تَحتفي المملكة قيادةً وشعبًا بالأول من برج الميزان الموافق 23 سبتمبر 2023 من كل عام باليوم الوطني للمملكة.

في هذا العام تحتفل المملكة باليوم الوطني المجيد الـ94 والمملكة وشعبها ومن يقيم على أرضها الطاهرة بهذه المناسبة الوطنية العظيمة، والجميع ينعم برخاء الوطن ونعمة الأمن والأمان والاستقرار ويتمتع بنمو وطناً شامخاً، متفاخراً بإنجازاته المبهرة غير المسبوقة في جميع مناحي الحياة، الصحية والتعليمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها من المجالات، طامحين لمستقبل زاهر تقوده قيادة حكيمة وتوجيهات سديدة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهما الله-.

إن ما تعيشه المملكة العربية السعودية في عصر الألفية الجديدة من عز ورفعه ونمو وتطور يعود فضله بعد توفيق من الله عز وجل إلى مجد وتاريخ صنعه المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -طيب الله ثراه- على مدى اثنين وثلاثين عاماً من الكفاح الوطني تَمكن من خلالها التأسيس لدولة عظيمة الشأن على شرع الله، وراية التوحيد، دستورها كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وشعارها عبارة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، لتنعم المملكة منذ توحيدها في عام 1932 بالأمن والأمان والاستقرار، ما ساهم في بناء دولة حضارية راسخة الأساسات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ذات قوة فاعلة وحضوراً ملحوظاً على المستويين المحلي والدولي.

وقد أكمل المسيرة الوطنية العظيمة من بعد المؤسس أبناؤه البررة، لتصل المملكة اليوم إلى عصرنا الزاهر في ظل قائد مسيرتنا وحامي حمانا ومصدر عزتنا وفخرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، حيث تحققت أحلامنا برسم طريقاً ذا خطى ثابتة للأجيال المتعاقبة، تحت ظل قيادة حكيمة سارت بالوطن إلى مصاف الدول المتقدمة، وسخرت كل السبل لراحة المواطن والمقيم، ليعيشوا بكرامة وعزة وسلام وأمان.

ومنذ انطلاقة رؤية المملكة 2030 في 25 إبريل 2016 بقيادة عرابها سمو ولي العهد، وبلادنا تعيش حقبة زمنية عصرية جديدة بمختلف مجالات الحياة، لترسم مستقبلاً جديداً ومتجدداً للمملكة يزيد من قوتها ومن متانها ليس فقط على المستوى الاقتصادي فحسب، وإنما على مناحي الحياة، حيث شملت الرؤية تطوير الصحة والتعليم والمجتمع والتكنولوجيا، بما في ذلك الفضاء والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وغيرها من مجالات الحياة الحيوية.

وعلى الرغم من أن المملكة قد قطعت نصف رحلة الرؤية العام الماضي، إلا أن العديد من مستهدفات الرؤية قد سبقت موعد تحقيقها بل وتجاوزت أهدافها، وفقاً لما أشار إليه تقرير الرؤية العام الماضي من تقدماً ملحوظاً بمؤشرات الأداء من المستوى الأول والثاني متجاوزة المحددات الأساسية لها.

وتزامنًا مع العام الثامن لإطلاق رؤية المملكة الطموحة 2030؛ سلط التقرير السنوي للرؤية في العام الماضي الضوء على أداء برامج تحقيق الرؤية، حيث تعد 87% من المبادرات البالغة 1,064 للعام 2023، مكتملة أو تسير على المسار الصحيح، في حين قدرت مؤشرات الأداء الرئيسة لعام 2023 بـ243 مؤشرًا، تم تحقيق ما نسبته 81% منها، فيما تخطت 105 مؤشرات مستهدفاتها المستقبلية لـعامي 2024/ 2025.

كما وكشف التقرير عن تعاظم الإنجازات في مجالات اقتصادية عديدة، التي منها على سبيل المثال لا الحصر: ارتفاع قيمة الأصول المدارة لصندوق الاستثمارات العامة بنحو 2.09 تريليون ريال سعودي لتصل إلى 2.81 تريليون ريال في العام 2023، مقارنة بعام 2016 عند إطلاق الرؤية، فيما تخطت الأصول مستهدف العام الماضي البالغ 2.7 تريليون ريال.

