لا أبالغ إن قلت إن الإعلام الرياضي السعودي يعيش واحدة من أسوأ فتراته على الإطلاق في ظل التراجع الكبير على مستوى نوعية الطرح الذي نشاهده على الشاشات ومنصات الإعلام كافة، إذ بلغ طغيان التعصب على كل ما يطرح في الوسائط والمنصات الإعلامية مبلغاً غير مسبوق، في حقبة تزدهر فيها صحافة الموبايل والتي فتحت الباب أمام غير الإعلاميين لممارسة المهنة، وهي ظاهرة عالمية طبيعية وأجزم أنها تضفي بعداً مميزاً لمهنة الإعلام.
لكن ما نشاهده تحديداً في معظم البرامج التلفزيونية الرياضية من ردح وإسفاف في كثير منها يعكس حالة خطيرة تؤدي إلى المزيد من الاحتقان وغياب الوعي علاوة على كمية التضليل ونشر الشائعات والأخبار الكاذبة.
أصبحنا نشاهد المشجعين الذين كانوا يهتفون في المدرجات يتواجدون في البرامج تحت مسمى "ناقد حصري"، ماذا يعني هذا المسمى؟ وما الأدوات الإعلامية والنقدية التي يمكن أن تمنح شخصاً مثل هذا اللقب؟ هل سبق له خوض تجربة إدارية أو فنية؟ هل مارس الإعلام حقاً؟ وهل درس الإعلام ولو من خلال دورات تدريبية؟ ماذا يعرف عن أخلاقيات وقيم الإعلام؟.
لا شيء من كل هذا، ومع ذلك نجد هؤلاء يتم تقديمهم فقط لمجرد علاقاتهم مع معد أو مذيع أو لأنه ممن يحدثون الجدل على منصة “إكس” للتدوين، ولأنه من الذي يعززون المشاهدات والتفاعل مع ما يطرح في تلك البرامج.
أصبح كل ما هو مطلوب من أي شخص يريد أن يتصدر الشاشات أن يجمع خليطاً من التعصب والإسفاف والصراخ والاساءة للكيانات وللآخرين ليكون في واجهة البرامج الرياضية وليكون ناقداً حصرياً وإن لم يكن يعرف ماذا يعني النقد وما هي أدواته.
لم يعد كافياً اشتراط الحصول على الرخصة المهنية لممارسة الإعلام، ولم يعد كافياً أن يكون الشخص سبق وأن عمل في صحيفة كمراسل ليثبت خبرته وقدرته على الظهور في البرامج، فإن كان صحافياً إخبارياً أو مراسلاً فيجب أن يمضي عدداً معيناً من سنوات الخبرة حتى يُسمح لها بمخاطبة المتلقي بشكل مباشر وطرح أفكاره، إذ ليس كل من نقل خبراً يستطيع وضع الأحداث في ميزان النقد.
أمام هيئة تنظيم الإعلام مسؤولية كبيرة في إعادة هيكلة الإعلام الرياضي من خلال وضع لوائح وقواعد واشتراطات تضبط ظهور المنتمين للإعلام أو المحسوبين عليه قبل أن يقفوا أمام الكاميرات ليخاطبوا المتلقي البسيط الذي سيظن أن مثل هذا الناقد الحصري أفنى مسيرته في الممارسة الرياضية والإدارية والإعلامية، ليكون مؤهلاً لمخاطبته وهو البعيد كل البعد عن ذلك.