تتلاقى في شهر نوفمبر من كل عام ثلاث مناسبات عالمية تحتفي بالعلم والسلام والتسامح، وهي اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية، والأسبوع الدولي للعلم والسلام، بالإضافة إلى اليوم العالمي للتسامح.. هذه المناسبات ليست مجرد تواريخ على التقويم، بل هي رسائل واضحة تؤكد على العلاقة الوثيقة والمتبادلة بين العلم والسلام والتسامح، وعلي أهمية الاستثمار في العلم كأداة لبناء عالم أكثر عدلا وسلاما.

العلم، بتعريفاته المتعددة وتطبيقاته المتشعبة، ليس مجرد مجموعة من المعارف والنظريات، بل هو منهج تفكير يقوم على البحث والتجربة والتحليل النقدي. وهو أداة قوية لفهم العالم من حولنا، وحل المشكلات المعقدة التي تواجه البشرية. ومن هنا يأتي الارتباط الوثيق بين العلم والسلام، فالعلم يساعدنا على فهم أسباب الصراعات والنزاعات، ويقدم لنا الحلول العلمية للمشكلات الإنسانية، ويقوي التعاون الدولي بين الدول والشعوب.

بصفته أداة لبناء السلام، يسهم العلم في فهم أسباب الصراعات، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. فمن خلال دراسة التاريخ والجغرافيا والأنثروبولوجيا، يمكننا فهم الجذور العميقة للصراعات، وبالتالي، وضع حلول مستدامة لها. كما أن العلم يسهم في تحقيق التنمية المستدامة، التي تعتبر عاملا أساسيا في تحقيق السلام والاستقرار. فمن خلال تطوير التكنولوجيات النظيفة والمتجددة، وتحسين الإنتاج الزراعي، وحماية البيئة، يمكننا توفير حياة كريمة للجميع، وبالتالي، تقليل فرص نشوب الصراعات.

يشجع العلم على الحوار والتفاهم بين مختلف الثقافات والأديان. فمن خلال تبادل المعرفة والخبرات العلمية، يمكننا بناء جسور التواصل بين الشعوب، وتقليل الفجوات الثقافية. كما أن البحث العلمي يتطلب التعاون الدولي، مما يعزز العلاقات بين الدول والشعوب، ويقلل من فرص نشوب الصراعات.

تجمَع المبادرات العلمية المشتركة العلماء والباحثين من خلفيات متنوعة حول مشكلات مشتركة، مما يعزز من فرص التعاون الدولي. على سبيل المثال، التعاون في مجالات مثل البيئة، والصحة، والتكنولوجيا النظيفة يعزز من القدرة على مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ، والأوبئة، والتلوث. هذه المبادرات تسهم في بناء الجسور بين المجتمعات وتعمل على تقليل الصراعات الناجمة عن التوزيع غير العادل للموارد أو التنافس الجيوسياسي.

في هذا السياق، تلعب المملكة دورا محوريا في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. فالرياض تسعى جاهدة إلى تحقيق السلام والاستقرار من خلال مجموعة من المبادرات والبرامج التي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ودعم التنمية المستدامة. تقدم المملكة مساعدات إنسانية واسعة النطاق للدول المنكوبة، وتدعم برامج الإغاثة والإنقاذ في مناطق النزاعات. كما تشجع الحوار الحضاري بين الأديان والثقافات، وتسعى إلى تعزيز التسامح والتعايش السلمي. وتعمل المملكة بشكل حازم على مكافحة الإرهاب والتطرف، وتدعم الجهود الدولية في هذا المجال.

تمارس الرياض دورا مركزيا في جهود إحلال السلام في المنطقة، من خلال الوساطة بين الأطراف المتنازعة، ودعم الحلول السياسية للنزاعات، وآخرها التحالف الدولي المنعقد في العاصمة في نوفمبر الجاري لمحاولة إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي من خلال حل الدولتين بمشاركة أكثر من 90 دولة.

ختاما، يمكن القول إن العلم والسلام وجهان لعملة واحدة تحقق التسامح، وأن الاستثمار في العلم هو استثمار في مستقبل أفضل للبشرية.