وحقق قطاع الإسكان العديد من الأرقام الرامية إلى تعزيز توافر الخيارات السكنية لمختلف فئات المجتمع، حيث بلغت نسبة تملك المواطنين لمساكنهم نسبة 63.74%، محققة مستهدف عام 2023 البالغ 63%، مقارنة بخط الأساس البالغ 47%.

وعلى الصعيد الاقتصادي، فقد سجَّل التصنيف العالمي من حيث الناتج المحلي الإجمالي للمملكة قيمة بلغت 2.96 تريليون ريال سعودي، مقارنة بخط الأساس البالغ 2.7 تريليون ريال سعودي.

وواصلت قيمة الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ارتفاعاً إلى 1.9 تريليون ريال سعودي، مقارنة بخط الأساس البالغ 1.5 تريليون ريال سعودي، وسجلت الأنشطة النفطية ولأول مرة في تاريخ المملكة مساهمة بلغت 50% في الناتج المحلي الحقيقي، فيما بلغت مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي 45%، محققًة مستهدف العام البالغ 45%، ومقارنة بخط الأساس البالغ 40.3%، فيما يبلغ مستهدف الرؤية العام 65%.

وفي مجال الصادرات، فقد بلغت حصة الصادرات غير النفطية من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 24.1%، مقارنة بخط الأساس 18%، ويبلغ مستهدف العام 36%، ومستهدف الرؤية 50%.

وسجل معدل البطالة أدنى مستوى تاريخي، حيث بلغ معدل البطالة بين السعوديين 7.7%، مقارنة بخط الأساس البالغ 12.3%، متجاوزًا مستهدف 2023 البالغ 8%، فيما يبلغ مستهدف الرؤية 7% بحلول عام 2030.

وفي مجال السياحة وصل عدد زوار المملكة إلى 106 ملايين زائر منهم 27,4 مليون زائر دولي، لتصبح المملكة في المركز الثاني بنسبة نمو السياح الدوليين وقدرتها على جذب السياح الدوليين.

وفي مجال الاستثمار فإنه يُعول على استراتيجية الاستثمار المطورة، مضاعفة الاستثمارات السنوية بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030، وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر السنوية بأكثر من 20 ضعفاً من 17 مليار ريال سعودي في عام 2019 لتصل إلى 388 مليار ريال سعودي في عام 2030.

وفي مجال الصناعة، تستهدف الاستراتجية الوطنية للصناعة الدفع بعجلة النمو في القطاع لتصل الصناعي لتصل أعداد المصانع إلى نحو 36,000 مصنع بحلول عام 2035، حيث تركز الإستراتيجية على 12 قطاعًا فرعيًا لتنويع الاقتصاد الصناعي في المملكة، فيما حددت أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تريليون ريال سعودي، لتشكل فصلًا جديدًا من النمو المستدام للقطاع، بما يحقق عوائد اقتصادية طموحة للمملكة بحلول عام 2030، تشمل: مضاعفة الناتج المحلي الصناعي بنحو 3 مرات، ومضاعفة قيمة الصادرات الصناعية لتصل إلى 557 مليار ريال سعودي. كما تعمل الإستراتيجية الوطنية للصناعة على وصول مجموع قيمة الاستثمارات الإضافية في القطاع إلى 1.3 تريليون ريال، وزيادة صادرات المنتجات التقنية المتقدمة بنحو 6 أضعاف، إضافة إلى استحداث عشرات الآلاف من الوظائف النوعية عالية القيمة.

وفي المجال البيئي ولمكافحة قضايا التغير المناخي، وضمن مباردة السعودية الخضراء، حققت المملكة تقدمًا ملموسًا في مبادراتها البيئية المستدامة؛ لتكون انطلاقة ناجحة نحو حقبة خضراء وغد أكثر استدامة، ومن تلك الجهود زراعة أكثر من 49 مليون شجرة في مختلف مناطق المملكة، وأكثر من 3 ملايين شتلة برية، وأُهّلت أكثر من 975 هكتارًا من المدرجات الزراعية في الجنوب الغربي للمملكة متخطيًا مستهدف العام البالغ 69 ألف هكتار.

