في بكين حيث أجواء الخريف منعشة، أضاءت قاعة تشي نيان بالمعبد السماوي في محور بكين المركزي، التي يمتد تاريخها لأكثر من 600 عام، بـ" اللون البنفسجي السعودي"، حيث يقام مهرجان السفر السعودي الذي تنظمه هيئة السياحة السعودية. ويجمع المهرجان بين طابع السوق البدوي السعودي والعروض الثقافية التقليدية والأجهزة التفاعلية المبتكرة، مما يتيح للزوار الصينيين فرصة لتذوق القهوة السعودية والتمر والانغماس في سحر الثقافة السعودية. وفي الوقت نفسه، تقام نشاطات فعالية "ليالي الفيلم السعودي" لأول مرة في الصين، حيث تعرض أفلام سعودية مثل "طريق الوادي" و"مطارد النجوم" في مدن بكين وشنغهاي وسوتشو. إن الثقافة الفريدة للمملكة العربية السعودية تجذب الكثير من المعجبين الصينيين.

وفي الرياض حيث قلت حرارة الأجواء، شاركت العديد من دور النشر الصينية بأكثر من 1000 كتاب ومنتجات ثقافية تحمل الطابع الصينيفي في معرض الرياض الدولي للكتاب، مما أضفى على المعرض طابعًا صينيًا مميزًا. كما افتُتح موسم الرياض بشكل أكبر، حيث أضاءت منطقة "بوليفارد وورلد" بـ"اللون الأحمر الصيني" في الجناح الصيني. وبفضل حسن الحفاوة من الهيئة العامة للترفيه، زرت منطقة بوليفارد والتي تجمع بين ثقافات متعددة، ورحب بي العديد من السعوديين ترحيبًا حارًا باللغة الصينية قائلين: "ني هاو" و"مرحبا بكم في الرياض". وقد جذبت "قوارب التنين" الراسية في المرفأ والعروض البهلوانية الرائعة على المسرح بالحي الصيني انتباه العديد من الزوار الذين توقفوا للتصوير والاستمتاع.

"ظلت الصين والمملكة العربية السعودية تتبادلان الإعجاب ببعضهما البعض منذ القدم." "يرجع تاريخ التواصل بين الصين والدول العربية إلى أكثر من 2000 سنة." "وكان التواصل بين الصين ودول الخليج العربية مسجلا في الوثائق التاريخية." في 8 ديسمبر 2022، نشرت صحيفة الرياض السعودية على صفحتها الأولى مقالاً موقعًا من الرئيس شي جين بينغ، مرفقًا بالعديد من الصور، يسرد فيه تاريخ الصداقة الممتدة لآلاف السنين بين الصين والسعودية، وبين الصين والعالم العربي، وبين الصين ودول الخليج. لقد استمرت العلاقات بين شبه الجزيرة العربية والصين في المجالات الثقافية وغيرها على مدى ألف عام، ويُعد موقع سرين الأثري في السعودية مثالاً على هذه العلاقات الودية. "اطلبوا العلم ولو في الصين." على مر التاريخ، أضاءت الحضارتان العربية والصينية طرفي القارة الآسيوية. وتعرّف الشعبان على بعضهما البعض وتبادلا المعرفة عبر طريق الحرير، وتقاسما التحديات والنضال من أجل الاستقلال والسيادة، وتعاونا لتحقيق المنفعة المشتركة في ظل موجات العولمة الاقتصادية، وتمسكا بالمبادئ الأخلاقية في مواجهة التحولات الدولية، ليكتبا معًا قصةً رائعةً من التفاعل بين الشرق والغرب، والتعلم المتبادل، والمساعدة المتبادلة.

من أجل مواجهة تحديات تطور الحضارة البشرية، قدم الرئيس شي جين بينغ مبادرة الحضارة العالمية، داعيًا إلى تجاوز الحواجز الثقافية بالتبادل الحضاري، وتجاوز الصراعات الحضارية بالتعلم المتبادل، وتجاوز التعالي الحضاري بالاندماج الثقافي. وقال: "زهرة واحدة لا تعني الربيع، لكن مائة زهرة تجلب الربيع إلى الحديقة." وأضاف: "إذا كان هناك نوع واحد فقط من الزهور في العالم، حتى لو كانت هذه الزهرة جميلة جدًا، فسيكون ذلك مملًا." يشير هذا التشبيه البليغ إلى حقيقة عميقة، وهي: إن تعزيز التفاعل بين الحضارات المختلفة وتعلمها من بعضها البعض هو السبيل لجعل العالم أكثر جمالاً وحياة شعوب العالم أكثر سعادة. في هذا الخريف الذهبي، تشهد التبادلات الثقافية بين الصين والسعودية نشاطًا مثمرًا، ما يعكس تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، ويُعد مثالاً حيًا على التزام البلدين بمبادرة الحضارة العالمية.

في الشهر الماضي، قام رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ بزيارة رسمية إلى المملكة، وعقد محادثات مع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. وقد ترأس الجانبان الاجتماع الرابع للجنة المشتركة رفيعة المستوى بين الصين والسعودية. واتفق الجانبان على تنظيم "عام الثقافة الصيني السعودي 2025"، وتعزيز التعاون الثقافي وتعميق التفاهم المتبادل بين شعبي البلدين. وفي الفترة الأخيرة، قام وزير الثقافة السعودي صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان ووزير السياحة أحمد بن عقيل الخطيب بزيارة مشتركة إلى الصين، حيث وقع الجانبان خطة تنفيذية لتنظيم "عام الثقافة الصيني السعودي 2025"، إلى جانب اتفاقيات تعاون في مجالات الآثار والمتاحف وغيرها. إن التبادل الثقافي يمكن أن يعزز التفاهم المتبادل ويعمق التعاون العملي، ويُسهم في تنوع وتقدم الحضارات العالمية، مما يجعله مفتاحًا لمواجهة التحديات العالمية الحالية، ويوفر دافعًا جديدًا لبناء نظام دولي أكثر انسجامًا.

وبمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية في العام المقبل، نتطلع إلى العمل مع الجانب السعودي لتنفيذ التوافقات المهمة التي تم توصل إليها بين قادة البلدين، وتعزيز التعاون الثقافي، وإنجاح فعاليات "عام الثقافة الصيني السعودي 2025"، وتعميق التفاهم والصداقة بين شعبي البلدين. نسعى معًا إلى فتح آفاق جديدة للتبادل الثقافي والتواصل بين قلوب الشعبين، ونمضي يدا بيد نحو تحقيق مبادرة الحضارة العالمية وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، لنكتب فصلًا جديدًا من التفاعل الثقافي والتعلم المتبادل بين الشرق والغرب.