لم يكن يعلم أنه بُمجرد مروره من ذلك البُستان «المهجور»، ذي الأشجار الجافة، والأفرع الميتة، والأوراق الصفراء المتساقطة على الأرض، أنه ستتغيّر نظرته للحياة، بل سيشاهد درساً مجانياً وبدون مقدمات، فقد رأى «وَردةً» في تلك البيئة التي لا تدعو للتفاؤل، ذات لون «زهري»، منتعشةً، مبتسمةً، تقاوم الظروف غير المستقرة، وكأنها تقول له: «لا داعي للقلق، فالحياة يجب أن نواجهها بقوة، وإصرار، وألا نستسلم أبداً».

يا لهذه الوَردة الجميلة التي تظهر لتُقدم محاضرة لافتة بعنوان: «القوة، القوة، لا بارك الله في الضعف»، وهو ما يستحق الوقوف أمام كل ما من شأنه أن يُعكّر أمزجتنا، ويُدمّر أوقاتنا، أو يجعلنا نظهر وكأننا شاردين، خائفين، فهذا يشتكي من زوجته، وذاك لا يتوافق مع شقيقه، وآخر يخوض معارك طاحنة في عمله، وواحد لم يتجاوز فَقْد عزيز على قلبه، ما يجعل هؤلاء يعيشون في دوّامة من القلق، والتعب، والارتياب من المستقبل.

مع الأسف هناك من يتأثر بأفكار غير منطقية، وتخوّف لا داعي له، لينعكس ذلك على نفسيته، ثم تكوينه الداخلي، وربما حتى على شهيته للأكل، فيظهر حزيناً، هزيلاً، بل إن تفاصيل وجهه تؤكد وضعه المأساوي، ومع مرور الوقت تنكشف الأمور، ويتضح أن كل تلك المخاوف كانت مجرد استسلام لأشياء لا وجود لها على أرض الواقع.

كونوا كـ«وَردة البُستان» تنثر الأمل والسعادة لكل من ينظر إليها، ولا تكونوا جامدين، مُترددين، فالحياة فيها المُر والحلو، ولا بد من فترات تعيشها صعبة وحزينة، لكنه حتماً هناك أوقات جميلة ولا بد من الاستعداد المبكر لها بنظرة تفاؤل، وسعادة تنتظر «صافرة الانطلاق» من صدرك.

ولكل شخص يائس، ضعيف، متخوّف، ولا يستطيع ترتيب أوراقه جيداً، أقول له: «انتبه أن تدخل في مرحلة الاستسلام، فهناك من يستند عليك، وعندما تسقط، فإنه سيسقط معك»،

وأخيراً.. يُروى أن أحد المُلوك في الماضي القديم، طلب من وزيره أن ينقش على خاتمه عبارة لو قرأها وهو حزين فَرح، ولو قرأها وهو سعيد حَزن، فكتب له: «هذا الوقت سيمضي».