هل شعرت بالعجز يوماً أنك غير قادر على أن تحصل على موطئ قدم في هذا العالم؟، هل تحس أن الواقع يعيقك من التقدم؟ أم أفكارك هي العائق؟، هل تخنقك أحلامك ومشاعرك وتبتزك حتى آخر نفس فيك؟، هل وصلت لمرحلة أنك غير قادر على الحب والعطاء؟، هل تُحس أنك مستنزف؟، والسؤال الأهم: هل إرادتك الإنسانية قادرة على تغيير واقعك؟،

طبقاً لما جاء في كتاب "العالم كتصور" للفيلسوف آرثر شوبنهور يرى أن: "الإرادة تتجلى من حيث إنها شيء في ذاته، في الفكرة (التصور أو التمثل) قبل أن تتجلى في كثرة من أشياء مفردة. من هنا، فإن الإرادة هي «جوهر وجود الإنسان، ففيها يجد الإنسان بالتأمل الباطن المباشر، الجوهر الباطن الحقيقي للإنسان، والذي لا يمكن أن يفنى".

وتتمثل الإرادة في القدرة على ضبط النفس، وتحدي الصعاب، والتحمل، بل وتجاوز المخاوف الشخصية.. وقد قيل إن الإرادة هي التي تميز الإنسان عن بقية الكائنات، حيث يمتلك الإنسان الحرية والإصرار لتشكيل مستقبله وتطوير ذاته، بغض النظر عن الظروف المحيطة، فهي التي تميز الإنسان عن بقية الكائنات، حيث يمتلك الإنسان الحرية والإصرار لتشكيل مستقبله وتطوير ذاته وتقرير مصيره، بغض النظر عن الظروف المحيطة.

لقد اهتم الفلاسفة بمفهوم الإرادة منذ القدم، وتناولوها بوصفها قوة إنسانية تميز الشخص الحر، وعند الفيلسوف إيمانويل كانط تعني الإرادة أن الفرد قادر على اتخاذ قراراته وفقًا لمبادئ أخلاقية، مما يمنحه القدرة على تجاوز الشهوات الشخصية والسعي نحو الخير العام. حيث اعتبرها الأساس الأخلاقي الذي يحدد تصرفات الإنسان ويجعله مسؤولًا عن أفعاله.

أما فريدريك نيتشه، فيرى الإرادة كقوة لتحقيق الذات وتأكيد الهوية. يرى نيتشه أن الإنسان ذو الإرادة القوية هو الذي يتجاوز القيم التقليدية ويخلق قيمًا خاصة به. عند نيتشه "إرادة القوة" هي القدرة على الابتكار والتحرر، وتعتبر وسيلة لتفوق الإنسان على ظروفه وقيده.

أيضاً عالم النفس فيكتور فرانكل، الذي عاش تجربة قاسية في معسكرات الاعتقال النازية، يرى أن الإرادة الإنسانية تتعلق بالبحث عن المعنى. بالنسبة لفرانكل، الإرادة تمنح الإنسان القدرة على إيجاد معنى للحياة حتى في أقسى الظروف، وهو ما يمد الإنسان بالقوة للاستمرار والتحمل. فهي ليست مجرد فكرة فلسفية أو مفهوم نفسي؛ إنها القوة التي تدفع الأفراد لتحقيق أهدافهم وإنجاز أحلامهم، فعندما تؤمن بفكرة أو إنسان أو حتى حلم ستشعر أنك تعيش كل تفاصيلة وأن كل شيء بعد تلك اللحظة ينتمي إليك أنت، ولكن يجب أن تتعلم كيفية الصمود لتحقيق ما تريد.. أما بالنسبة للإرادة والحرية فهي التي تجعل الإنسان قادرًا على اتخاذ قراراته بحرية، والتحكم في حياته، والابتعاد عن القوالب المجتمعية التي تفرض عليه كيف يجب أن يعيش.

في النهاية، تبقى الإرادة هي ما يجعل الإنسان قادرًا على الحياة بشغف ومعنى، وقادرًا على مواجهة الصعاب بتحمل وصبر.. إنها تلك القوة التي تكمن في داخلنا، والتي تعطينا الإصرار لتحقيق ما نؤمن به وتحقيق أحلامنا.