير عام ناقا دوت كوم لمنطقة الشرق الأوسط، تواصل العقود الآجلة للنفط الخام تواصل تراجعها، متأثرةً سلبا بضغوط خطط أوبك+ لرفع مستوى الإنتاج اعتبارًا من أبريل، إلى جانب استمرار التوترات التجارية. وقد يؤدي التوسع في المعروض النفطي إلى تعزيز التوقعات السلبية بشأن أسعار الخام العالمية. 

ومؤخرا، كشفت أوبك+ عن خطط لرفع الإنتاج بمقدار 138 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من أبريل، في خطوة تمثل بداية تدريجية لإنهاء التخفيضات التي بلغت نحو 6 ملايين برميل يوميًا منذ عام 2022. وإن كان من المتوقع أن تسهم هذه الزيادة في تحقيق قدر من التوازن في مستويات الإمداد، إلا أنها قد تؤدي أيضًا إلى زيادة الضغوط على الأسعار، لا سيما في حال لم يسجل الطلب العالمي نمواً كافياً.

ارتفاع تكاليف الطاقة

علاوة على ذلك، قد يؤدي رفع الرسوم الجمركية على كبار موردي النفط إلى ارتفاع تكاليف استيراد الطاقة، مما سينعكس مباشرة على زيادة أسعار البنزين في الولايات المتحدة. ومن شأن هذا الضغط التضخمي أن يحد من إنفاق المستهلكين ويؤثر سلبًا على مستويات استهلاك الوقود، وبالتالي تفاقم الضغوط على أسعار النفط العالمية. 

أيضا، أسهمت الرسوم الجمركية الأميركية على كندا والمكسيك والصين، إلى جانب التهديدات بفرض رسوم على اقتصادات أخرى، بشكل كبير في إثارة المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي وضعف الطلب على الوقود، كما أن تزايد مخاطر تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي تسبب في تعقيد المشهد بشكل أكبر، مما عزز حالة الحذر والترقب في أسواق النفط.

في تطورات الأسواق، في العراق، فشلت الجهود السياسية التي تبذلها بغداد لإعادة تشغيل خطوط الأنابيب من المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد إلى ميناء جيهان التركي مرة أخرى، بعد أن فشل سعر 16 دولارًا للبرميل الذي عرضه العراق على شركات النفط التي تقوم حاليًا بالحفر في كردستان في جذب الاهتمام الكافي.

في بنما، وافقت شركة الاستثمار العملاقة الأميركية بلاك روك على شراء ميناءين رئيسين على قناة بنما والبنية التحتية المساعدة من شركة سي كيه هاتشيسون ومقرها هونغ كونغ مقابل 22.8 مليار دولار، بما يتماشى مع مطالب الرئيس ترمب بأن تقطع بنما النفوذ الصيني في القناة.

في الصين، شهدت، الأسواق انخفاض واردات النفط الصينية مع تأثير العقوبات على الشراء. وبلغ متوسط ​​واردات الصين من النفط الخام 10.38 ملايين برميل يوميًا في يناير وفبراير 2025، مسجلاً انخفاضًا بنسبة 5 % على أساس سنوي، حيث أدت العقوبات الأميركية الأخيرة على الناقلات الإيرانية والروسية إلى تعطيل عمليات التسليم إلى مقاطعة شاندونغ الشمالية الشرقية.

وأثناء جولة في منشأة بلاكماينز للغاز الطبيعي المسال في لويزيانا، صرح وزير الطاقة الأميركي كريس رايت أنه يخطط للحصول على ما يصل إلى 20 مليار دولار من التمويل من الكونغرس لإعادة تعبئة الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي من البترول، أي ما يعادل 295 مليون برميل.

في السعودية، خفضت أرامكو السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أسعارها المعادلة للشحنات المحملة في أبريل إلى آسيا مع تسعير الخام العربي الخفيف الآن عند 3.50 دولارات للبرميل فوق دبي، وهي أول خطوة هبوطية في ثلاثة أشهر حيث تتوقع السوق فك تخفيضات أوبك +.

في إيرلندا، وافقت الحكومة على خطة لتطوير منشأة طارئة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، لاستخدامها كاحتياطي استراتيجي عائم للغاز، بعد أقل من عامين من رفض دبلن لطلب بناء محطة للغاز الطبيعي المسال لأسباب مناخية.

