علينا أن نتحلى بثقافة أنه حين نفوز في مباراة فهو الوقت الأمثل للمراجعة وكشف العيوب، لطالما تعودنا على أن الفوز يستر العيب والخلل، حتى نأتي في لحظة حاسمة ونندم وقت لا ينفع الندم، منذ مواجهتنا أمام إندونيسيا وتعادلنا المخيب للآمال، وفي مقالتي السابقة أعلنت رأيي أن السيد مانشيني لم يعد يصلح لمنتخبنا، وأن إدارته وأسلوب لعبه لا يناسب ما لدينا من إمكانات لاعبينا، وأن الرجل قد أفلس فنيا، ولا بد أن نصحح الأمر وننقذ المنتخب، مواجهتان أمام فرق ضعيفة نسبيا، تعادلنا في الأولى وبشق الأنفس فزنا بالثانية، الصين التي خسرت أمام اليابان بنتيجة عريضة كبيرة، تحرجنا ولولا الحظ وحده لخسرنا نقطتين جدد، بل وكدنا أن نخسر المباراة، خاصة بعد ما تصرف اللاعب محمد كنو في الدقائق الخمسة الأولى والتي طرد بها بالكرت الأحمر نتيجة تصرفه الأرعن بالاعتداء على اللاعب الصيني، سواء كان مقصودا أو غير مقصود، فلاعب بحجم كنو يلعب في دوري كبير ومع لاعبين عالميين كبار، سواء زملاء أو خصوم، ويخطئ مثل هذا الخطأ، لا يمكن أن نقبله ولا إن نتركه يمر مرور الكرام.

لا بد وأن يكون للاتحاد وإدارة المنتخب موقف مع محمد كنو لكي يكون عبرة لبقية اللاعبين، وقد يقول البعض إنها قد تحدث أو تحدث في ملاعب كرة القدم، وأقول نعم صحيح، لكن لا نريدها أن تحدث معنا، في مثل هذا الظرف والتوقيت على وجه الخصوص، إن لم تكن حاضرا ذهنيا ومستعدا متنبها وأنت تلعب بقميص منتخبك الوطني، فمهما كانت مهارتك لا نريدك في المنتخب، لأن خطأ مثل هذا قد يكلفنا الخروج من المنافسة، وما زلنا في بداية الطريق، وما زلنا في السهل الهين، وما زلنا نعاني.

لعبنا أمام الصين مباراة أقل ما يمكن وصفها بأنها متواضعة، لم نمتلك الشراسة ولا الروح القتالية، خجولين هجوميا، فريق مثل الصين يخسر بالسبعة أهداف أمام اليابان دون هدف، نواجهه ونحن نسعى لإقفال خطوطنا الدفاعية، هذه هي عقدة مانشيني، منذ وكما ذكرت في مقالتي السابقة خسارته التأهل بمنتخب إيطاليا، استحواذ سلبي، خجل وتواضع على خطوط منطقة الـ18 للخصم، التزام حرفي بتعليمات المدرب لا تسمح للاعبين أن يتوهجوا أو يبدعوا أو حتى يجتهدوا، تركيز دفاعي مبالغ فيه، تبديلات لم تغير من الأسلوب شيئا ولم تزد من رتم المباراة ولا سرعة اللعب أو قوة الهجوم، للأسف فشلنا رغم فوزنا.

انتظرنا للدقيقة الـ90 حتى نتنفس الصعداء، وهذا خطر كبير جدا، لأنه حين لا تعود المنتخبات التي نواجهها تخشانا وتخشى قوتنا الهجومية، فإنهم سيذهبون للهجوم أكثر علينا، وفي ظل منظومة دفاعية غير محكمة، فإنه أمامنا خياران إما أن نكثف دفاعنا فلا نستطيع التسجيل، أو نهاجم ونترك الدفاع لفرص قاتلة للخصم، وحيث إنه أيضا لدينا مشكلة في قوة الهجوم لدينا، والتي لا أعلم أهي من لاعبين الهجوم أنفسهم أم من خطة اللعب نفسها، لكن النتيجة أنه لم نعد فريقا هجوميا يسجل ويهدد، ولسنا منتخبنا دفاعيا لا نتلقى الأهداف، حقيقة لا أذكر آخر مباراة لعبها منتخبنا لم يسجل فيها أهداف، وخرجنا بشباك نظيفة.

ما زلت عند رأيي المتواضع، لا بد ومدرب جديد، مدرب يستطيع أن يختار اللاعب المناسب في المكان المناسب، إن لم يكن لدينا لاعبين مهرة يصنعون الفارق، فلدينا لاعبين يمكن صهرهم في خطة لعب هي من تصنع الفارق، ما زلنا لم نواجه اليابان، ولم نلعب ضد أستراليا، وما زالت البحرين لها تحديها الخاص حين تلعب أمامنا، نحن الآن في المركز الثاني مؤقتا بأربع نقاط من الصين وإندونيسيا، اليابان بالعلامة الكاملة، وقد تحقق في الجولات القادمة أيضا 6 نقاط جديدة، وأستراليا بتعادلين لم تلعب أمام الصين وإندونيسيا، وبالتالي فإن مواجهتنا أمام اليابان تعني بالنسبة لهم إخراجنا من المنافسة، وأمام أستراليا تعني حصر المنافسة بين أستراليا واليابان.

الوضع خطير جدا، والفوز رغم أهميته لكنه لا يكفي ولا يعالج الخلل، نعم مثل هذه المواجهات تكسب ولا تلعب، ولكننا لم نواجه الفرق القوية للآن، وهي من لا يصلح معها نكسب دون أن نلعب، لكني غير متفائل إن بقي الوضع على ما هو عليه للأسف.

د. طلال الحربي - الرياض