التحالف الدولي الذي أطلقته المملكة باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين يهدف إلى إعادة تنشيط عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال وضع جميع المكونات الفعالة تحت مظلة تحالف عالمي، والسعي لتوحيد الجهود الدولية وتنسيق الدعم السياسي والاقتصادي لبناء الدولة الفلسطينية، ووضع خطة عمل مشتركة تتضمن جدولًا زمنيًا واضحًا لتطبيق وتنفيذ حل الدولتين..
منذ أن بدأ الزخم الكامن وراء القمة العربية الإسلامية التي استضافتها العاصمة الرياض، بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يتشكل عبر إرادة ورغبة دولية بدأت تتبلور، وقادتها السعودية عبر اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية، برئاسة الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، ومساعيها النبيلة التي تتبنى سياسات عادلة تسهم في بناء نظام عالمي مستقر ومزدهر، والتي تتبنى إستراتيجية التوازن للتوصل إلى إجماع دولي يحقق العدالة ومنطلق للتعاون والتعايش السلمي.
استمرت زيارات اللجنة الوزارية المشتركة برئاسة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، والتي بدأت تحركاً دولياً للدول الخمس الدائمة العضوية وبقية الدول منذ قرابة العام، حيث عقدت اجتماعاتها لبحث الأوضاع في قطاع غزة، والتحرك بشكل فوري وعاجل نحو وقف الانتهاكات المستمرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بما يضمن حماية كاملة للمدنيين في قطاع غزة. ورفضهم لتجزئة القضية الفلسطينية ومناقشة مستقبل قطاع غزة بمعزل عن القضية الفلسطينية، وأهمية تهيئة الظروف السياسية الجادة لقيام دولة فلسطينية مستقلة، والأولوية القصوى هي التنفيذ الكامل للقرارات ذات الصلة الصادرة من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والوقف الفوري لإطلاق النار وإنهاء الحرب.
وبالأمس القريب افتتح الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية، في العاصمة الرياض، الاجتماع الأول للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين الذي أعلنت عنه المملكة الشهر الماضي بالتعاون مع شركائها الدوليين.
في البداية يجب أن نستذكر حدثا مهما وخطوة نادرة للغاية في 6 ديسمبر، عندما استند الأمين العام للأمم المتحدة إلى المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة وطلب من مجلس الأمن اتخاذ إجراء بشأن الوضع في غزة. لأن المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أنه "للأمين العام أن يلفت انتباه مجلس الأمن إلى أي حادث يرى أنه قد يهدد السلم والأمن الدوليين"، وإجمالا، هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الأمين العام للأمم المتحدة هذا البند منذ أن أصبح أمينا عاما، وكانت آخر مرة تم استخدامها في عام 1971.
ومع عجز مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو المكلف بالحفاظ على السلام العالمي، عن اتخاذ أي إجراء أمام استمرار آلة الحرب والقتل والإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في القطاع.. بدأت جهود استثنائية من المملكة منذ القمة العربية الاسلامية غير العادية واللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة وما تلاها من اجتماعات دولية للضغط على الأعضاء الخمسة الدائمين لاتخاذ موقف واضح ووقف اطلاق النار، والاستمرار في إصدار التحذيرات من مغبة المساعدات العسكرية التي لا يمكن التسامح معها وإجبارها على عدم الانحياز لإسرائيل وحشد الرأي العام المناهض للحرب، والعمل من خلال هذه الاجتماعات رفيعة المستوى من أن تتمكن الدول من فهم التاريخ والاتجاهات بشكل أكبر والنظر بعناية فيما يجب أن تلعبه في محادثاتها أو اجتماعاتها مع اللجنة الوزارية المشتركة.
وتتويجا لهذه الجهود أعلنت السعودية باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين إطلاق التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين بمشاركة 90 دولة ومنظمة تشارك بروح واحدة وهدف واحد يتمثل في إنشاء الدولة الفلسطينية.
يهدف هذا التحالف الدولي إلى إعادة تنشيط عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من خلال وضع جميع المكونات الفعالة تحت مظلة تحالف عالمي، تسعى لتوحيد الجهود الدولية وتنسيق الدعم السياسي والاقتصادي لبناء الدولة الفلسطينية. وتهدف إلى وضع خطة عمل مشتركة تتضمن جدولًا زمنيًا واضحًا لتطبيق حل الدولتين، مما يزيد من فرص نجاح هذا التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين.
ولو تساءلنا: كيف سيسهم وضع جدول زمني محدد في تسريع بناء الدولة الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين؟
الجدول الزمني المحدد هو أداة مهمة لتحديد الأولويات والمسؤوليات فهو يساعد الأطراف على الالتزام بتنفيذ المهام ضمن إطار زمني واضح، مما يقلل من الأطراف المعطلة ويزيد من الجدية.. هذا يعزز الثقة بين الجميع، ويسمح للتحالف الدولي بمتابعة التقدم ودعم الجهود في الوقت المناسب، بالإضافة، يمكن التحالف الدولي من تقييم النتائج ومعالجة أي تحديات في وقت مبكر.
