الأصدقاء حواراتهم عفوية وجلساتهم ليس لها جدول أعمال أو محاور، ولا يبحثون عن الإثارة أو المتابعين رغم أن بعض حواراتهم تستحق عرضها على الجمهور وستكون أكثر فائدة من حوارات ذات طابع تجاري.. مجالسهم يحضرها الصديق برغبته دون تحضير أو أهداف خفية، يحضرها لقضاء وقت يجمع بين المتعة والفائدة مع أشخاص يشعر بالارتياح النفسي معهم، يضيف إليها ويستفيد منها..

مجالس الأصدقاء تسهم في تعزيز العلاقات والدعم النفسي كما تحقق مكاسب معرفية بما تتضمنه من أحاديث مفتوحة يتم فيها تبادل الخبرات والتجارب في موضوعات مختلفة مثل التعليم والتربية وثقافة التغذية والتسوق والسفر والأعمال الخيرية والخدمات الصحية والسكن.. إلخ، مجالس ودية تقدم معلومات ونصائح مجانية، ونقاشات بلغة تنم عن التقدير والاحترام.

في مجلس الأصدقاء سنسمع عبارات مثل (أقول يا أبو محمد ولا يهون الإخوان) وعبارة أخرى (يا أبو صالح أنا أقول وكلامك على متمه) أو (مثل ما ذكر أخوي).. هذه العبارات التي قد لا نسمعها في حوارات من نوع آخر لا تعني أن صاحبها يتنازل عن رأيه ويوافق من باب المجاملة، وإنما قد تعني العكس تماما كأن تكون مقدمة لرأي مخالف،

التـأدب في الحوار لا يعني تعطيل التفكير.

حوارات الأصدقاء ليست دائما مثالية فهي تخضع للفروق الفردية والثقافية وطبيعة الموضوع المطروح للنقاش، قد يطرح أحدهم وصفة طبية نتيجة تجربة شخصية ثم لا تجد التأييد من شخص آخر له تجربة مختلفة، قد يحتد النقاش ولكن الصداقة تحسم الموضوع بنتيجة مفتوحة يتم الرجوع فيها لأصحاب الاختصاص ولن يضطر أحد أن يقول (فاصل ثم نواصل)، كما يحدث في الحوارات السياسية أو الفكرية أو الرياضية، الأصدقاء لديهم فاصل من المزاح والضحك وتبادل الاحترام والتقدير ومن النادر حدوث شرخ في العلاقات بسبب الاختلاف في الرأي.

الأصدقاء حواراتهم عفوية وجلساتهم ليس لها جدول أعمال أو محاور، ولا يبحثون عن الإثارة أو المتابعين رغم أن بعض حواراتهم تستحق عرضها على الجمهور وستكون أكثر فائدة من حوارات ذات طابع تجاري.

مجالس الأصدقاء يحضرها الصديق برغبته دون تحضير ودون أهداف خفية، يحضرها لقضاء وقت يجمع بين المتعة والفائدة مع أشخاص يشعر بالارتياح النفسي معهم، يضيف إليها ويستفيد منها.

طبيعة الاجتماعات في بيئة العمل مختلفة، هي اجتماعات مقننة ذات أهداف محددة ويشارك فيها من له علاقة بالموضوع ويعتمد نجاحها على إدارة الاجتماع، لا تخلو هذه الاجتماعات من أدب الحوار ومنها على سبيل المثال عبارة (كما أشار الزميل..) (أعتقد أن الزميل.. طرح فكرة جميلة تتمثل في..)، هذه الاجتماعات الرسمية في العادة تهدف الوصول إلى قرارات أو توصيات وفق آلية محددة ومعروفة مسبقا، هذه الاجتماعات لا تضم الأصدقاء ولا الأعداء وإنما زملاء العمل وقد يحدث اختلاف في الرأي يؤثر على علاقة الزمالة لكنها في النهاية وبمهارة مدير الاجتماع ستصل إلى نتيجة تفرضها المصلحة العامة، وقد يتعطل العمل بسبب الانتصار للرأي، وهو أمر لا يحدث في مجلس الأصدقاء.

في هذا الشأن أقترح على الشخص المسؤول الذي يشغل منصبا رسميا في القطاع العام أو الخاص أن يجد الوقت للاجتماع مع أصدقائه، فسوف يستفيد منهم لأنه سيستمع إلى آراء وملاحظات قد لا يسمعها من زملاء العمل، انطلاقا من مبدأ (صديقك من صدقك لا من صدقك).