إن ريادة المملكة في خدمة القضايا العربية والإسلامية تأتي من التزامها الثابت، واستمراريتها الممتدة لأكثر من مئة عام، تمكنت خلالها من وضع القضايا المصيرية للعرب والمسملين في أعلى اهتمامات المجتمع الدولي، واستطاعت بحكمتها السياسية توحيدَ الجهود وتنسيق المواقف العربية والإسلامية لتعزيز الجهود المشتركة في المحافل الدولية..

«تؤكد المملكة رفضها القاطع لاستمرار العدوان والاحتلال والتهجير القسري لسكان غزة، كما تؤكد تحميل سلطات الاحتلال مسؤولية الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني ومقدراته، وإننا على يقين بأن السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة هو إنهاء الاحتلال والحصار والاستيطان وحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة بحدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يضمن استدامة الأمن واستقرار المنطقة ودولها».. جاءت هذه الكلمات الكريمة متضمنة في كلمة افتتاح أعمال القمة العربية الإسلامية غير العادية بالرياض التي عقدت في 11 نوفمبر 2023م، ورأس أعمالها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، نعم، إن ما تضمنته هذه الكلمات الكريمة يؤكد، ويجدد التأكيد، على استمرارية سياسة المملكة في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية التي ابتدأت مُنذُ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، حتى وقتنا الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- وهذه الاستمرارية التي عليها سياسة المملكة في خدمة القضايا العربية والإسلامية تتصاعد لأعلى مستوياتها في وقت الأزمات سعياً لتوحيد الصف العربي والإسلامي، وحرصاً على حل الأزمات بالطرق الدبلوماسية لتعزيز فرص السلام والاستقرار وتجنيب الشعوب والمجتمعات العربية والإسلامية الظلم والآلام وضياع الحقوق.

وإذا كانت الشواهد التاريخية تشهد لجهود المملكة في ريادتها لخدمة القضايا العربية والإسلامية، فإن عقدها للقمة العربية الإسلامية غير الاعتيادية في 11 نوفمبر 2023 يمثل تلك الريادة خاصة أنها أتت بعد شهر من ابتداء أحداث غزة في الـ7 أكتوبر 2023، وتجديد وإعادة عقدها للقمة العربية الاسلامية في 11 نوفمبر 2024، بعد عام من عقدها للقمة العربية الإسلامية غير الاعتيادية الأولى، تأكيد لتلك الريادة التاريخية للمملكة في خدمتها للقضايا العربية والإسلامية. وإذا كان لعقد القمة العربية الإسلامية غير الاعتيادية في نوفمبر 2023م إيجابيات كبيرة جداً على القضايا العربية الإسلامية، وخاصة خدمتها للقضية الفلسطينية حيث تصاعد حجم التأييد الدولي للاعتراف بفلسطين كدولة، فإن عقد القمة العربية الإسلامية غير الاعتيادية، في 11 نوفمبر 2024 بالرياض، يمثل انطلاقة جديدة في توحيد الجهود العربية والإسلامية، وتؤكد كذلك على وجوب إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، بإقامة الدولة الفلسطينية، وتطالب المجتمع الدولي بالوقوف صفاً واحداً لدعم الامن والسلم والاستقرار، ووقف العدوان على الشعوب العربية والإسلامية، وخاصة في فلسطين ولبنان.

نعم، إن المملكة التي تحرص أشد الحرص على تعزيز حالة الأمن والسلم والاستقرار الدولي، فإنها في الوقت نفسه تحرص أشد الحرص على رفع الظلم والعدوان عن المجتمعات العربية والإسلامية. وإذا كانت هذه السياسة السعودية ثابتة ومؤكد عليها في القمم والمؤتمرات والمحافل الدولية، فإنها قبل ذلك نابعة من أسس السياسة السعودية ومؤكدة عليها، ومن ذلك ما جاء في بيان مجلس الوزراء الذي عقد برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، في 5 نوفمبر 2024 بالرياض، ومما جاء فيه: «وتطرق مجلس الوزراء، إلى تطورات الأوضاع الراهنة على الساحة الإقليمية، وما تبذله المملكة من مساعٍ حثيثة بالتواصل مع أعضاء المجتمع الدولي لإحلال السلم والأمن في المنطقة، ويتجلى ذلك في استضافتها أول اجتماع للتحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين بمشاركة (90) دولة ومنظمة إقليمية ودولية لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، والدعوة لعقد قمة متابعة عربية إسلامية مشتركة الشهر الحالي؛ لبحث استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية والجمهورية اللبنانية».. وإذا كانت هذه الجهود الجبَّارة التي تبذلها المملكة، في خدمة القضايا العربية والإسلامية أثمرت نتائج عظيمة ونجاحات متتالية على جميع المستويات العربية والإسلامية والدولية، وفي كل المجالات، فإنها كذلك حققت نجاحات عظيمة في خدمة القضايا العربية والإسلامية من خلال سعيها الدؤوب لتوحيد كلمة العرب والمسلمين بما يتماشى وخدمة قضاياهم المصيرية ومصالحهم العليا.

