عالم النفس (ريتشارد سميث) طور مقياسًا للحسد أسماه (مقياس سميث للحسد)، ووضع فيه ثمانية أبعاد تضمنت: الشعور بالدونية، والعداء، والاستياء، والرغبة في الإضرار، والمقارنة الاجتماعية، والشعور بالعدالة، والاستياء من الذات، والرغبة في تحسينها..

علماء الفيزياء الكمية أكدوا وبالدليل العلمي، وتحديدا من خلال نظرية (التراكب الكمي)، أن العين البشرية عندما تراقب الأشياء على اختلافها فإنها تغير في خصائصها وتقلل من تأثيرها، ولا يختلف في ذلك كونها فوتونات أو إلكترونات أو ذرات، أو حتى كتلة من مادة، وما سبق يؤكد كلام الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام من أن العين حق تأخذ حقها من الحجر، وبالتالي فالقول إن الشخص معيون أو محسود لا يدخل في دائرة الأساطير أو الهلاوس مثلما يعتقد بعض المشككين، والصحيح أنه ينطوي على حقائق متماسكة من الناحية العلمية، وثبت بالتجربة أن مراقبة الشخص لأي شيء تحرفه عن مساره، وهو المبدأ الذي تسير عليه (ميكانيكا الكم)، ومعه نظريات حديثة، تعتقد بقدرة الناس على تغيير مسار النجوم بمجرد مراقبتها لا أكثر.

لا توجد إجابات مطلقة أو نهائية في العلم، فهو يقدم مقاربات للواقع، ومن الأمثلة أن قانون الجاذبية الذي وضعه إسحاق نيوتن ولد ناقصاً، لأن كوكب عطارد كان يعمل ضده، ولم يكن يتحرك بحسب المسلمات التي وضعها، وبعد 200 عام جاء البرت أينشتاين بالنظرية النسبية التي فسرت حركة عطارد، إلا أنها لم تقدم تفسيرا لبدايات الكون، ولا لمداخل الثقوب السوداء، وكلاهما ما زال محل أخذ ورد، وما قدمه الفيزيائي ستيفن هوكينغ في الحالتين ليس إلا محاولات نظرية لم تختبر فعلياً، وهناك من يرجح وجود مساحات فارغة في المخ تعرف بالمناطق الصامتة، وأنها تنشط بصورة أكبر عند الحسد أو الألم الروحي، ويمكنها إيقاع ضرر كبير وكوارث بالمحسود أو المكان، وقد ابتكرت أجهزة لتسجيل كميتها وحجمها، ومن نماذجها حادثة العامل الآسيوي في متحف بولاية كولورادو الأميركية.

العجيب أن بعض المختصين يرى أن الأشياء الجافة وغير الرطبة معرضة للحسد، وأنه من المهم جعل كل ما يهم الشخص في حالة رطبة، وهذا الكلام موجود في الرقية الشرعية الإسلامية، وفي دولة أرمينيا، حيث يقوم الناس بالبصق على كل من يشعرون بالحب أو الحسد نحوهم، وفي المقابل، قدم العالم (روبرت شيلدرك) وجهة نظر مختلفة حول العين والحسد، وفي رأيه، الكائنات الحية إجمالاً محاطة بطاقة كهرومغناطيسية تحميها من الحساد وسهام العين، ولكنها لا تنجح إلا في الحالات البسيطة، كالإعجاب والتعلق الخفيف، أما إذا زادت الحالة عن هذا الحد فإنها تحدث عند الشخص تكيفا نفسيا وعقليا، يجعله قادراً على التركيز العالي في الشيء محل الإعجاب، وبصورة تعطيه طاقة نفس حركية، يمكنها اختراق الطاقة الكهرومغناطيسية، ما يؤثر سلباً في الشخص المستهدف، وقد يأتي التأثير في صورة تعب أو مرض وربما تسبب في الوفاة.

العين والحسد موجودان في كل الثقافات والمعتقدات، ورفضها وقبولها يتفاوت بين الناس، وأحياناً في الثقافة الواحدة، وبخلاف المعروف عنهما في الإسلام، فإنهما يعتبران من الخطايا السبع المميتة في الديانة المسيحية، والشاعر والفيلسوف الإيطالي (دانتي اليغيري) قام في القرن الرابع عشر الميلادي بكتابة ثلاثية شعرية عن الخطايا التي تؤدي بالشخص إلى الجحيم، ومن بينها الحسد، وذكر أن العقوبة التي تقع على الحسدة تتمثل في خياطة أعينهم بخيوط حديدية، وأنهم يرتدون ملابس ممزقة، ويسيرون بخطوات متثاقلة نحو الفردوس أو الجنة.

سيغموند فرويد، تعامل مع الحسد بوصفه جزءا من علم النفس البشري، ولكنه أحاله إلى الأمور الجنسية، كعادته في تفسير السلوكيات الإنسانية، وخرج بما أسماه (حسد المنطقة الخاصة بالرجل)، فهو يرى أن الحسد مسألة عضوية تولد مع المرأة، في صورة اعتراض على عدم اكتمالها، وامتلاكها لعضو تناسلي خارجي يماثل ما عند الرجل، ورأيه وجد معارضة واسعة، وفي رأي أرسطو الحسد غير ملموس في العالم المادي، ولكنه يوصل إلى الأفعال السيئة الملموسة، كالعنصرية وجرائم الكراهية والتآمر على الناجحين.

كتب الفقيه الإسلامي أبو الليث السمرقندي في مؤلفه (تنبيه الغافلين) أن الحاسد تصله عقوبات قبل وصول حسده إلى المحسود، وأنها تظهر في شكل غم لا ينقطع، ومصيبة لا يؤجر عليها، ومذمة لا يحمد عليها، وفي سخط الله عليه، وإغلاق باب التوفيق أمامه، وعلماء النفس والفلاسفة ينظرون إلى المسألة بذات الطريقة، ولكنهم يستخدمون مصطلحاتهم الخاصة كالإحباط والقلق والاكتئاب والشعور بالدونية وفقدان الثقة، ومعها الإحساس بالتوتر المستمر نتيجة للمقارنات الدائمة، وعالم النفس (ريتشارد سميث) طور مقياسا لهذا الغرض أسماه (مقياس سميث للحسد)، ووضع فيه ثمانية أبعاد، تضمنت: الشعور بالدونية، والعداء، والاستياء، والرغبة في الإضرار، والمقارنة الاجتماعية، والشعور بالعدالة، والاستياء من الذات، والرغبة في تحسينها.. وأجريت دراسة عربية على المقياس، شارك فيها أشخاص تراوحت أعمارهم بين 18 و60 عاماً، وكانت نتيجتها أن 85 % يشعرون أنهم محسودون، و40 % يقارنون حياتهم بالآخرين، ونحتاج إلى إجراء دراسة مماثلة على المستوى المحلي، وأتوقع نتائج صادمة، إذا كان المشاركون فيها صادقين تماما مع أنفسهم، ولا يحاولون التجمل، أو إظهار مثالية كاذبة وملائكية.