الذكاء الاصطناعي.. مهم في الحفاظ على لياقة اللاعبين

الذكاء الاصطناعي يعد ركيزة للحفاظ على صحة اللاعبين وضمان استدامة أدائهم

لم يعد الذكاء الاصطناعي حكرًا على المختبرات العلمية والشركات التقنية، بل أصبح لاعبًا رئيسا في عالم كرة القدم، حيث إنه بدأ بتغيير أساليب التدريب، وأعاد تشكيل استراتيجيات اللعب، وحتى أصبح يملك القرار الحاسم في بعض القرارات التحكيمية، ومع التطور السريع في تقنيات التحليل الرقمي والتعلم الآلي، باتت الأندية الكبرى تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل أداء اللاعبين، وتوقّع نتائج المباريات، وحتى تقليل الإصابات من خلال أنظمة ذكية ترصد الحالة البدنية للاعبين، فكيف يسهم هذا التطور في إعادة رسم ملامح اللعبة الأكثر شعبية في العالم؟ وكيف دخل هذه اللاعب الجديد للمستطيل الأخضر؟

التحكيم الباب الذي أدخل الذكاء الاصطناعي

لم يكن دخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم كرة القدم مفاجئًا، بل بدأ بشكل تدريجي عبر التحكيم، حيث كان الهدف الأساسي هو الحد من الأخطاء البشرية التي قد تؤثر على نتائج المباريات، إذ أن نقطة التحول الكبرى في هذا المجال كانت في عام 2018، عندما تم اعتماد تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) رسميًا في كأس العالم الذي لعب في روسيا، وهو النظام الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل اللقطات المصورة وتقديم زوايا مشاهدة دقيقة للحكام من أجل اتخاذ قرارات أكثر عدالة.

ومنذ ذلك الحين، شهد التحكيم تطورًا ملحوظًا، حيث أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي تلعب دورًا أساسيًا في رصد التسلل بدقة متناهية عبر أنظمة تعتمد على التعلم العميق وتحليل الحركة، مثل تقنية «التسلل شبه الآلي» التي تم تطبيقها في كأس العالم 2022 في قطر، كما أن الخوارزميات المتقدمة في تحليل الاحتكاكات وتقييمها قبل اتخاذ قرارات ضربات الجزاء المؤثرة قد ساعدت بشكلٍ كبير الحكام للوصول بالمباريات إلى بر الأمان، مما قلل من الجدل التحكيمي وجعل اللعبة أكثر شفافية وصرامة في تطبيق القانون.

ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، تتجه الأبحاث إلى تطوير أنظمة أكثر استقلالية قد تسمح للحكام الرقميين باتخاذ قرارات في الوقت الفعلي دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر، مما قد يؤدي إلى ثورة جديدة في إدارة المباريات مستقبلًا، إلا أن هذا التطور يعد ممجوجًا من قبل شريحة كبيرة من متابعي المستديرة حيث يرونه قتل لمتعة كرة القدم إذ أنهم لا يزالون مقتنعين بأن الأخطاء التحكيمية الجزء المثير والممتع في عالم كرة القدم، وأول من تبنى هذه الرأي هو النجم الألماني سامي خضيرة الذي قال بصريح العبارة إن كرة القدم هي عبارة عن عواطف وأدرينالين، الآن لا يعرف اللاعبون هل يحتفلون بهدفهم أم لا وهذا يعني موت الحماس وروح اللعبة، وبالرغم من كل ذلك إلا ان هناك من يرى بأن الذكاء الاصطناعي ضرورة ستنهي جدل التحكيم.

 

منقذ للمواهب من الاندثار

وبالرغم من الجدل الذي لا يزال يثيره الذكاء الاصطناعي في عالم كرة القدم وبأنه قد قتل متعة الرياضة إلا أن له وجهًا حسنا لا يمكن إنكاره، خصوصًا في مجال اكتشاف المواهب وإيصالها إلى طريق الاحتراف، حيث بات الذكاء الاصطناعي أداة حاسمة في اكتشاف وصقل المواهب الشابة التي لم تحظَ بفرصة الظهور عبر الطرق التقليدية، حيث كان أول بداية لدخول الذكاء الاصطناعي في عالم اكتشاف المواهب عبر إحدى الشركات التقنية في لندن التي أدركت مدى أهمية تحقيق هذه الإمكانية، عبر اطلاق تطبيق «إيه آي سكاوت» (AI Scout) الذي يتيح للمواهب الصاعدة عرض مهاراتهم أمام الأندية المحترفة دون الحاجة إلى وسطاء أو اختبارات تقليدية.

ويعمل التطبيق عبر الذكاء الاصطناعي، حيث يسمح للاعبين الشباب بتحميل مقاطع فيديو لأنفسهم أثناء تأدية تدريبات مخصصة، يصل عددها إلى 75 تمرينًا مصممًا لاختبار قدراتهم في مختلف جوانب اللعبة، وبعد تحليل الأداء باستخدام تقنيات التعلم الآلي، يتم تقييم اللاعبين بناءً على معايير احترافية، مما يمنح الكشافة والمدربين بيانات دقيقة لاختيار المواهب الواعدة.

