لا شك أن فوز ترمب برئاسة للمرة الثانية سيكون له تداعيات على إنتاج النفط داخل الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك على أسعار النفط العالمية، ولن تختلف سياسته هذه المرة كثيرًا عن سياسته في رئاسته الأولى، بدعم إنتاج النفط من خلال السماح بالمزيد من الحفريات على الأراضي الفدرالية وتخفيف القيود البيئية وخفض الضرائب إلى 12.5 % من 16.67 % في عهد بايدن، مما سيقلل من تكاليف الحفر والتشغيل ويعزز الأرباح.

وقد يفرض معايير أكثر صرامة تحد من دعم المركبات الكهربائية، ويتخلى مرة أخرى عن اتفاقية باريس، كما حدث في 2015، مما سيحد من التحول ويدعم نمو الطلب على الوقود الأحفوري، لكن هناك قلق كبير من رفع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية في عام 2025، مما سيرفع معدل التضخم، ومن ثم رفع سعر الفائدة والذي سينعكس سلبًا على نمو الاقتصاد الأميركي والعالمي، بالإضافة إلى مبادرة السلام بين روسيا وأوكرانيا والتي ستسمح لروسيا تصدير المزيد من النفط.

وتهدف سياسات ترمب إلى زيادة إنتاج النفط الصخري الأميركي وإبقاء الأسعار عند مستويات منخفضة لصالح المستهلكين الأميركيين، لكن شركات النفط الكبرى مثل، إكسون موبيل وشيفرون وشل وتوتال وبي بي، لم تعد ترغب كثيراً في زيادة إنتاجها، بعد استحواذها على شركات النفط الصغيرة منذ يوليو 2023، ووصل إجمالي إنتاج النفط الأميركي الى 13.5 مليون برميل يوميًا، حتى لا يكون على حساب زيادة الأرباح لمساهمينها، فقد تباطأ نشاط الحفر في الولايات المتحدة وسط حالة عدم اليقين في السوق، وخلال الأسبوعين الماضين لم يتغير العدد الإجمالي لحفارات النفط والغاز عن 585، متراجعة بأكثر من 5 % عن نفس الفترة من العام الماضي، وفقًا لبيكر هيوز يوم الجمعة.

وتأثرت أسعار النفط فور فوز ترمب برئاسة الأميركية، مدفوعة إلى حد كبير بارتفاع الدولار الحاد إلى 105 نقطة، وهو الأعلى منذ سبتمبر 2022، مما سيضعف الطلب على النفط على المدى القريب والمتوسط، لذا هبطت أسعار النفط في منتصف التعاملات الصباحية الآسيوية الأربعاء الماضي، بأكثر من دولارين للبرميل مع ارتفاع قيمة الدولار، إلا أنها قلصت خسائرها لاحقًا، بارتفاعها بأكثر من 1 % الخميس الماضي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى خفض شركات النفط إنتاجها بمقدار 391.2 ألف برميل يوميًا استعداداً لإعصار رافائيل، والتوقعات بتشديد إدارة ترمب العقوبات على إمدادات النفط الإيراني والفنزويلي إلى الأسواق العالمية.

وهبط برنت بأكثر من 2 %، وغرب تكساس 2.30 % يوم الجمعة، مع تلاشي أخطار إعصار رافائيل وارتفاع الدولار والهدوء الجيوسياسي، ورغم خفض الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة بربع نقطة مئوية إلى نطاق 4.5 ٪- 4.75 ٪ يوم الخميس. فضلاً عن ارتفاع المخزونات الأميركية: النفط 2.1، البنزين 0.4، المقطرات 2.9 (مليون برميل يوميًا) في الأسبوع المنتهي في 1 نوفمبر، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، كما تراجعت واردات الصين النفطية 9 % إلى 10.53 مليون برميل يوميًا في أكتوبر مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، ولأقل 2 ٪ عن 11.07 مليون برميل يوميًا في سبتمبر 2024، ولشهر السادس على التوالي، وفقًا لإدارة الجمارك الصينية.

أما على مستوى الأسبوع، ارتفع برنت 0.74 دولارا أو 1 % الى 73.84 دولارًا، وغرب تكساس 0.89 دولارًا أو 1.3 % الى 70.38 دولارًا، فمازالت سياسة ترمب هبوطية لأسعار النفط، وستزيد من معروض النفط في الأسواق العالمية، لكن ديناميكية أوبك+ ستبقى المحور الأساسي لاستقرار سوق النفط العالمي.