في كندا، وفي تحدٍ لمخاوف ترمب، تريد كندا المزيد من الأنابيب الأميركية. وخصصت شركة إنبريدج العملاقة الكندية 1,4 مليار دولار لتعزيز القدرة الإنتاجية لمجرى النفط الرئيس المتجه إلى الولايات المتحدة بمقدار 300 ألف برميل يوميًا إضافية على مدى السنوات الثلاث المقبلة، مع تدفقات تبلغ في المتوسط ​​3.1 مليون برميل يوميًا في عام 2024.

في إندونيسيا، أعلنت الحكومة عن خطتها لبناء مصفاة جديدة بطاقة 530 ألف برميل يوميًا بتكلفة 12.5 مليار دولار، سعياً إلى إنهاء فترة طويلة من الاعتماد على الواردات حيث لا تتمكن جاكرتا من تغطية ما يقرب من 40 % من النفط و42 % من الطلب على المنتجات.

في تنزانيا، أعلنت الحكومة أنها ستطلق جولتها الخامسة لتراخيص النفط والغاز في مايو، حيث تقدم 26 كتلة استكشافية يقع معظمها قبالة سواحل المحيط الهندي، سعياً إلى البناء على الاكتشافات السابقة التي بنت حوالي 57 تريليون قدم مكعب من احتياطيات الغاز الطبيعي.

وحذرت شركة خطوط الأنابيب في أميركا الشمالية، من أن التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب ستؤثر على أسعار الوقود. وحذر الرئيس التنفيذي لإحدى أكبر شركات خطوط الأنابيب في أميركا الشمالية من أن التعريفات الجمركية الأميركية على النفط والغاز الكندي والمكسيكي ستؤدي إلى تأجيج التضخم وتهديد أمن الطاقة، مع تصاعد المخاوف من حرب تجارية عالمية.

وأرسل فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة على واردات الطاقة الكندية والمكسيكية يوم الثلاثاء موجات صدمة عبر صناعة الطاقة في أميركا الشمالية، وخاصة في كندا، التي تضخ 4 ملايين برميل يوميًا من النفط الخام إلى مصافي التكرير الأميركية.

وقال بورييه إن شركة تي سي إينرجي، ستكون معزولة عن التعريفات الجمركية في الأمد القريب حيث يتم دفع رسوم شهرية لها بغض النظر عن أسعار الغاز أو كمية الغاز الطبيعي التي تنتقل عبر أنابيبها. لكنه حذر من أنه على المدى الأبعد، قد تتأثر الصحة المالية للعملاء، والتي كانت أساسية لدفع الأعمال والاستثمار.

وأعلنت كندا يوم الثلاثاء عن موجة من التعريفات الجمركية الانتقامية على أكثر من 100 مليار دولار من السلع الأميركية، في حين هدد رئيس وزراء مقاطعة أونتاريو بقطع صادرات الكهرباء إلى الولايات المتحدة - مما قد يؤدي إلى زيادة أسعار المستهلك في ولايات شمال الولايات المتحدة.

وقال بورييه إن التعريفات الجمركية الأميركية كشفت عن اعتماد كندا الشديد على الولايات المتحدة كسوق لصادراتها من الطاقة وسلطت الضوء على حاجة أوتاوا إلى التنويع في الأسواق الدولية الأخرى. وأضاف أنه يمكن القيام بذلك من خلال توسيع صناعة الغاز الطبيعي المسال في البلاد وبناء المزيد من خطوط أنابيب النفط إلى الساحل لشحن الخام الكندي إلى الأسواق العالمية.

وتدير شركة تي سي إينرجي، التي يقع مقرها الرئيس في كالجاري، 96000 كيلومتر من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي عبر أميركا الشمالية. كما تزود الغاز لشركة كندا للغاز الطبيعي المسال، أول محطة تصدير رئيسة في البلاد، والتي يمكن أن تساعد في تنويع صناعة الطاقة بعيدًا عن الولايات المتحدة عندما تبدأ عملياتها في وقت لاحق من هذا العام.

وقال بورييه إن الشركة تأمل في مضاعفة سعة خط أنابيبها الحالي إلى شركة كندا للغاز الطبيعي المسال. في العام الماضي، قامت شركة تي سي إينرجي بفصل قسم خطوط أنابيب النفط بعد فشلها في الحصول على موافقة تنظيمية لبناء كيستون إكس إل، وهو خط أنابيب عبر الحدود بين الولايات المتحدة وكندا ألغاه الرئيس الأميركي السابق جو بايدن لأسباب بيئية عندما تولى منصبه.