من جانب آخر؛ ما الخطوات العملية التي يخطط التحالف لاتخاذها لدعم جهود الأمم المتحدة في عملية السلام؟
الأونروا تتعرض لهجمات وتدمير ممنهج لدوافع سياسية من أجل التخلص من اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء الصراع بشكل أحادي، لهذا من المتوقع أن يركز التحالف الدولي على عمل الأونروا بصفتها أكبر جهة فاعلة إنسانيا في غزة اليوم ومنع انهيار خدماتها، وتقديم دعم ملموس لجهود الأمم المتحدة من خلال توفير التمويل للمشاريع التنموية في فلسطين، وتعزيز القدرات المؤسسية للحكومة الفلسطينية من أجل إظهار أن الدولة الفلسطينية لديها القدرة على الارتقاء إلى مستوى مسؤولياتها بما في ذلك مسؤوليتها عن ضمان أمن جيرانها، وكذلك الإشارة لإسرائيل بأنها لا تتمتع بالحصانة من العقاب.. والانخراط بمسار مفاوضات لحل الصراع بموجب قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة بالإضافة للمشاركة في مراقبة تنفيذ الاتفاقيات والالتزامات لضمان التزام الجميع بالمسار المحدد.
هذا الاجتماع سوف يعزز التزام المجتمع الدولي بإنهاء الصراع وتحقيق السلام في المنطقة، ويرسل رسالة قوية أن المجتمع الدولي موحّد في رغبته لتحقيق السلام، بمشاركة 90 دولة ومنظمة تشارك بروح واحدة وهدف واحد يتمثل في إنشاء الدولة الفلسطينية، تُظهر الجدية في البحث عن حل عادل ودائم، هذا يزيد من الضغط الإيجابي على الأطراف المعنية للالتزام بالحلول السلمية، ويعيد التركيز على أهمية استقرار المنطقة لصالح الجميع.
أما الدور المتوقع للمنظمات الإقليمية والدولية المشاركة في تعزيز مساعي التحالف نحو حل الدولتين، فإن المنظمات الإقليمية والدولية ستلعب دورًا حيويًا في تقديم الخبرات والموارد اللازمة؛ من خلال الوساطة وتسهيل المفاوضات. كما ستسهم في تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية، ومراقبة حقوق الإنسان، ودعم بناء القدرات المؤسسية، مما يعزز جهود التحالف الدولي لتحقيق أهدافه.
وفي ظل التحديات الرئيسة التي تعيق بناء الدولة الفلسطينية، دعونا نتساءل: كيف يخطط التحالف للتغلب عليها؟!
من أبرز التحديات استمرار الأنشطة الاستيطانية، هناك أيضًا القيود الاقتصادية والأمنية، والانقسام السياسي الداخلي.. يخطط التحالف الدولي للتغلب على هذه التحديات من خلال الجهود الدبلوماسية لوقف الاستيطان، ودعم الوحدة الوطنية، وتقديم المساعدات الاقتصادية، وتعزيز القدرات المؤسسية للحكومة الفلسطينية.
أما كيف يمكن لدعم المجتمع الدولي أن يسهم في استقرار المنطقة عبر تنفيذ حل الدولتين؟ فإن دعم المجتمع الدولي يمكن أن يكون عاملًا حاسمًا في تحقيق السلام، من خلال توفير الدعم السياسي والاقتصادي، يمكنه خلق بيئة مواتية لحل تنفيذ حل الدولتين وسيقلل من التوترات ويعزز الاستقرار، مما يفتح الباب أمام التنمية والتعاون الإقليمي، ويحد من انتشار التطرف والعنف.
وأخيراً؛ ما الخطوات التي يمكن اتخاذها على المدى القريب لدعم عملية السلام؟ وكيف سيتابع التحالف التقدم المحرز في تنفيذ خطة بناء الدولة الفلسطينية بعد انتهاء الاجتماع؟
على المدى القريب، يمكن البدء بإعلان وقف إطلاق نار شامل لتهدئة الأوضاع.. إيقاف الأنشطة الاستيطانية سيكون خطوة مهمة لبناء الثقة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن تسهيل حركة الأفراد، وإطلاق سراح بعض المعتقلين كبادرة حسن نية.. وتأسيس لجان تنسيق تضم ممثلين عن الدول والمنظمات المشاركة لمتابعة التنفيذ ولتقييم التقدم، مع تقديم تقارير دورية شفافة، ومتابعة دورية لتحديث الاستراتيجيات وفقًا للمستجدات، والاستمرار في التعاون الوثيق مع الجهات الفلسطينية لضمان تلبية الاحتياجات على أرض الواقع.