الصدارة التي اقترنت باسم السعودية في كثير من المجالات جاءت هذه المرّة رقمية؛ ولا عجب! حيث تشهد الحكومة الرقمية في المملكة تطوراً مذهلاً، وهي تساهم في إثراء تجارب المستفيدين وتسريع التحول الرقمي من خلال خدمات رقمية مبتكرة، والاستفادة من التقنيات الناشئة، وخلق التنافسية الرقمية، وإبراز هذه الإنجازات من خلال منصة السعودية الرقمية، حيث قفزت المملكة العربية السعودية (25) مرتبة في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية 2024، لتكون ضمن مجموعة الدول الرائدة على مستوى العالم، وحققت المركز (الرابع) عالمياً و(الأول) إقليمياً و(الثاني) على دول مجموعة العشرين في مؤشر الخدمات الرقمية، بالإضافة إلى تحقيق المركز (السابع) في مؤشر المشاركة الإلكترونية، كما حققت مدينة الرياض المركز (الثالث) من بين (193) مدينة حول العالم.

فما مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية؟ وكيف قفزت المملكة العربية السعودية في مؤشر الأمم المتحدة بالأرقام؟ وما أهمية ذلك؟

يُعـد مؤشـر تطـور الحكومـة الإلكترونيـة (EGDI) التقرير العالمي الوحيد الذي يقيم علمياً حالة تطور الحكومة الإلكترونية في جميع الدول، حيث يتم احتساب نتيجة كـل دولة في مؤشر تطور الحكومة الإلكترونية من خلال المتوسط الحسابي لثلاثة مؤشرات فرعيـة: مؤشـر البنيـة التحتيـة للاتصـالات، ومؤشـر رأس المال البشري، ومؤشر الخـدمات الإلكترونيـة، وتتـراوح النتيجة النهائية بين صفر وواحـد لكـل دولـة، وترتـب الـدول تنازليـاً بناءً على هذا المؤشر.

يتيح هذا المؤشر للدول فرصة مقارنـة تقـدمها وقيـاس أداء مبادراتهـا في هذا المجال، بعضها ببعض. ويعدّ هذا التقييم ذا أهمية بالغة، حيث يتماشى مع أولويات التنمية الوطنية لكـل دولـة، ويسـاهم فـي تحقيـق أهداف التنمية المستدامة. ويعتبر أيضا أداة مرجعيـة وتنمويـة لجميـع الدول، حيث يمكنها من التعلم من تجارب بعضها البعض، وتحديد نقاط القـوة والتحـديات فـي مجـال الحكومـة الإلكترونيـة، ومـن ثـم صـياغة سياساتها واستراتيجياتها بناءً على ذلك.

المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في مجال التحول الرقمي على مستوى المنطقة العربية والعالم، ولأن التحول الرقمي لا يجلب الابتكار التكنولوجي فحسب، بل يجلب معه أيضاً تغييرات شاملة في أساليب الإنتاج وأنماط الحياة وأساليب الإدارة، حيث أصبحت البيانات تولد قيمة صناعية ضخمة تقود التحول الرقمي في الخدمات الحكومية مع تطور سياسات الحكومة الرقمية، أصبح حجم السوق ينمو بشكل هائل وسيناريوهات التطبيق غنية وتنمو بشكل غير مسبوق والبيانات تبني جسورا بين العرض والطلب مما يمكن الحكومة الرقمية من تحقيق تحليل دقيق للطلب ومما يسمح للخدمات الحكومية بالتحول من بذل أفضل الجهود إلى تقديم أفضل الخدمات في أي مكان وكل ثانية.

ما قامت به المملكة لتحقيق هذه الريادة في مجال التحول الرقمي على مستوى المنطقة العربية والعالم، ومن أجل أن تتمكن بقية الجهات والقطاعات والأفراد من إدراك التحول الرقمي للحكومة الرقمية والتفكير فيه، فيما أسهمت به رؤية السعودية 2030 في تحقيق العديد من القفـزات فـي مجال الحكومة الرقمية منذ إطلاقها في العام 2015، وعبر المبــادرات المتخصصــة بالحكومــة الإلكترونية تقفز بترتيب المملكة من المرتبـة 52 للمرتبـة 6 خلال فترة وجيزة من الزمن، الأمر الذي مكّن المملكة العربية السـعودية لأن تتحوّل إلـى مرجـع رئيسـ فـي العـالم فـي ممارسـات Benchmar الحكومة الإلكترونية!

فماذا فعلت المملكة العربية السعودية لتحقيق ذلك؟

ومن أجل أن تتمكن بقية الجهات والقطاعات والأفراد من إدراك التحول الرقمي للحكومة الرقمية والتفكير فيه، قوة الحكومة وحدها ليست كافية، دعمت المشاركة النشطة للقطاع الخاص والمؤسسات والمنظمات والمواهب لجلب المزيد من الزخم إلى الحكومة الرقمية.. ومن أجل العمل على استكشاف هذه القدرات والخبرات والاستفادة من المجالات الأساسية مثل الاتصال والحوسبة والسحابة والذكاء الاصطناعي للمساعدة في التحول الرقمي اتخذت المملكة خطوات كبيرة في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة، من خلال الدعم الحكـومي للقطـاع الخـاص الذي انعكس علـى مسـاهمته فـي زيـادة الاستثمارات في البنية التحتية.. وهو ما يمكن السعودية الرقمية لتسهم في بناء آفاق جديدة من الشراكات والفرص الاستثمارية بالقطاع الرقمي بما يسهم في تعزيز كفاءة العمل الحكومي وتسريع التحول الرقمي الذي هو النتيجة الحتمية للتكامل العميق بين التطور التكنولوجي والحوكمة الحديثة، وخيار مشترك للدول لتحسين بيئة الأعمال وتعزيز القوة الوطنية الناعمة وتحسين مستوى الحوكمة والشفافية وتحسين المناخ الاستثماري لتطوير سلاسل القيمة عالية التقنية، التي تواكب الثورة الصناعية الرابعة وتسرع التحول الرقمي لاقتصاد مستدام ومبتكر ومجتمع مزدهر مع رؤية 2030.