على الرغم من العقوبات غير المعلنه التي تطال بعض الإعلاميين الخارجين عن النص من قبل وزارة الإعلام، ومنها إيقاف بعض البرامج الرياضية، إلا أن المشهد الإعلامي الرياضي الحالي لا يزال يشاهد بعض المشاهد والتعليقات التي تصل للعبثية من البعض وليس الكل، لا علاقة لها بمهنية الإعلام بجميع انواعه، وهدفهم الأول استثارة المشاعر، ودغدغة العواطف، وإشعال الفتن بين الجماهير في الوسط الرياضي، خصوصاً مع تنامي وتنوع وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني، إذ نشأت حالة جديدة من "العك" والانفلات الإعلامي لا يزال يتواصل خلال السنوات الماضية بالرياضة السعودية، شملت معها بعض الإعلام الفضائي، بما يتضمنه من بعض البرامج الفارغة كمضمون ومحتوى، يقدمها أشخاص لا علاقة لهم بأبسط قواعد المهنة، من قريب أو بعيد.

ما نلاحظه بسهولة يعبر بصورة حقيقية مؤسفة عن حالة متعمدة من الانفلات الإعلامي دون حسيب أو رقيب، بعد أن تخطت بعض قنوات الإعلام وبعض الإعلاميين المبادئ والقيم، وفقدوا أبسط أخلاقيات المهنة، فلم يملّوا من اللهث وراء زيادة نسبة المشاهدة، وجذب الإعلانات والمتابعين، من دون النظر إلى طبيعة المحتوى المقدم للجمهور، فمَن يتابع أيضاً البرامج الجديدة على اليوتيوب وكذلك بمنصة "إكس" والمواقع الإلكترونية الأخرى، والبرامج الحوارية في الفضائيات الرسمية والخاصة، سيكتشف بسهولة أن أغلب ما يتابعه ويشاهده، هو تضليل وتشويه للحقائق، ولا مجال فيه للرأي الآخر أو الحياد والموضوعية.

ولعل الراصد أيضًا لما يجري على الساحة الإعلامية، لن يجد صعوبة في اكتشاف قاموس جديد، ومفردات غريبة، واستضافة شخصيات ووجوه مكررة بشكل يومي، إضافة إلى التشويش المستمر على أصحاب الرأي الحر أو المختلف، واستبعاد هؤلاء الذين قد يتمتعون بالمصداقية والواقعية، وأمانة نقل الحدث، وبث الأخبار مالم يظهروا جانباً يتعصب بشدة لأحد الأطراف، لإذكاء روح الإثارة السلبية، ورفع مستوى الصراخ فوق الصوت الهادئ المتزن.

لقد أمسى من الضروري سن قوانين وضوابط للسيطرة على الانفلات الإعلامي الآني، أو على الأقل العودة للأخلاقيات والأساسيات المهنية المتعارف عليها، وتعميمها على منتسبي الإعلام، فالإعلام الرياضي المحايد سيظل العنصر الثابت للارتقاء بأي لعبة رياضية، وخلاف ذلك سيتطاول التأجيج والتعصب الرياضي، وحينها سيكون من الصعوبة توفير حلول متاحة لظاهرة الانفلات الإعلامي الرياضي، مالم يصاحب ذلك تعاون من وزارة الرياضة والإعلام، ووضع أنظمة وشروط ملزمة، وفرض عقوبات إدارية ومالية، ضد كل من يثير فتنة التعصب في أي وسيلة إعلامية.