وفي مجال الحد من الانبعاثات الكربونية؛ صَدرت كميات تجارية من الأمونيا النظيفة لليابان، وكوريا الجنوبية، والصين، وتايلاند، وأوروبا؛ لتوليد الطاقة كجزء من مشاريع تلك الدول، ففي عام 2020 تم شحن 40 طنًا من الأمونيا الزرقاء إلى اليابان.

وتحقيقًا لمستهدفات رؤية المملكة؛ للارتقاء بجودة الحياة، فقد وصلت القيمة الفعلية لمعدل متوسط العمر المتوقع 78.10 سنة مقارنة بخط الأساس المقدر 77.6 سنة، فيما يبلغ مستهدف الرؤية 80 سنة، وتخطت نسبة التجمعات السكانية بما فيها الطرفية المغطاة بالخدمات الصحية مستهدف عام 2023 بنسبة 96.41%، حيث بلغت نسبة المستهدف 96%، مقارنة بخط الأساس المقدر بنسبة 84.13%. فيما يبلغ مؤشر الرؤية 99.5%.

وسجَّلت المملكة زيادة تاريخية في أعداد المعتمرين من الخارج، حيث بلغت 13.56 مليون معتمر، متجاوزة مستهدف عام 2023 المقدر بـ10 ملايين، ومقارنة بخط الأساس البالغ 6.2 ملايين معتمر، ويبلغ المستهدف العام للرؤية 30 مليون معتمر، فيما بلغ عدد المتطوعين لخدمة ضيوف الرحمن أكثر من 131 ألف متطوع، متجاوزًا مستهدف العام البالغ 110 آلاف متطوع.

وفي المجال الثقافي والتراثي، فقد بلغ عدد المواقع التراثية السعودية المدرجة لدى اليونسكو 7 مواقع متجاوزة مستهدف العام المقدر بـ6 مواقع، مقارنة بخط الأساس البالغ 4 مواقع، ومقاربة من مستهدف عام 2030 البالغ 8 مواقع، وكان آخر تلك المواقع المسجلة بقائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)؛ محمية "عروق بني معارض".

جميع تلك الإنجازات الحضارية العملاقة التي تحققت خلال رحلة الرؤية، حققت للمملكة المزيد من الرفعة والمنعة على المستوى الإقليمي والدولي، وجسرت من المسافة الزمنية التي تفصلها عن تحقيق هدفها بأن تتبوأ الترتيب الخامس عشر على مستوى مجموعة دول العشرين بحلول عام 2030، كما أنها أكسبت الممملكة ثقة العالم بفوزها باستضافة معرض إكسبو 2030 بمدينة الرياض، بعد أن اختارها العالم في منافسة مع مدينتي بوسان في كوريا الجنوبية، وروما في إيطاليا، إذ حصلت المملكة على 119 صوتًا يمثل الأغلبية.

كما واحتلت المملكة المركز الـ17 عالميًا بين 64 دولة الأكثر تنافسية، والمركز الـ2 عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني، والمركز الـ3 بين دول مجموعة العشرين من حيث الأداء العام، والمركز الـ3 بين دول مجموعة العشرين، والـ5 عالميًا في مؤشر السوق المالية، والمركز الـ6 في محور الأداء الاقتصادي، والمركز الـ11 عالميًا في محور كفاءة الحكومة، والمركز الـ13 عالميًا في كفاءة الأعمال، والمركز الـ34 عالميًا في البنية التحتية.

أخلص القول؛ أن المملكة تعيش هذا العام يوماً وطنياً مجيداً وهي ما ضية قُدمًا نحو تحقيق المنجزات تلو الأخرى بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ومتابعة وإشراف مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله- لتستمر مسيرة البناء والعطاء والنماء لخدمة الوطن والمواطن على حدٍ سواء.