في بادرة مباركة، وكرنفال احتفائي منقطع النظير قامت قيصرية الكتاب بالتعاون مع مؤسسة اليمامة الصحفية بتنظيم وإقامة أمسية الوفاء لفقيد الصحافة والثقافة الأستاذ محمد بن أحمد الشدي رئيس الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون ورئيس تحرير مجلة اليمامة الأسبق - رحمه الله - والتي تضمنت خلالها ندوة موسعة عن مآثر الفقيد ودوره الثقافي، ومساهماته الجادة في بناء كيانات ثقافية مهمة في مرحلة من المراحل التي مثلت مرحلة التأسيس والبناء الثقافي في المملكة، شارك في الحديث في الندوة كل من: الشاعرة الدكتورة فوزية أبو خالد، والكاتب عبدالله الماجد، والكاتب الروائي حسين علي حسين، وأدار اللقاء الكاتب سهم الدعجاني، وعلق على هذا الحدث عدد كبير من الأسماء الإعلامية البارزة في المملكة الذين حرصوا على الوجود محبة في الراحل.

الحقيقة أن هذه المبادرة التي رعاها مدير عام مؤسسة اليمامة الصحفية الأستاذ خالد الفهد العريفي، وحضرها جمع غفير من نخب الإعلام السعودي، إلى جانب أبناء وأقارب الفقيد، تمثل بادرة مميزة في تكريم أسماء مهمة وكبيرة لها دورها الريادي في الحراك الثقافي السعودي، خاصة إذا ما عرفنا أن الشدي هو من قام بالعمل على إضافة مسمى «الثقافة» لجمعية الفنون، في تلك الفترة الريادية المهمة باعتبار أن الثقافة والفنون هما مزيجان، لا ينفكان عن بعضهما بعض وكلاهما يمثلان إبداعات إنسانية تقدم للمتلقي المتعة إلى جانب المنفعة المتمثلة في تنمية الوعي الإنساني والاستبصار الذي يسهم في النماء الحضاري والمعرفي للشعوب، إلى جانب دوره في تأسيس كيانات ثقافية مهمة خلاف عمله في الجمعية والتي يطول الحديث عنها.

سررت بأن كنت أحد الحاضرين، وقد بهرت بما قدم عن هذا الرائد رغم معرفتي الشخصية به، عندما كان رئيس للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، حيث ربطتني به علاقة تواصل عندما كنت أعمل مديراً لمكتب صحيفة المدينة بالطائف وأتواصل معه، وأتابع منجزات الجمعية، وما تتميز به من أعمال في المجالين الثقافي والفني، كما حظيت باللقاء به، وعمل مقابلات صحفية أثناء انتدابي من قبل صحيفتي للمشاركة الإعلامية في مهرجان الجنادرية.

فوجئت بعدها باتصاله بي، وسؤاله عني وعن عملي الصحفي، ثم قال لي: يمكن أن نستفيد منك لاحقاً، فرحب بذلك بكل سرور، وإذا بي أتفاجأ أيضاً باتصال من رئيس فرع جمعية الثقافة والفنون بالطائف الذي بلغني بصدور قرار الأستاذ محمد الشدي بتعييني مديراً للعلاقات العامة والإعلام بفرع الجمعية في الطائف.

كان الرجل إدارياً ناجحاً، يعتمد على الإدارة بالحب التي أصبح علماء الإدارة اليوم ينادون بها، ثم إنه كان يحرص على أن يجعل من فروع الجمعية في مناطق المملكة التي وصلت على يديه إلى 14 فرعاً، أن تساهم وتعمل كفروع بكامل طاقتها مواكبة للأنشطة والفعاليات التي تقدم في الرياض، وإلا تكون الفروع أقل من المركز، وقد استطاع تخصيص ميزانيات جيدة للفروع، بحكم علاقته بالرئيس العام لرعاية الشباب الأمير فيصل بن فهد - رحمه الله - في تلك الفترة.

وأتذكر جيداً كيف تبنى فكرة ملتقى سوق عكاظ الذي قدم كاقتراح من الناقد والكاتب الأستاذ الدكتور عالي القرشي - رحمه الله - وأصبح منشطاً مميزاً، ويقدم فعاليات متفردة، عبر جمعية الطائف التي برزت في تلك الفترة من خلال الفعاليات الكبيرة التي قدمها الدكتور عالي وكنا نعمل معه طبعاً، والتي أصبح لها صيتها على مستوى الوطن، وتبنيه أيضاً لورشة العمل المسرحي بقيادة المبدع فهد الحارثي، والتي باتت اليوم من أبرز ورش العمل المسرحي عربياً.

لن أستطيع أن أوفي محمد الشدي - رحمه الله - حقه فيما قدم للثقافة والفن في المملكة، ولكن ما قدمه رواد وأساتذة الإعلام الكبار في حفل التكريم جدير بأن يشار إليه وأن يشكروا عليه، وأن نتوجه بالشكر الجزيل أيضاً لقيصرية الكتاب ولمدير عام مؤسسة اليمامة الصحفية الأستاذ خالد العريفي الذي رعى وتبنى هذا التكريم، وتحية لأبناء وأسرة الفقيد الشدي.