مر علينا اليوم العالمي للسكري، وألقى بظلاله الثقيلة بإحصاءات صادمة فجرتها منظمة الصحة العالمية، عندما أشارت في تقديراتها إلى أن 537 مليون شخص يعيشون حاليًّا مع مرض السكري في جميع أنحاء العالم، وبحلول عام 2045 تتوقع ارتفاع هذا العدد إلى حوالي 783 مليون مصاب بالسكري على مستوى العالم، فيما لا يحصل ملايين الأشخاص المصابين بداء السكري حول العالم على رعاية مرض السكري، في الوقت الذي تسبب مرض السكري في وفاة 6.7 ملايين شخص في عام 2021، كما أنه أحد الأسباب الرئيسية للعمى والفشل الكلوي، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وبتر الأطراف السفلية، إحصائية مرعبة بالفعل تلقي بالمسؤولية على وزارات الصحة في العالم كله، والكيانات والمراكز المتخصصة في مواجهة هذا الوباء العصري.

وإذا كان ما سبق على النطاق العالمي، فإن الواقع الإقليمي ينذر بالكثير من المخاطر؛ نتيجة التزايد المضطرد في أعداد المصابين في دول مجلس التعاون الخليجي، ومما ينذر بالخطر أيضاً ارتفاع نسب الإصابة بالسكري للأفراد بالمملكة للفئات العمرية من 15-35 سنة، بنسبة تصل إلى 24%، فيما ترتفع هذه النسبة إلى 50% للفئات فوق 65 عاماً، والأمر ذاته في دول الخليج العربي، إذ تصل نسبة الإصابة في الكويت من 17-20%، ثم دولة الإمارات العربية المتحدة من 16% - 19%، وقطر تصل إلى 16% - 18%، والبحرين تتراوح بين 15% - 18%. بينما النسبة في سلطنة عمان 12% - 15%. تلك الزيادات الكبيرة في أعداد المصابين بالسكري ترهق ميزانيات الدول بأرقام مرعبة، حسب تقرير نشرته وزارة الصحة أن تكلفة علاج مرض السكري ومضاعفاته السنوية بالمملكة تزيد على 4 مليارات ريال، وحدد استشاريون أن متوسط تكاليف علاج السكري من النوع الثاني من 1000-3000 ريال شهريًّا.

ومن التداعيات الخطيرة انتشار إصابة قدم السكر بنحو 15% - 25%، بحيث يصاب مريض واحد من كل أربعة مرضى سكر على مستوى الخليج، على الرغم من التقنيات المطبقة في مستشفيات دول مجلس التعاون التي ساهمت في تقليل هذه النسبة، رغم التكلفة العالية لرعاية المرضى في تلك الحالات، حيث تتراوح تكاليف رعاية كل مريض مصاب بمرض سكر القدم من النوع الشديد بين 40 ألف – 60 ألف ريال سعودي للبرنامج الواحد الذي يستمر نحو 6 أسابيع، بينما تكاليف قسطرة القدم تصل إلى 50 ألف ريال.

إننا أمام وباء عالمي، يجب معه أن تكون المراكز المتخصصة على قدر كبير من المسؤولية، بالإعلان عن الحالات المصابة وخطط العلاج واستراتيجيات الوقاية، والدراسات المستقبلية للتقليل من تلك الأرقام، وهذا ما حاولنا معرفته بالتواصل مع مجلس الصحة لدول مجلس التعاون، الذي يعد أحد الكيانات الخليجية للعمل الصحي المشترك، ويعمل على تعزيز الأمن الصحي الخليجي، ولكننا لم نجد إجابات على تساؤلاتنا، مع خلو الموقع الإلكتروني له من معلومات وافية تعزز الشفافية في الحصول على المعلومات الموثقة من مصادرها الرسمية، والأمر ذاته عن المركز الوطني للسكري السعودي الذي لم نجد لديه الإجابات الضافية الوافية التي تكشف الحقائق دون مواربة، لأن المعلومات الموثقة من مصادرها الرسمية تزيد من حالات الوعي المجتمعي بخطورة هذا الوباء، وتؤكد على أن هناك تفاعلاً وتعاطياً مع المؤشرات العالمية، والجديد في سبل العلاج والوقاية.