حقق المنتخب السعودي أمام أستراليا الأهم في نظري، وهو أن لا يخسر، فالخسارة كانت ستصعب كثيرًا من مهمة التأهل المباشر، وستجعل مصير الأخضر في يد الآخرين في مجموعته التي يبدو أنَّها كانت أصعب مما كانت تبدو عليه؛ خصوصًا في ظل جنون النتائج وتفاوتها وغرابتها وبقاء حظوظ معظم منتخباتها في التأهل المباشر حتى الآن بعد عودة الصين للسباق إثر فوزها المفاجئ على البحرين خارج الديار!.

  الظروف التي واجهت الأخضر في الفترة الماضية وإلى ما قبل المباراة بساعات صبغت نتيجة التعادل مع أستراليا في ملبورن بطعم الانتصار؛ فخسارة لاعب بحجم وتأثير سالم الدوسري، وخسارة عبدالإله المالكي، ثم خسارة سلمان الفرج، فضلًا عن كونها أول مباراة للمدرب الجديد القديم هيرفي رينارد الذي عاد ليتعرف على حجم الخراب الفني والنفسي الذي تركه له الإيطالي روبرتو مانشيني، كلها أمور جعلت من نتيجة التعادل مع أستراليا على مستطيل ملبورن نتيجة مقنعة، مع أنَّ سير المباراة رفع طموح السعوديين وجعلتهم يشعرون أنه كان بالإمكان أفضل مما كان!.  

مواجهة أستراليا في أرضها كانت باعتقادي أخطر منعطف للأخضر في هذه التصفيات، وتجاوزها بدون خسارة وبدون ترك فارق نقطي لمنافسه الأول على التأهل يجعل الأمل كبيرًا بقدرة منتخبنا على خطف بطاقة التأهل المباشرة؛ لكنَّ القادم ليس أقل صعوبة مما مضى، والمنتخب الإندونيسي الذي بدا مستعصيًا في جدة لن يكون صيدًا سهلًا في جاكرتا على ملعب غيلورا الذي يتسع لأكثر من 77 ألف مشجع متعطش ومتحفز، لذلك سيحتاج الأخضر لعمل وجهد أكبر مما قدمه أمام المنتخب الأسترالي خصوصًا في الشق الهجومي الذي يبدو أنَّه يحتاج إلى إعادة نظر وترتيب من السيد رينارد، فالتعادل في هذه المواجهة لن يكون بطعم الانتصار مهما كانت الظروف والمبررات، والفوز يحتاج لشراسة هجومية لم يظهرها منتخبنا بعد، ويحتاج لأن تظهر في الجولات المقبلة حتى يضمن نقاط إندونيسيا والبحرين والصين التسعة؛ وإلا فإن الحديث عن تأهل مباشر سيكون مجرد أمنيات!.

المنتخب الإندونيسي وإن كان في آخر الترتيب وبالرغم من خروجه من مواجهته الأخيرة أمام اليابان بخسارة ثقيلة؛ إلا أنه ليس المنتخب الذي يمكن كسبه بسهولة؛ وسيكون أمام نجوم الأخضر بقيادة رينارد مهمة صعبة للعودة من جاكرتا بالنقاط الثلاث التي ستضمن لمنتخبنا بقاء حظوظه عالية في التأهل المباشر قبل استئناف التصفيات بعد 4 أشهر بمواجهة المنتخب الصيني سيكون الأخضر خلالها قد التقط أنفاسه ورتب أوراقه وجهز صفوفه، وسيستفيد رينارد خلال هذه الفترة بالتأكيد من كأس الخليج التي ستقام الشهر المقبل لمحاولة إصلاح ما أفسده مانشيني!.  

المكتسبات التي خرج بها الأخضر من مواجهة أستراليا كثيرة، وتتجاوز مسألة النقطة التي عاد بها من ستاد ملبورن؛ وأهم هذه المكتسبات هي عودة روح وقتالية نجومه، واستعادة ثقة الشارع الرياضي بقدرته على تحقيق الطموحات بإذن الله، فحمدًا لله على سلامة الأخضر الذي نتمنى له أن يستمر بالتعافي والتشافي، وأن يؤكد بدءًا من مباراة بعد غد أمام المنتخب الإندونيسي أنَّ الصقر السعودي عاد ليحلق من جديد، وليثبت لكل مشجع إندونيسي طموح أنَّ كرة القدم المليئة بالمتغيرات لا يمكن لها أن تخلو من الثوابت!.