كانت لغة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أميركا لغة مختلفة مقارنة بما سبقها من انتخابات في عقود مضت. كانت انتخابات قوية مثيرة وسط ظروف صعبة خاصة خارج أميركا، قضايا عالمية وحروب وظروف إنسانية مؤلمة في أرجاء مختلفة من العالم، أميركا ليست إحدى دول عدم الانحياز، هي متواجدة في كل مكان، قد تكون جزءًا من المشكلة وقد تكون هي الحل. الأسئلة التي يطرحها أي متابع للمنافسة على رئاسة أميركا تتعلق بشكل عام بعوامل فوز مرشح على آخر، كما تتعلق بمصير الوعود الانتخابية. هل فاز ترمب لأنه يملك شخصية قيادية أم بسبب وعوده التي راقت للشعب الأميركي خاصة في القضايا الداخلية وفي مقدمتها قضية الاقتصاد ومنها قضايا اللاجئين، والإجهاض وقضية المثليين؟ هل خسرت كامالا هاريس لأن خبرتها السياسية محدودة أو لأنها غير مستقلة أو لأن الشعب الأميركي لا يزال بمزاج لا يتقبل وصول امرأة إلى مقعد الرئاسة؟ أو بسبب فكر الحزب الديموقراطي، هل فاز ترمب بمواقفه تجاه القضايا الداخلية أم الخارجية والمعروف أن الشعب الأميركي يهتم بالقضايا الداخلية أكثر من الخارجية؟ ما النتائج الاقتصادية والسياسية على مستوى العالم المترتبة على فوز ترمب؟

السياسة الخارجية لأميركا تبدو للمتابع أنها ذات ثوابت راسخة وأهداف استراتيجية يتفق عليها الحزبان وتكاد تكون صلاحيات الرئيس فيها غير مطلقة. ومع ذلك أعلن الرئيس ترمب في حملته الانتخابية أنه سيوقف حرب أوكرانيا وحرب الشرق الأوسط ويمنع وقوع حرب عالمية ثالثة ويمنع إيران من امتلاك السلاح النووي. هل سينفذ ترمب إنجاز هذه الوعود أم هي مجرد سلاح انتخابي؟ وبصيغة أخرى، هل سيتمكن من تحقيقها؟ هل سيجمع ترمب بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بحكم أن الجمهوريين هم الأغلبية في مجلس النواب ومجلس الشيوخ؟ هل سيمكنه ذلك من اتخاذ القرارات الصعبة بدون قيود خاصة أنه لا يحق له حسب القانون الترشح لفترة رئاسية ثالثة؟ هذا القانون -الذي يحرر الرئيس من ضغط الانتخابات واللوبيات- هل سيمكن ترمب من دعم سلام عادل شامل لقضية فلسطين تبعا لسياسته المعلنة التي تهدف إلى وقف الحروب كما ورد في خطاباته؟

لن يطول انتظار الإجابة عن أسئلة الانتخابات ووعود الانتخابات لأن شخصية ترمب -كما يبدو- تشير إلى أنه لا يطيق الانتظار. الإنسان في كل مكان ينتظر وقف الحروب ونشر العدالة والسلام واحترام القوانين الدولية من الجميع.