أَحْسَنَ الأستاذ الدكتور عبد الرزاق بن فرّاج الصاعدي صنعاً بعد إصدار معجمه (معجم اللغويين السعوديين ونتاجهم البحثي 1319هـ -1445هـ)، هذا المعجم الذي أصبح حديث الناس من المختصين والمهتمين في الشأن اللغوي، وأحسب أن الدكتور عبد الرزاق - مشكوراً مأجوراً – قد أمضى فيه وقته وجهده، نسأل الله أن لا يحرمه الأجر؛ فهو عمل كبير، ومشروع ضخم، حظي بدعم مؤسساتي عندما تبناه مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، فزاد من بهائه وجماله، والحق أن جهد الدكتور عبد الرزاق فيه يذكر فيشكر، ولا سيما أن مؤلفه ضليع في ميدانه، فهو أستاذ في النحو والصرف، باحث متعمق في التصريف، وفقه اللغة، والمعاجم، إضافة إلى أنه مؤسس مجمع اللغة العربية الافتراضي التفاعلي ورئيسه؛ لذلك حين يخرج هذا المعجم من يدي متخصص مثله يكون أكثر ضبطاً ونضجاً.

ويذكّرني عمل الدكتور الصاعدي (المؤسساتي) بما فعلته دارة الملك عبدالعزيز مشكورة حينما اضطلعت بإصدار قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية، حيث أشرفت عليه دارة الملك عبدالعزيز، وكان المستشار بدارة الملك عبدالعزيز الدكتور محمد الربيع قد أعدّ دراسة استطلاعية وتصورًا عامًا حول الموضوع، انتهى إلى اقتراح إصدار قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية، ويُعدُّ القاموس توثيقًا للحركة الأدبية السعودية، إذ يُؤرّخ لظهور الأندية الأدبية، والجوائز الثقافية، وبدايات الأجناس الأدبية في المملكة وأهم روادها من الرجال والنساء، كما يرصد السِير الذاتية للأدباء السعوديين، ونظرة أدبية في أعمالهم وإنتاجهم الفكري، بالإضافة لعرض صورهم، وبعض المعلومات المتوافرة عنهم.

وأخال أن قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية – نظراً لسبقه الزمني – سيكون لبنة أولى في بناء جسر معرفي، ورصيد تراجمي للمهتمين باللغة العربية من السعوديين، كما أن معجم الدكتور عبدالرزاق الصاعدي هو واسطة عقد تلك التراجم والمعاجم اللغوية السعودية؛ لأن اللغة هي المورد العذب، والمنبع الأصل؛ من هنا فإن ظهور معجم خاص بالبلاغيين السعوديين أصبح ضرورة ملحّةً ليكتمل عقد تلك الأعمال القاموسية؛ ذلك أنها تكشف أولاً عن حجم الإنتاج السعودي في الميدان اللغوي بشكل عام، ثم إنها تبرز الأثر الكبير الذي أحدثه السعوديون في اهتمامهم بلغتهم العربية الخالدة، ولا سيما أن المملكة العربية السعودية هي أصل اللغة العربية، ومهدها، ومهبطها، ومستقرها، ومستودعها.

إن وجود أسماء كبيرة ولامعة من السعوديين في مجال البلاغة العربية يحتّم على المهتمين والمختصين اليوم ضرورة التصدي لهذه المهمة من التأليف، ولعل أحدهم ينبري للاضطلاع بهذا الشأن، وما أجمل الامتداد في الحقل المعرفي، وما أجمل أن تتجدد هذه الأعمال وفق خطط عشرية، كل في مجاله وميدانه، بمعنى أن يمتد أثر كل معجم في تجديده كل عشر سنوات، وذلك عن طريق إخراج جزء جديد من الجهة التي دعمته وبالتنسيق مع المؤلف الرئيس، أو صاحب الفكرة؛ لأن لذلك أثره العظيم مستقبلاً، كما أنه يسهم في تعزيز القوة الناعمة لوطننا ولغتنا؛ لهذا فإن قاموس الأدباء الذي صدر، ومعجم اللغويين الصادر الآن، ومعجم البلاغين والنقاد الذي أرجو صدوره قريباً، لهي أعمال جليلة، ستضيف – إن شاء الله - إلى لغتنا العربية الخالدة، وستضيف إلى مملكتنا العربية السعودية الشامخة، وستظهر من خلالها جدوى التكامل العلمي حينما تخدم المؤلفات بعضها، فتتساند وتتعاضد، وتكمل طريقها، مع فائق الشكر لهذه الجهود الرائعة.