لم يكن الأداء الذي قدمه المنتخب السعودي في دورة الخليج الأخيرة بالكويت مرضيًا لعشاق “الأخضر” حيث بدا واضحًا أن مركز حراسة المرمى يعاني من أزمة غير مسبوقة. أخطاء فردية قاتلة وتردد في التعامل مع الكرات الخطرة وغياب الثقة التي طالما ميّزت حراس المنتخب في الماضي كلها عوامل دفعت الجماهير والمتابعين إلى التساؤل: أين ذهب الحراس الذين كانوا يشكلون نصف قوة المنتخب السعودي؟ وتسآلوا أيضا: هل نسينا الحراس الخالدين في ذاكرة الكرة السعودية؟ لطالما كان المنتخب السعودي يزخر بحراس مرمى من الطراز الرفيع أسهموا في تحقيق إنجازات كبرى وكانوا صمام الأمان في لحظات الحسم. كيف ننسى عبدالله الدعيع الذي قاد المنتخب في حقبة ذهبية أو شقيقه محمد الدعيع الذي يعد من أعظم حراس آسيا بتصدياته التاريخية وأرقامه القياسية، وأيضًا أسماء مثل مبروك زايد ومحمد الخوجلي ووليد عبدالله الذين قدموا مستويات كبيرة في البطولات القارية والدولية.

كانت الحراسة السعودية دائمًا عنصر قوة وليست نقطة ضعف كما هي الآن. والسؤال الذي يبحث عن إجابة فعلاً: أين يكمن الخلل؟ إن الأزمة الحالية في مركز الحراسة لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة مباشرة لقرار السماح بالتعاقد مع الحراس الأجانب في الدوري السعودي مما أدى إلى تهميش الحراس المحليين وإبعادهم عن أجواء المنافسة القوية.

ومنذ تطبيق القرار لم يعد هناك حارس سعودي أساسي في الفرق الكبرى، مما انعكس سلبًا على مستوى الحراس وبالتالي على المنتخب الوطني، لا يمكن لحارس مرمى أن يتطور دون الاحتكاك القوي والمستمر في الدوري، فالتدريبات وحدها لا تكفي لصقل المهارات، ولا يمكن لأي منتخب أن يعتمد على حراس يفتقدون إلى حساسية المباريات الكبرى. ولإعادة الحراسة السعودية إلى سابق عهدها، لا بد من اتخاذ قرارات حاسمة تعيد للحراس السعوديين دورهم الأساسي في المنافسات المحلية ومنها: أولاً - إعادة النظر في قرار السماح بالحراس الأجانب، يجب على الاتحاد السعودي لكرة القدم فرض قيود على تواجد الحراس الأجانب في الدوري سواءً بتقليص عددهم أو منعهم تمامًا لمنح الفرصة للحراس المحليين لاستعادة مكانتهم.

ثانياً - إطلاق دوري رديف خاص بالحراس السعوديين فيمكن إنشاء دوري رديف يُلزم الأندية بإشراك الحراس السعوديين بحيث يكون بمثابة ملحق تطويري يمنحهم الفرصة لخوض المباريات بانتظام حتى يكونوا جاهزين لمنافسة الحراس الأجانب مستقبلاً.

ثالثاً - برامج تطوير الحراس فيجب الاستثمار في برامج تدريبية مكثفة للحراس السعوديين واستقطاب مدربين عالميين متخصصين في تطوير قدراتهم لضمان إعداد جيل جديد قادر على حماية عرين “الأخضر”.

وأخيراً - تحفيز الأندية على الاعتماد على الحراس السعوديين فيمكن تقديم حوافز مالية للأندية التي تعتمد على حراس سعوديين في المباريات مما يشجع على منحهم الفرصة في التشكيل الأساسي.

ختاماً: فحراسة المرمى كانت دائمًا مصدر قوة للكرة السعودية ولن تعود إلى سابق عهدها إلا بقرارات جريئة تعيد للحراس السعوديين حقهم في اللعب والتطور، استمرار الوضع الحالي يعني أن “الأخضر” سيظل يعاني من أزمة حراسة حتى إشعار آخر.

الخرج - سعود الضحوك