وإذا كانت الشواهد الدالة على ريادة المملكة كثيرة ومتعددة ومتنوعة، فإن ريادتها في خدمة القضية الفلسطينية ورفع الظلم عن أبناء فلسطين تتصدر اهتماماتها السياسية مُنذُ عند الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وما زالت حتى وقتنا الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، وفي الوقت الذي تتعدد وتتنوع فيه هذه الشواهد على عظمة اهتمامات المملكة بالقضايا العربية والاسلامية، فإن عقد القمة العربية الإسلامية غير الاعتيادية في 11 نوفمبر 2024 يؤكد على استمرارية تسخير الإمكانات والقدرات والموارد لخدمة القضية الفلسطينية، ورفع الظلم عن أبناء الامة العربية والإسلامية في كل مكان. وحيث إن هذه القمة انعقدت في ظروف غاية في الحساسية، والمتمثلة باستمرارية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وقتل وتشريد أبنائه، وكذلك العدوان على لبنان وشعبه، فإنها ستثمر نتائج إيجابية في المستقبل القريب انطلاقاً من أهمية المملكة في المجتمع الدولي، حيث عُرف عنها الحكمة والعقلانية والاحترافية السياسية والدبلوماسية، وكذلك بناءً على توحيد الصف والكلمة العربية والإسلامية الصادرة عن القمة وبيانها الختامي.

نعم، لقد أضافت قرارات القمة العربية الإسلامية إيجابيات كثيرة لعل منها إعادة التأكيد على وجود دعم السلطة الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي لأبناء فلسطين في كل مكان. ومثل هذه القرارات الكبيرة من شأنها أن تعزز الدعم الدولي لفلسطين وحقوق أبنائه المشروعة حتى يتحقق الاعتراف بالدولة الفلسطينية وفقاً للقرارات الدولية ومبادرة السلام العربية. وإذا كان السعي لإقامة دولة فلسطينية هدفاً رئيساً للقمة العربية الإسلامية، فإن وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وعلى لبنان، يعتبر كذلك هدفاً رئيساً للقمة. نعم، إن المملكة بسعيها لتوحيد الجهود العربية والإسلامية تهدف لوقف العدوان الإسرائيلي بشكل دائم من خلال عمل دبلوماسي محترف، وتعمل مع المجتمع الدولي لوقف سياسات الاحتلال الإسرائيلي المتدرج للأراضي العربية. وإن مثل هذه التحركات السياسية والدبلوماسية والقانونية التي تعمل عليها المملكة تسهم بشكل مباشر في تحقيق الأهداف المرجوة بخدمتها للقضايا العربية والإسلامية بالشكل الذي يحقق تطلعات الشعوب ويعزز أمن وسلم واستقرار المجتمعات.

وفي الختام من الأهمية القول إن ريادة المملكة في خدمة القضايا العربية والإسلامية تأتي من التزامها الثابت، واستمراريتها الممتدة لأكثر من مئة عام، تمكنت خلالها من وضع القضايا المصيرية للعرب والمسملين في أعلى اهتمامات المجتمع الدولي، واستطاعت بحكمتها السياسية توحيدَ الجهود وتنسيق المواقف العربية والإسلامية لتعزيز الجهود المشتركة في المحافل الدولية. وإذ تتواصل هذه الريادة السعودية في خدمة القضايا العربية والإسلامية، فإن النتائج الإيجابية تتواصل معها، خاصة عندما تعقد القمم والمحافل الدولية والعالمية في الرياض، لقدرتها السياسية والدبلوماسية العالية في خدمة القرارات المعتمدة، ومتابعتها حتى تتحقق الأهداف المرجوة، وهذا الذي سوف يتحقق بوقف العدوان الإسرائيلي على الأراضي العربية، وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية لقطاع غزة، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، وعودة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين للعمل بدعم موازنتها مالياً.