وقد أثبت التطبيق نجاحه بالفعل، حيث ساعد اللاعب بن غرينوود، الذي لم يسبق له الانضمام لأي نادٍ محترف، على جذب أنظار نادي تشيلسي الإنجليزي بعد استخدامه التطبيق في عام 2019، لاحقًا، وقع اللاعب أول عقد احترافي له مع نادي بورنموث في عام 2021، ليصبح بذلك أول موهبة تحقق حلم الاحتراف عبر الذكاء الاصطناعي، في إشارة واضحة إلى التحول الرقمي في عالم اكتشاف اللاعبين ومدى موثوقية البيانات والتحليل الناتج عن أدوات الذكاء الاصطناعي.

 

  طبيب جديد للرياضيين

ولم يقتصر وجود اللاعب الجديد في عالم المستطيل الأخضر على القرارات التحكيمية او اكتشاف المواهب فحسب بل وصل كذلك إلى جزء مهم في عالم كرة القدم الجزء الذي يصنع الفارق مع كثير من الأندية وهو الجزء المتعلق بصحة اللاعبين والأداء البدني الخاص بهم بجانب تجنب الإصابات المحتملة ومحاولة التقليل من حدوثها، فبعد أن ساهم الذكاء الاصطناعي في تحليل اللقطات وتحديد حالات التسلل بدقة، أصبح له دور مهم في الحفاظ على لياقة اللاعبين، وهو ما يساهم بشكل كبير في استدامة الأداء العالي للاعبين وتجنب إصابات قد تؤثر على مسيرتهم الرياضية.

ومع الاعتماد المتزايد على تقنيات التحليل الرقمي، بدأت الأندية الكبرى في استخدام الذكاء الاصطناعي لمراقبة الحالة البدنية للاعبين على مدار اليوم، حيث تقوم هذه التقنيات المتطورة بتحليل الحركة والأنماط البدنية للاعبين بشكل دوري لتحديد أي إشارات قد تشير إلى خطر الإصابة، مثل الإجهاد العضلي أو الضغط الزائد على المفاصل، مما يمنح الفرق فرصة التدخل المبكر والوقاية من الإصابات قبل حدوثها، فكما تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل الفيديو لمراجعة القرارات التحكيمية، يتم الآن استخدامها أيضًا لتحليل بيانات اللاعبين في الوقت الفعلي، وذلك لتقديم توصيات بشأن كيفية تعديل أنماط تدريبهم أو توجيههم لتقليل المخاطر والابتعاد عن احتمالية حدوث إصابة تؤثر على الفريق وعلى اللاعب.

واحدة من أبرز التقنيات التي تستفيد من الذكاء الاصطناعي في هذا المجال هي «Kitman Labs»، التي توفر تقارير دقيقة تساعد الفرق الطبية على تتبع حالة اللاعبين بدنيًا ومعدل الاجهاد، عبر تحليل البيانات الحيوية مثل معدل ضربات القلب ومستوى الإرهاق العضلي، يمكن منع الإصابات المحتملة عن طريق تعديل الأحمال التدريبية أو توجيه اللاعبين بشكل أكثر دقة، كما أن تقنيات مثل «WHOOP» وأجهزة «Catapult» تقدم رؤى دقيقة حول الضغط على المفاصل ومستوى التحمل البدني للاعبين، مما يساهم في الوقاية من الإصابات التي قد تحدث بسبب الإفراط في التدريب أو الإعداد البدني غير المتوازن.

وهكذا، يتضح أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على تحسين الجوانب التكتيكية والتحكيمية في كرة القدم فحسب، بل يعد أيضًا ركيزة أساسية للحفاظ على صحة اللاعبين وضمان استدامة أدائهم في المباريات، ومع تكامل هذه التقنيات في عمليات الأندية، يكون الذكاء الاصطناعي قد أضاف بُعدًا جديدًا يساهم في تطوير اللعبة بشكل شامل.

في النهاية، يظهر أن الذكاء الاصطناعي قد أصبح جزءًا لا يتجزأ من عالم كرة القدم، مغيرًا ليس فقط أساليب التدريب والاستراتيجيات التي تنتهجها الأندية، بل أيضًا الطريقة التي يتم بها اتخاذ القرارات التحكيمية، واكتشاف المواهب، وتحسين صحة اللاعبين، حيث إنه أصبح بإمكان الأندية تقديم أداء أكثر دقة وفعالية، مع تقليل المخاطر والإصابات التي قد تؤثر على مستقبل اللاعبين من خلال التطبيقات المتطورة لتقنيات التحليل الرقمي والتعلم الآلي، وبينما يبقى هناك بعض الجدل حول تأثير هذه التقنيات على الروح الإنسانية والعاطفية للعبة، فإن المستقبل يبدو مشرقًا بالنسبة للذكاء الاصطناعي في كرة القدم، حيث سيسهم بشكل متزايد في تطوير اللعبة الأكثر شعبية في العالم وتحقيق أعلى مستويات الاحترافية والدقة.

تقنية الفار
متابعة وتحليل أداء اللاعبين
اللاعبون استفادوا من تقنية الذكاء
متابعة دقيقة لما يحدث في الملعب
الملاعب حظيت باهتمام من خبراء الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي طور النقل التلفزيوني
تطور مذهل لتقنية الذكاء الاصطناعي في تحليل أداء اللاعبين