المملكة بحكمتها وثقلها لا تنأى بعيدًا عن القضايا الإسلامية العادلة، ولا تهمل عنايتها بالحقوق المسلوبة للمسلمين في أرجاء الأرض وهي معهم في همومهم، كذلك تبنيها لقضايا الأمة العربية والإسلامية والدفاع عنها والتضحية من أجلها في منهج عظيم لا يقدم جانبًا على آخر بل يقوم على الدعم بكافة مستوياته السياسية والشرعية والاقتصادية والثقافية والإنسانية..
حرصت بلادنا على اتخاذ الإسلام عقيدة وشريعة وأسلوب حياة؛ جعلت منا في حالة من الخصوصية النوعية والرائدة بين دول العالم الإسلامي، والمتمثل في كيان ذي سيادة ممنهجة، واعتبارية سائدة، وثقل مؤثر تنطلق سياستها الحكيمة من حماية مصالحها الخاصة أولا، ثم رعاية مصالح أشقائها المسلمين ودعم قضاياهم العادلة بكل طاقة ممكنة انطلاقا من إيمانها برسالتها السامية وإنفاذا لسياستها الثابتة القائمة على خدمة الإسلام والمسلمين، وكذلك لطبيعة مكانتها وزعامتها وثقة البلدان الإسلامية بحكمة المملكة وريادتها الواضحة والناجعة.
والكل يرى ويستشعر أن قيادة هذا البلد الكريم تضع في أعلى اهتماماتها، وصدر أولوياتها كافة ما يحقق الألفة الإسلامية عبر جهود واسعة ومتعددة في سبيل خدمة الإسلام ونشر تعاليمه وتعميق الأواصر والروابط المتينة وتفعيل كل الجهود والأنشطة التي تعود بالنفع وتخدم جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ولاشك أن دعم قضايا المسلمين، والوقوف إلى جانب الحقوق والعدالة والحرية تعزز سياسة التضامن الإسلامي الذي دوما ما تؤكده المملكة منذ تأسيسها بلا انقطاع ولا كلل نهجا لها، وذلك يتجلى في عقد اللقاءات الموسمية والدورية بين الدول والمؤسسات المسلمة وقادة العمل الإسلامي وعقد المؤتمرات في كافة الظروف سواء العادية أو الطارئة وغير العادية والتي من خلالها تتلاقى الأطراف المعنية بحدث ما؛ كما كان في لقاء الدول الإسلامية في الحرم المكي، واجتماعات لم الشمل كاجتماع الطائف بين اللبنانيين ولقاء المصالحة الفلسطينية في مكة، وكذلك مؤتمر القدس، وبذل الجهد في المصالحة بين الأطراف السودانية وغير ذلك.
كما اهتمت المملكة منذ تأسيسها بقضايا المسلمين في جميع ارجاء المعمورة وأولتها كل رعاية واهتمام سواء على المستوى السياسي أو الدعمين المالي والمعنوي، وسعت حكومة المملكة بدءا من المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود وأبنائه البررة -رحمهم الله- حتى عهدنا الحاضر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- انطلاقا من مسؤولياتهم تجاه إخوانهم المسلمين في جميع بلدان العالم الإسلامي وغيرها، والكل يستذكر هذا الامتداد التاريخي المعني بقضية فلسطين والقضية الأفغانية وقضية البوسنة والهرسك وقضية الصومال، وغير ذلك من القضايا التي ناصرتها ووقفت المملكة بفضل الله ومنته إلى جانبها.
وواقع المملكة وتاريخها ومستقبلها تبرهن دوما على الاتجاه الجاد نحو سبيل تحقيق الأهداف السامية التي تضمنتها سياسة المملكة واتضحت في عدة مظاهر للاهتمام والعناية كرعاية الهيئات والمنظمات الإسلامية الجديرة والمهتمة بالدفاع عن قضايا المسلمين والمشاركة في بنائها، ومؤازرتهم ودعمهم ماديا ومعنويا وفكريا وثقافيا كمنظمة التعاون الإسلامي، والندوة العالمية للشباب الإسلامي، والبنك الإسلامي للتنمية، ورابطة العالم الإسلامي فهذه الهيئات تعد تجسيدا حقيقيا وتطبيقاً عملياً فاعلاً للدور الإنساني السعودي في مجال العمل الإسلامي المتضمن جميع الجهود والخطط والمصالح التي تسهم في رفع شأن الدول الإسلامية وتلبية احتياجاتها وسد متطلباتها في حل المجالات.
ولاشك أن استضافة السعودية للقمة الإسلامية غير العادية تسهم في تعزيز وترسيخ هذا المنهج الإسلامي والإنساني الذي تهتم به المملكة، كذلك هو دليل وبرهان أن بلادنا بحكمتها وثقلها لا تنأى بعيدا عن القضايا الإسلامية العادلة، ولا تهمل عنايتها بالحقوق المسلوبة للمسلمين في أرجاء الأرض وهي معهم في همومهم، كذلك تبنيها لقضايا الأمة العربية والإسلامية والدفاع عنها والتضحية من أجلها في منهج عظيم لا يقدم جانبا على آخر بل يقوم على الدعم بكافة مستوياته السياسية والشرعية والاقتصادية والثقافية والإنسانية.
هذه القمة التي أتت مخرجاتها بتأكيد دعم المملكة والدول الإسلامية لكافة الجهود التي يمكن تسخر لخدمة القضية الفلسطينية وحلها، وطرق التعامل مع الكيان الصهيوني وإمكانية إيجاد فرص حقيقية تساعد على إنهاء الاحتلال، كذلك تم تداول التدخلات الشاذة في لبنان وارتكاب المجازر وشجب واستنكار التعدي المقيت الذي أدى إلى ما يمكن أن يوصل إلى التطهير العرقي والابادة.
ويبقى القول: المملكة في هذه القمة تمنح فرصا مهمة لكافة الأطراف لبحث الاستراتيجيات والمبادرة الممكنة لإنهاء كافة أشكال الصراع في المنطقة العربية والوصول إلى حل الإشكالات في القضية الفلسطينية، وكذلك توقف الاعتداءات على لبنان، بالإضافة إلى ضرورة إيجاد حلول إيجابية للمشكلة السودانية.. هذه القمة هي تعبير مجسد عما يمكن أن تقوم به المملكة لرعاية المصالح للأشقاء، وردا على أي خطاب مائل يحاول الترصد والتجني القبيح الذي يحاول المساس بثقل واتجاه المملكة نحو القضايا العربية والإسلامية.