وصف مختصون عقاريون استمرار سلسلة ارتفاعات الرقم القياسي العام لأسعار العقارات في المملكة منذ أربع سنوات، بأنه مرتبط بالطلب الكبير والمتنامي على الوحدات السكنية، ونجاح المشاريع السكنية المدعومة حكومياً من جذب اهتمام المستهلكين وإقبالهم، وكذلك تطور عوامل التمويل، وتقديم البنوك تسهيلات ائتمانية مرنة وبرامج تمويل مدعومة.

وتوقَّع هؤلاء استمرار هذه الارتفاعات، خصوصاً في المدن الكبرى، خلال العام الجاري 2025م في حال استمرار طرح المشاريع السكنية.

وكان الرقم القياسي لأسعار العقارات قد ارتفع بنسبة 3.6 % على أساس سنوي، في أعلى وتيرة من الربع الأول لعام 2021.

ووفق نشرة الرقم القياسي لأسعار العقارات للربع الأخير من 2024، الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، تأثّر المؤشر بارتفاع أسعار عقارات القطاع السكني بنسبة 3.1 %، وأسعار عقارات القطاع التجاري بنسبة 5.0 %، وأسعار عقارات القطاع الزراعي بنسبة 2.8 %. وتشير التوقعات إلى زيادة الإنفاق على سوق الإسكان في المملكة، حيث من المتوقع أن يصل الإنفاق إلى 1.22 مليار دولار عام 2025.

وكشفت أبحاث «نايت فرانك» عن وجود 2.75 مليار ريال من رأس المال الخاص المحتمل بين المواطنين السعوديين (2.6 مليار ريال) والمقيمين في السعودية (133.7 مليون ريال)، جاهزة للإنفاق على العقارات السكنية ضمن المشاريع الضخمة في المملكة.

ويرى العقاري سعد الشريف، أن هناك عدة مؤشرات تدل على زيادة الإنفاق على سوق الإسكان في المملكة، منها: ارتفاع الطلب على العقارات، فالنمو السكاني وزيادة عدد الأسر تدفع الطلب على المساكن، نمو القروض العقارية، فهناك زيادة في التمويل السكني المدعوم من الجهات الحكومية والبنوك التجارية، الى جانب التوسع في مشاريع الإسكان، ومنها زيادة المشاريع السكنية من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان والبرامج مثل برنامج «سكني»، وكذلك ارتفاع أسعار العقارات، والذي قد يكون مؤشرًا على زيادة الطلب والاستثمار العقاري، ولا يمكن التغافل عن التحفيز الحكومي من برامج دعم التملك للمواطنين والإعفاءات الضريبية للمطورين.

فيما يؤكد الشريف، بأن من العوامل الداعمة لزيادة الإنفاق على سوق الإسكان، التحفيز الحكومي، يأتي في المقدمة مثل الدعم السكني والقروض المدعومة، وبرامج الإسكان التنموي، إلى جانب الطلب المتزايد كزيادة عدد السكان ودخول فئات جديدة لسوق الإسكان، والتطور العمراني، فهناك توسع في المدن والمشاريع الضخمة مثل نيوم والقدية والرياض الكبرى، والبنية التحتية القوية، حيث تم تطوير النقل والخدمات التي بدورها ترفع جاذبية الاستثمار العقاري، وهناك عمل على تحسن بيئة الأعمال منها: تسهيلات للمطورين العقاريين وزيادة الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

أما فيما يخص التشريعات والأنظمة ودورها في دعم الاستثمار بقطاع الإسكان، فيأتي في الأولوية أنظمة التملك والتمويل: مثل نظام الرهن العقاري وتمويل الإيجار المنتهي بالتملك، وتنظيم العلاقة بين الملاك والمستأجرين عبر نظام «إيجار» لضمان حقوق الأطراف، وتحفيز التطوير العقاري، كتسهيل إصدار التراخيص وتقليل البيروقراطية، ومن المحفزات والتشريعات المهمة إجراءات التوثيق الإلكتروني، مثل نظام «إفراغ العقارات الإلكتروني» لتسريع عمليات البيع والشراء، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، عبر السماح للمستثمرين غير السعوديين بتملك العقارات وفق شروط محددة ومدروسة. ويعتقد الشريف، بأن دور (هيئة العقار) في تعزيز إسهام القطاع في الناتج الوطني مهم في عدة نواحٍ أهمها: تنظيم السوق العقاري، كإصدار التشريعات والتأكد من الامتثال لها وزيادة الشفافية، لتوفير بيانات دقيقة عن السوق العقاري تساعد المستثمرين على اتخاذ قرارات أفضل، وتمكين الاستثمار العقاري، كتسهيل إجراءات التسجيل والتراخيص وزيادة الثقة في السوق، وتعزيز الابتكار والتقنية، كدعم الحلول الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي في التقييم العقاري والمنصات الرقمية للوساطة العقارية، ورفع كفاءة العاملين في القطاع، عبر الدورات التدريبية واعتماد شهادات مهنية للعاملين في المجال.

وأكد الشريف، بأن سوق الإسكان في المملكة يشهد نموًا مستمرًا بفضل التحفيز الحكومي والطلب المتزايد والتشريعات الداعمة، وتلعب هيئة العقار دورًا محوريًا في ضبط السوق وتعزيز إسهاماته في الاقتصاد الوطني، مما يجعل القطاع أكثر جذبًا للمستثمرين. ووصف خالد الكاف، مستثمر في القطاع العقاري، تحسن وضع الاقتصاد السعودي من مرحلة إلى مرحلة هو نتاج تكامل رؤية المملكة نحو 2030.

وقال إن المعطيات التي تُدعم اليوم من الدولة تسهيل القوانين والتشريعات التي عملتها في هيئة تنظيم العقار، وفي أهمية التمويل العقاري، فهي تشريعات تساهم في كبح ارتفاع سوق العقاري، وإسعاد المواطنين بسن كثير من القرارات التي تساعد المواطن السعودي على التملك مسكن منها: عدم استقطاع من الراتب أكثر من 55 % وخفض نسبة الاستقطاع من 65 % إلى 55 % حتى لا تثقل على المواطن أجور التمويل وكذلك البنوك وما يترتب عليها من إقراض، هذا كله تخفيف على المواطن وتشجيعه على التملك مسكن، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الفائدة عالميا، حيث بدأت مؤشرات الفائدة في الانحدار والتخفيض، متوقعاً ثبات أو انخفاض معدل الفائدة ما بين 3-6 أشهر، زيادة السكان خاصة معدل الشباب والحاجة إلى مشاريع عقارية.

وذكر الكاف، أن المشاريع في جميع مناطق المملكة تنم عن حاجة ماسة، بموازاة وعي المستهلك بارتفاع الإيجارات الذي أصبح سبب رئيس للبحث عن تملك المساكن إما شقق جاهزة للتمليك أو بناء فلل، والاستفادة من الأنظمة الموجودة والتشريعات التي تساعد المواطن مع الإعفاءات في بعض المنافع (الدعم الحكومي أو انخفاض نسبة الاستقطاع)، وفق توجهات من قيادة الدولة -حفظها الله- من التخفيف على المواطنين وإسعادهم.

خالد الكاف
سعد الشريف